المدرسة الرشدية في الكرك الأردنية.. صرح تعليمي لإرث عثماني

(الأناضول)

على تلة وسط مدينة الكرك جنوبي الأردن، تقف المدرسة الرشدية شامخة بأحجارها القديمة وببنائها الذي مضى عليه 123 عاماً، والذي يروي عمق الحضارة وأصالتها، وحرص أهل المدينة على العلم والمعرفة.

وتعتبر المدرسة الرشدية من المدارس القلائل التي شيدت في العهد العثماني، وما زالت معالمها شاخصة حتى الآن، لتكون الشاهد على الذاكرة التعليمية الفريدة والتاريخ العميق للمنطقة.

وتأسست المدرسة عام 1899، وتنسب المدارس الرشدية إلى الطالب الرشيد وتشير إلى المرحلة التعليمية المتوسطة، وبنيت جميعها في عهد السلطان عبد المجيد بعد عام 1850، لكنها انتشرت في أماكن واسعة بالشرق الأوسط بعهد السلطان عبد الحميد الثاني.

وتتألف المدرسة من 14 غرفة صفية، وغرفة للمعلمين وإدارة للمدرسة وتتوزع على طابقين وتبلغ مساحتها الإجمالية نحو 2500 مترا مربعا ويقتصر التعليم فيها على طلبة المرحلة الثانوية وعددهم 230 طالبا.

ويدلّل على عراقة المدرسة شعار السلالة العثمانية، إضافة إلى سجل زيارات يعود للعام 1922 وختم حديدي نقش عليه "مدرسة الكرك" باللغة العربية.

واستثمر في بناء المدرسة أسلوب نوعي لتشغيل الموارد الطبيعية في البيئة، ودوران الأرض مع الشمس، إذ أن نوافذها تتيح دخول الضوء إلى المدرسة فقط وليس الأشعة الضارة، وذلك لضمان استمرار عملية التعليم فيها في كل الأوقات.

وقال مدير المدرسة صلاح الشمايلة إنها "تعتبر أم المدارس في الأردن والكرك بشكل خاص، وبنيت في العهد العثماني بجهد مجتمعي وشعبي، وكانت تحتوي على المرحلتين الأساسية والرشدية".

وأضاف: "هذه المدرسة سبقت قيام الدولة الأردنية بفترة لا تقل عن 30 عاما، وقدمت للوطن قيادات ساهمت في بناء الدولة الأردنية على مختلف الصعد، السياسية والعسكرية حتى الفنية".

وتابع: "تحتوي على 14 غرفة صفية ومختبرات الحاسوب والعلوم والمكتبة، ويوجد فيها 50 ألف وثيقة تم أرشفة 4500 منها بالتعاون مع المركز الملكي للتوثيق ووزارة التربية والتعليم".

وأردف: "تحتوي المدرسة على سجل الزيارات منذ تأسيس الإمارة عام 1922 ولغاية الآن، ويوجد فيها ختم الإمارة وهو في عهدة المدرسة".

من جانبه، قال مسؤول الأرشيف بالمدرسة نزار المجالي إن المدرسة تضم جدارية أرشيفية تعود لمئة عام، وتوثق بأن 5 رؤساء حكومات أردنيين كانوا معلمين أو طلاباً فيها.

ومن أبرزهم: "هزاع المجالي، ووصفي التل، وبهجت التلهوني، وعبد السلام المجالي، ومضر بدران".

وذكر مدير معهد يونس إمرة التركي بالأردن جنكيز إر أوغلو أن المدرسة الرشدية بالكرك من أقدم المدارس بالمنطقة وبنيت في عهد الدولة العثمانية لكن تختلف عن الأخريات بأسلوبها البنائي الفريد.

وأضاف: "صلابة البناء تؤكد حرصا تاريخيا على ضمان وأهمية استمرار العملية التعليمية، وهي بصورتها الحالية مهيئة للتدريس لعقود طويلة رغم التأكيد على ضرورة صيانتها الدورية".

وأشار إلى أن مدرسة الكرك هي المدرسة الرشدية الثانية بالأردن، إضافة إلى أخرى موجودة في محافظة إربد شمالي المملكة.

وأوضح إر أوغلو أن "مدرسة الكرك هي أول مدرسة يشارك الشعب في بنائها مع الحكومة في ذلك الوقت، وهو ما يشير لمستوى التنسيق والتوافق واهتمام الحكومة بالتعليم في المنطقة".

ووافقت منظمة العالم الإسلامي للتربية والثقافة والعلوم أيسيسكو على إدراج المدرسة على القائمة الرئيسية لمواقع التراث في العالم الإسلامي، حيث سيتم في الـ25 من الشهر الجاري إقامة احتفالية رسمية بهذه المناسبة.

وقال أستاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة الحكومية والعضو السابق في مجلس محافظة الكرك حسين محادين: "إن هذا القرار يمثل توكيدا مضافا على قيمة وأدوار المدرسة التعليمية والتنموية، استنادا إلى ريادة بنائها في العهد العثماني، واستمرار دعمها من قبل الدولة الأردنية".

وتوجد بالأردن 15 مدرسة تعد هي الأقدم تاريخيا بالبلاد، وتتوزع على مختلف محافظات المملكة ويتراوح تاريخ إنشاؤها بين 1899 و1923، إلا أن المدرستين الرشدية في إربد والكرك هما الأقدم إضافة إلى مدرسة وادي السير بالعاصمة عمان.

وكان الأردن تابعا للدولة العثمانية من عام 1516 إلى 1918، وتكون من مقاطعات تتبع حينها لولاية دمشق.

Bu web sitesinde çerezler kullanılmaktadır.

İnternet sitemizin düzgün çalışması, kişiselleştirilmiş reklam deneyimi, internet sitemizi optimize edebilmemiz, ziyaret tercihlerinizi hatırlayabilmemiz için veri politikasındaki amaçlarla sınırlı ve mevzuata uygun şekilde çerez konumlandırmaktayız.

"Tamam" ı tıklayarak, çerezlerin yerleştirilmesine izin vermektesiniz.