مخاوف وتحذيرات من تجدد انتشار مرض "الكوليرا" عالمياً

وكالة الأناضول للأنباء
إسطنبول
نشر في 12.10.2022 14:05
رجل يحمل طفلاً تظهر عليه أعراض الكوليرا أثناء تلقيه العلاج في عيادة تديرها منظمة أطباء بلا حدود في  بلدة سيتي سولاي، هايتي، 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2022 AFP رجل يحمل طفلاً تظهر عليه أعراض الكوليرا أثناء تلقيه العلاج في عيادة تديرها منظمة أطباء بلا حدود في بلدة سيتي سولاي، هايتي، 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2022 (AFP)

تتنامى المخاوف من تسارع رقعة انتشار مرض الكوليرا عالمياً، لاسيما مع ظهور بؤر جديدة له في سوريا، حيث أطلقت منظمة الصحة العالمية تحذيرات من إمكانية استيطانه وتحوله إلى وباء، فيما حذرت منظمة "يونيسف" من تزايد الإصابات في إفريقيا.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، رصدها أكثر من 10 آلاف حالة إصابة بالكوليرا في سوريا خلال 6 أسابيع فقط ، في أنحاء متفرقة من البلاد.

"يونيسف" تحذر

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" أظهرت مخاوفها من زيادة عدد الإصابات بالكوليرا على خلفية موجة الجفاف التي مرت بها عدد من الدول الإفريقية العام الجاري، وتدني الأوضاع المعيشية في المناطق التي تعاني من ويلات الفقر والصراع.

وقالت المنظمة في تقرير نشرته في أغسطس/آب الماضي، إن عدد المتضررين من الجفاف في إثيوبيا وكينيا والصومال ممن لا يحصلون على مياه صالحة للشرب ارتفع في غضون 5 أشهر بنسبة 70 بالمئة ليصل إلى 16.2 مليون شخص بين فبراير/شباط ويوليو/تموز الماضيين.

وأوضح التقرير أن هذا الارتفاع يعرض الأطفال وعائلاتهم لخطر الإصابة بأمراض مثل الكوليرا والإسهال "بصورة متزايدة".

وينتقل مرض الكوليرا عن طريق المياه، ويسبب إسهالا حادا يهدد الحياة، خصوصا إذا لم يخضع المريض للعلاج، ويتعرّض الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات ويعانون من سوء التغذية لخطر الإصابة بمرض الكوليرا بشكل خاص.

انتشار أكثر فتكا

فيليب باربوزا، رئيس فريق مكافحة الكوليرا وأمراض الإسهال الوبائي التابع لمنظمة الصحة العالمية، قال إن العام الجاري شهد انتشارا "أكثر فتكا" لمرض الكوليرا، وذلك بعد نحو 5 سنوات من إعلان المنظمة أن الكوليرا في اليمن عام 2017 كان "الأسوأ في التاريخ".

وشهد اليمن تفشياً لمرض الكوليرا جراء ويلات الحرب التي تشهدها البلاد منذ سبتمبر/ أيلول 2014، حيث سجل بحلول منتصف 2021، أكثر من 2.5 مليون إصابة بالمرض وأكثر من 4 آلاف وفاة.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أفاد باربوزا بوجود "زيادة مقلقة" في تفشي المرض في جميع أنحاء العالم، مشيراً أنه خلال أول 9 أشهر من العام الجاري فقط، أبلغت 26 دولة عن تفشي الكوليرا فيها، مع ظهور ارتفاع في معدل الوفيات.

وأضاف في تصريحات نقلها بيان للأمم المتحدة: "لم نشهد هذا العام مزيدا من التفشي فحسب، بل كان أكبر وأكثر فتكا"، موضحاً أن معدل الوفيات المبلغ عنه في العام 2021 ارتفع بنحو 3 أضعاف، مقارنة بمتوسط الأعوام الخمسة السابقة.

وتظهر تصريحات المسؤول الأممي أن الكوليرا لا يهدد الشرق الأوسط فحسب، بل بات يهدد بشكل عام المناطق التي تعاني من فقر وصراعات ومظاهر تغير المناخ مثل الأعاصير والجفاف والفيضانات، حيث تقل إمكانية الوصول إلى المياه النظيفة.

استيطان محتمل للمرض في سوريا

وقبل نحو شهر، بدأ انتشار الكوليرا في مناطق سيطرة النظام السوري، ليمتد لاحقاً إلى خارجها، في مناطق الشمال السوري.

وأوضحت وزارة الصحة التابعة للنظام السوري، نهاية سبتمبر الماضي، أن عدد الإصابات المؤكدة بالكوليرا بلغ 338، فيما وصل عدد الوفيات إلى 29 حالة.

