حكاية شعار الرئاسة التركية ومعنى النجوم الموجودة بداخله
- عامر سليمان, إسطنبول
- Dec 18, 2018
بعد تحول تركيا فعلياً إلى النظام الرئاسي في الحكم عقب الانتخابات الماضية صدر قرار بتغيير شعارات الوزارات والمؤسسات الحكومية لتتناسب مع شعار رئاسة الجمهورية التركية.
ووضعت دائرة الاتصال برئاسة الجمهورية خطة لتغيير شعارات 16 وزارة وتم نشر الشعارات الجديدة يوم السبت الماضي. وبدأ الحديث مجدداً عن شعار رئاسة الجمهورية وحكاية تصميمه ودلالة النجوم الـ16 التي يحويها.
شكل الشعار:
الشعار كما يصفه الموقع الرسمي للرئاسة التركية هو شكل دائري تتوسطه الشمس، وتشعّ منها 8 شعاعات طويلة و8 شعاعات قصيرة، مع 16 نجمة مصفوفة في محيطها.
وقد رُتِّبت النجوم في الرمز محيطةً بالشمس بشكل دائري وبمسافات متساوية من مركزها. وتبعد النجمة عن الأخرى بدرجة قدرها 22،5، ويواجه أحد رؤوس كل نجمة من النجوم الـ16 مركز الشمس.
تصميم واعتماد الشعار:
في السنوات الأولى التي تلت تأسيس الجمهورية التركية وبالتحديد عام 1925 وأثناء قيام الدولة بتجهيز مراسم استقبال رئيس دولة أجنبية لاحظ القائمون على ترتيب المراسم وجود رايات وأعلام تحوي شعارا يمثل مؤسسة الرئاسة في البلد الضيف. تم رفع الأمر إلى رئيس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك الذي أصدر أوامره إلى قائد المصنِّع المسؤول عن تصميم وتصنيع الزي العسكري، بتصميم شعار للرئاسة التركية على الفور والانتهاء منه قبل زيارة الرئيس الضيف.
أرسل قائد المصنع إلى كبير الرسامين في المطبعة البحرية "حسين حسني تنغوز" الذي أتم تصميم الشعار في يوم واحد وأرسله إلى قائد مصنع الزي العسكري.
تم عرض الشعار الجديد على أتاتورك فأعجب به وأمر بتنفيذه على الفور كما أمر بمكافأة قائد مصنع الزي العسكري. إلا أن أحداً لم يذكر اسم مصمم الشعار "حسني تنغوز" ولم يعلم أحد به وقتها حتى وفاته. إلى أن أعلن ذلك حفيده. وعام 2014 نشرت الرئاسة التركية كتاباً يضم "ألبوم أعمال فنية خاصة بالرئاسة التركية" وذكرت فيه حكاية تصميم الشعار ومصممه. وحتى ذلك التاريخ لم تكن هناك أي وثيقة رسمية بالدولة تشير إلى موضوع تصميم الشعار.
وكان الشعار الذي صممه تنغوز عبارة عن شمس يخرج منها 20 شعاعاً ويحيط بها 16 نجمة.
وتم اعتماده شعاراً رسميا للرئاسة التركية بموجب القانون الصادر في 22 أكتوبر/ تشرين أول عام 1925 واستمر العمل به حتى عام 1978 حين تم تعديل الشعار وأصبح عبارة عن شمس يخرج منها 16 شعاعاً (بدلا من 20 ) ويحيط بها 16 نجمة.
أتاتورك هو من صمم الشعار:
يذكر البعض أن مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك هو من صمم الشعار بنفسه، وأنه استخدمه قبل حتى إعلان الجمهورية التركية. وهناك صورة بمتحف ضريح أتاتورك لصورة تشبه الشعار الحالي لرئاسة الجمهورية بتاريخ 1922 ومكتوب تحتها أن أتاتورك علق هذا الشعار على سيارته أثناء ذهابه إلى إزمير عام 1922.
معنى الشعار:
منذ اعتماد شعار الرئاسة التركية عام 1925 حتى عام 1969 لم يكن هناك أي وثائق رسمية أو أي مصادر تتحدث عن معنى الرموز التي يحويها شعار الرئاسة كما لم تكن هناك وثائق تتحدث عن حكاية تصميمه.
وهناك رواية تقول إن الشمس ترمز إلى أبدية بقاء الدولة التركية.
عام 1969 نشر "آكيب أوزبك" وكان نقيباً بالجيش كتاباً بعنوان "شعار رئاسة الجمهورية وماذا يعني" ذكر فيه أن النجوم الـ16 التي يحويها الشعار ترمز إلى 16 دولة وإمبراطورية أسسها الأتراك على مدى تاريخهم. هذه الدول والإمبراطوريات هي:
الإمبراطورية العثمانية، والإمبراطورية التيمورية، والإمبراطورية السلجوقية الكبرى، وإمبراطورية الآق هون، وإمبراطورية الهون في أوروبا، وإمبراطورية الهون الغربية، وإمبراطورية الهون العظمى، وإمبراطورية الكوك تورك، وإمبراطورية بابور في الهند، و إمبراطورية الخزر، والدولة الأيغورية، وإمبراطورية الآفار، والدولة الخوارزمية، والدولة الغزنوية، ودولة صامان أوغوللاري، والدولة القراخانية.
ولاقت هذه الرواية قبولاً لدى عامة الشعب واعتمدتها المؤسسات الرسمية. غير أنه لم يعد في هذه الأيام يذكر دولة صامان أوغوللاري بين الدول الـ16 المذكورة وحل محلها دولة القبيلة الذهبية (ألتين أوردو).
وهناك رواية أخرى تقول إن النجوم الستة عشر تشير إلى عدد الشُرابات التي كانت تتدلى من رايات الدول والعشائر التركية القديمة. فكان أتراك وسط أسيا يرفعون رايات بها 9 شُرابات وأتراك الأناضول يرفعون رايات تتدلى منها 7 شُرابات.
إلا أن الرواية الأولى هي الأشهر تداولاً رغم أنه لا توجد أي وثائق رسمية أو مصادر تاريخية تؤيد صحة أي من الروايتين.
ويقول الكثير من المؤرخين المعاصرين إن تفسير النجوم على أنها رمز للدول والإمبراطوريات التركية غير صحيح، معللين ذلك بأن عدد الدول والإمبراطوريات التي أسسها الأتراك على مدار تاريخهم أكثر بكثير من 16 (100 على أقل تقدير). كما أنه من غير المنطقي أن يتم الحديث عن الدول والإمبراطوريات التركية ويتم إغفال دولة سلاجقة الأناضول التي تُعد الدولة العثمانية امتداداً لها. كما أنه من غير المنطقي أن يختار أحدهم 16 دولة تركية ويغفل أول دولة تركية مسلمة ( الصقالبة البلغار). في حين يتم ذكر دولة أخرى مؤسسوها هم المغول وليس الأتراك (دولة القبيلة الذهبية).