ختم القرآن الكريم.. شفاء لأرواح المنكوبين في حنوب تركيا
- وكالة الأناضول للأنباء, غازي عنتاب
- Mar 27, 2023
الزلازل التي ضربت جنوب تركيا أصابت قلوب الناس وأحزنتهم بشدة، وباتوا يبحثون عن طرق للتعافي من آثار الصدمة وفقد الأحباب والأموال، فوجدوا ما يرنون إليه في المساجد مع حلول شهر رمضان المبارك، وفي آيات القرآن الكريم.
تتميز تركيا بعادات روحانية رمضانية عديدة، منها "المقابلة" وهي ختمة قرآنية جماعية تتم بشكل جهري في كل جوامع ومساجد البلاد تقريبا وكذلك في البيوت بمشاركة مختلف الأعمار.
ومع حلول شهر رمضان حرص المسؤولون على أن يتمكن الناس من إقامة شعائرهم الدينية جرى الاهتمام بإجراء "المقابلة"، لكي يختم الصائمون قراءة القرآن.
** أوقات للرجال والنساء
وخصصت سلطات المخيمات أوقاتا محددة لإجراء "المقابلة"، فتم اختيار وقت صلاة الفجر للرجال في جامع مخيم "إصلاحية" للبيوت الجاهزة (يتم وضعها لإيواء المتضررين)، وفي ساعات الصباح للنساء، حيث يتم تلاوة القرآن ومتابعتها من قبل الصائمين.
وأجرت رئاسة شؤون الديانة التركية استعداداتها في هذا الصدد وكثفت العمل عبر موظفيها ومتطوعيها للعمل في المساجد لتوفير الأجواء الرمضانية، فالمقابلة حاضرة في كل جامع ومسجد وبناء وحي.
ومع ساعات الصباح يحضر الصائمون إلى مسجد المخيم، ليتموا صلاتهم بداية، وبعدها يبدؤون بمتابعة القارئ في تلاوته حتى إتمامها، وكل يوم يتم تلاوة جزء حتى ختم القرآن بنهاية رمضان.
و"المقابلة" عادة مستمرة منذ زمن العثمانيين، ولها جذور قديمة تمتد إلى زمن الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، حين كان يتلو القراء والحافظون من صحابته القرآن فيتأثر به الرسول والسامعون.
** تاريخ المقابلة
عادةً ما تقام المقابلة في الجوامع والمساجد، ويجتمع عليها المصلون والصائمون قبل صلاة الجماعة، وتبدأ من قبل شهر رمضان المبارك وتستمر حتى نهايته.
تسود فيها روحانيات من حيث التلاوة عبر قراء وحفاظ بأصوات عذبة جميلة، ومتابعتها من المتواجدين بشكل شفوي ما يجعل أجواءها الجماعية مميزة ومحبوبة.
"المقابلة" هي أن يقرأ شخص وهو الحافظ أو القارئ آيات من القرآن الكريم بصوت مسموع، سواء إن كان حفظا أو مباشرة من المصحف، وينصت الحاضرين إلى الآيات ويتلونها من المصاحف بصوت خفيض.
وتبدأ تلاوة "المقابلة" في عدد من الدول الإسلامية ومنها تركيا في الأشهر الثلاثة الفضيلة، وهي رجب وشعبان ورمضان، وتتم تلاوة الجزء الواحد من قبل قارئ واحد أو عدة قراء يتناوبون عليه.
وتتم التلاوة بسرعة متوسطة، ما يتيح للحضور متابعة القراءة من المصاحف شفويا بصوت خفيض خفي، وهو ما يعتبر أكثر روحانية وقبولا.
وعادة "المقابلة" تعود إلى زمن الرسول محمد صلَّ الله عليه وسلم، حيث عُرِف أنه حين كان يقرأ أصحابه القرآن بصوت عذب كانت تنهال عبراته تأثرا بكلام الله.
و"المقابلة" تراث ديني متواتر، وفي التاريخ العثماني يُعرف عن السلطان سليم الثالث أنه كان يجريها في جامع "السلطان أيوب"، الذي يستضيف قبر الصحابي أبو أيوب الأنصاري، وكذلك في متحف "قصر توب قابي" حين كان قصرا للسلاطين.
وفي زمن العثمانيين جرت العادة أن يُقرأ جزء على الأقل من القرآن قبل الصلوات الجماعية، وتتم التلاوة بسرعة متوسطة، ما يتيح للحضور متابعة القراءة من المصاحف شفويا بصوت خفيض، وهو ما يعتبر أكثر روحانية وقبولا.
** تخفيف الآلام
إمام مسجد مخيم إصلاحية علي آيدن تحدث للأناضول عن أجواء المقابلة بقوله: "بعد فترة الإمساك تبدأ مرحلة قراءة الصلوات على النبي محمد عليه السلام، وبعدها يتم رفع الآذان والصلاة".
وأضاف: "عقبها تبدأ المقابلة في مسجد مخيم إصلاحية للبيوت الجاهزة مع حضور المصلين وتستمر كل يوم حتى نهاية الشهر، والنساء أيضا يجرين المقابلة عند الساعة العاشرة صباحا وبعدها يكون فترة للحديث الديني معهن".
وأكد آيدن أهمية المقابلة للصائمين في رمضان بتركيا، قائلا: "إنها ميراث من قبل الرسول (ص) طبقها وتركها لنا، وهي مهمة جدا وشهر رمضان مختلف عن بقية الشهور لدى المسلمين في العالم".
وأردف: "في رمضان نحاول أن نستمر في هذه السنة النبوية، الأجواء جميلة مع الاستماع للقرآن وخاصة في حال كان صوت القارئ عذبا ويحاول الجميع قضاء وقت روحاني في هذه الأجواء".
وختم مشددا على أهمية تلاوة القرآن للتعافي الروحي بالقول: "نأمل ان يكون هذا الإجراء شفاء للروح، ونشكر الدولة التي وفرت الإمكانيات لنا وكل يوم تخف الآلام قليلا، ونحاول قدر الإمكان أن نعيش أجواء الشهر الكريم".
وفي 6 فبراير/ شباط الماضي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا زلزالان بقوة 7.7 و7.6 درجات، وتبعتهما آلاف الهزات الارتدادية، خلفا خسائر هائلة في الأرواح والممتلكات.