في حين أن بيانات منظمة الصحة العالمية المعلنة في 5 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، كشفت أن عدد الإصابات بالكوليرا في سوريا بلغ أكثر من 10 آلاف حالة.

في السياق، حذر محمد سالم، مدير برنامج اللقاح بوحدة التنسيق والدعم، من تحول الكوليرا إلى "مرض مستوطن" في سوريا، لافتاً إلى وجود مخاوف من انتقاله إلى بلدان مجاورة.

وقال سالم، في تصريح لوكالة الأناضول، إنه "في حال استمرار اكتشاف إصابات جديدة لمدة 3 سنوات، فسيتحول الكوليرا إلى مرض مستوطن، في ظل انهيار البنية التحتية وشح المياه وتلوثها".

وأضاف سالم أن المرض وصل حاليا إلى المناطق الخارجة عن سيطرة النظام شمالي سوريا.

وكانت منظمة "منسقو استجابة سوريا" أصدرت في 2 أكتوبر الجاري، بياناً حذّرت فيه من "تسجيل حالات إضافية ضمن المخيمات المنتشرة شمالي سوريا، وتحوّلها إلى بؤرة كبيرة للوباء يصعب السيطرة عليها".

وطالبت المنظمة الوكالات الدولية "ببذل المزيد من الجهد لدعم القطاع الذي قد يتهاوى تحت الضغط الإضافي الذي سببه تسجيل الإصابات بالكوليرا".

وأرجعت المنظمة احتمالية تفشي المرض وخروجه عن السيطرة إلى "هشاشة البنية التحتية من ناحية المياه الصالحة للشرب، وكمية المياه المخصصة للفرد، وإجراءات الأمن والسلامة للحصول على الماء".

يشار إلى أن العدد المذكور للإصابات والوفيات هو "الأكبر" منذ عقود في سوريا، التي كانت ضمن البلدان الخالية من هذا المرض.

الكوليرا يتسلل إلى لبنان

وليس بعيداً عن سوريا، بدأ الكوليرا يتسلل إلى لبنان، حيث أعلنت وزارة الصحة، الخميس الماضي، تسجيل أول إصابة بمرض الكوليرا في البلاد منذ عام 1993، مبينة أن الإصابة سجلت بمحافظة عكار شمالي البلاد، ومشيرة أن حالة المريض "مستقرة" وأنه يتلقى العلاج في المستشفى.

إلا أن عدد الإصابات ارتفع بوتيرة سريعة خلال أيام، وكشفت وسائل إعلام لبنانية، الاثنين، نقلا عن مسؤولين، ارتفاع عدد الإصابات بالكوليرا خلال ثلاثة أيام إلى 14.

وعلى إثر ذلك، شرعت وزارتي الصحة والتعليم بتوزيع منشورات توعوية بشأن الوباء، إضافة إلى استنفار المستشفيات لمواجهة المرض حال انتشاره.

إصابات في العراق

العراق هو الآخر تسلسل المرض إليه قبل لبنان، حيث أعلنت وزارة الصحة العراقية، في يوليو/ تموز الماضي، رصد 309 إصابات بالكوليرا خلال نحو شهر، توفى منها 3 حالات.

ولم تكشف السلطات العراقية خلال الفترات اللاحقة لهذا الإعلان عن أي تفاصيل إضافية بشأن وضع مرض الكوليرا في البلاد.

وكان العراق قد شهد في عام 2015 أكبر موجة وبائية لتفشي الكوليرا، تركّزت في بغداد وبابل (جنوب)، وخلّفت نحو 1809 إصابات مؤكدة و65 حالة وفاة.

تفشٍ جديد في مالاوي

بينما تسبب انتشار الكوليرا في مالاوي بوفاة نحو 117 شخصاً، منذ تسجيل أول إصابة في 3 مارس/ آذار الماضي.

ووفقاً لتقرير صادر عن وزارة الصحة، استمرت الحالات في الارتفاع طردياً، ووصلت حتى أكتوبر إلى 4 آلاف و223 حالة في 23 منطقة من أصل 28، ومعدل الوفيات بلغ 2.8 %، ما يعني أن المرض يتسبب في وفاة شخصين من بين كل 100 مريض.

ومطلع الشهر الجاري، قالت وزيرة الصحة كومبيزيه خومبيز تشيبوندا، في تصريحات صحفية، إن العوامل الرئيسية المرتبطة بتفشي الكوليرا تتمحور حول "سوء نظافة الأغذية ونقص المياه الصالحة للشرب وانخفاض عدد المراحيض وقلة استخدامها".

يشار إلى أن معظم سكان القرن الإفريقي يعتمدون على المياه التي يقدمها الباعة على شاحنات أو عربات تجرها دواب، حيث لم تعد العديد من الأسر قادرة على تحمّل تكاليف المياه في المناطق الأكثر تضررا من الجفاف، وفقا لمنظمة "يونيسف".