يعرف نبات القنب في اللغة التركية باسم "كندير" (kendir)، ويطلق هذا الاسم أيضاً على الألياف المصنوعة منه.
تستخدم ألياف وبذور نبات القنب لصنع مجموعة متنوعة من المنتجات المختلفة في جميع أنحاء العالم. في حين يعتبر هذا النبات محظوراً في العديد من البلدان بسبب استخدامه كمخدرات. ومهما يكن، فقد دخلت ألياف القنب عالم الصناعة وتمكنت من المشاركة في إنتاج العديد من المواد، بما في ذلك بعض منتجات الغزل والنسيج والمعدات البحرية ومستحضرات التجميل وإطارات السيارات والصابون والسليلوز.
وقد ازدهرت زراعة هذا النبات في العصر العثماني.
زراعة القنب:
زرع القنب لأول مرة في المناطق المعتدلة حرارياً في شرق آسيا. ثم انتشرت زراعته إلى غرب آسيا والأناضول ومصر وأوروبا. وزرع لأول مرة في الولايات المتحدة في القرن السابع عشر. وقد شكلت أليافه مادةً خام أساسية في صناعة الخيوط والغزول والحبال والكابلات.
معظم التجهيزات التي كانت البحرية العثمانية في حاجة إليها، من الحبال والأسلاك المغزولة والكبلات الغليظة، كانت تصنع من ألياف القنب الذي انتشرت زراعته في ذلك الوقت، في منطقة البحر الأسود.
كانت زراعة القنب واسعة النطاق في ولايات" صامسون" و"سينوب" و"قسطموني" و"أماسيا" و"جوروم" و"توكات" و"يوزغات" و"أوردو" و"بوردو" و"أورفا" و"مالاطيا" وغيرها.
وكانت تتم معالجة القنب وتحويله إلى منتجات مختلفة، حيث كان السكان المحليون في بعض الولايات يبيعون جزءاً المحاصيل ويستخدمون الباقي لصناعة المنتجات اليدوية مثل النسيج والخيوط والحبال والأكياس.
بدأت الورش الصناعية العائلية الصغيرة في الانتشار الواسع في مناطق زراعة وإنتاج القنب، وكانت ولاية قسطموني والمناطق المحيطة بها بمثابة بيئة خصبة وملائمة لزراعة هذا النبات. وقد تم لاحقاً زراعة الكثير منه في الحقول المحيطة بنهر"غوك". وكانت تلك المناطق آنذاك، حقولاً هامة لزراعة وتجهيز وتصدير القنب المعدِّ للصناعة الذي استمر إنتاجه حتى نهاية الإمبراطورية العثمانية.
في أحد أماكن بيع منتجات القنب وأليافه " وكان حرفيو القنب يعملون في المنطقة المجاورة كان هناك نزلاً يسمى "نزل ألياف القنب. وكان يتم تصدير منتجات القنب التي تشتريها البحرية العثمانية من ولاية قسطموني وما حولها، عبر ميناء "إينيبولو"، على البحر الأسود.
البحر الأسود.. مركز زراعة القنب:
عام 1520، تم إنتاج حوالي 90.981 كيلوغرام من القنب في مدينة "طاشكوبرو"؛ وبلغ الإنتاج حوالي 20.484 كيلو غراماً في "توكات" والأماكن المجاورة عام 1574. في حين بلغ الإنتاج 345.794 كيلوغراماً في "طرابزون" في 1554. وقد أنتج المزارعون حوالي 349.858 كيلوغراماً من القنب في "أقجة أباد" في 1554.
وكانت منطقة "صامسون" أيضا واحدة من أهم مراكز الإنتاج. وقد ذكر الرحالة العثماني "أوليا جلبي" اشتغال الناس فيها بالقنب وأليافه.
وقد وصلت نسبة إنتاج القنب وحده إلى ما يقرب من 10 في المئة من الإنتاج الزراعي في المنطقة. وكانت الدولة العثمانية تحصل على القنب اللازم لاحتياجاتها في بعض المناطق مثل "صامسون" والأماكن القريبة باعتباره شكلاً من أشكال الضرائب الحكومية بدل العملة المالية. وهناك ما يقرب من 5612 منزلا في المنطقة دفعوا حوالي 1600 كيلوغرام من القنب للدولة كضريبة. وقد كان يتم إرسال نبات القنب ومنتجاته عبر ميناء "صامسون".
منتجات القنب:
القنب نبات يتطلب الكثير من العمل المتعب بعد الحصاد. فبعد نزع الألياف من الجذع، تبدأ عملية الفصل عن طريق التكسير. يتم تكسير الألياف المفصولة عن السيقان بالمطاحن الخشبية على حجر مسطح. ثم تبدأ مرحلة التصنيع بعد تمشيط الألياف.
في زمن الخلافة العثمانية، كانت المنتجات التالية تصنع من القنب المعالج:
الخيوط المضفورة: وهي واحدة من أدق وأرفع المنتجات التي تم الحصول عليها من القنب. وكانت تنتج خصوصاً في "ريزة" والمناطق المجاورة، وكانت إحدى الوسائل الهامة لكسب العيش في المنطقة. وقد استخدمت في صناعة الفساتين الصيفية، وبياضات الأسرّة، والشراشف والحجابات. وكانت تستخدم أيضا لإنتاج المظلات، وشباك صيد السمك، والأكياس، واستخدمت الأقمشة المنسوجة من هذه السلاسل في صناعة السجاد اليدوي، والخيام.
الحبال: وكان يتم إنتاجها على هيئة أغلظ من الخيوط المضفورة.
الكابلات المغزولة: كانت المنتج الأكثر استخدامًا من منتجات القنب، وقد استخدمت في تعبئة البضائع والربط. وكانت تنتج بأحجام وأطوال تناسب العملاء أو طلبات البيع، وفق المعايير القياسية. وكان يتم الكشف عن الصناع والحرفيين الذين كانوا ينتجون كابلات تالفة على مرأىً من عموم الناس، كي يعرفهم المشترون فيتجنبوا التعامل معهم، في خطوة تعكس رقابة الدولة على جودة منتجات القنب.
الحبال الشديدة الغلظة أو الأسلاك المجدولة: وهي أثخن من خيوط الكابلات وكانت تستخدم على متن السفن.