كيف تأقلم المجتمع العربي في تركيا مع نمط الحياة في الحجر المنزلي؟
- وكالة الأناضول للأنباء, إسطنبول
- Apr 22, 2020
يكافح المهاجرون العرب الذين يعيشون في تركيا مثل كل الناس للتكيف مع نمط الحياة الجديد الذي فرضه تفشي الوباء العالمي. وهم يخضعون كما الشعب التركي لعزلة ذاتية في بيوتهم أبعدتهم عن روتين حياتهم الصاخب والمزدحم. ولكن الإغلاق والحجر المنزلي أصبح بالنسبة إلى الكثيرين منهم نعمةً تستحق الشكر والامتنان بسبب الوقت العائلي الذي سمح لهم بإعادة اكتشاف العلاقات الاجتماعية البينية.
لقد أثبتت الحالة غير المسبوقة التي جعلت العالم يتوقف فجأة عن كل فعالياته وأنشطته، أن هذا الوقت ثمين ويمكن استثماره في الكثير من الانجازات التي طالما حلمنا بتحقيقها، لكن عجلة الحياة المستمرة كانت تعوقنا. كما يمكن أن نستفيد من هذه الفرصة بالتخلص ولو مؤقتاً من مشاعر الغضب والإحباط والتوتر المرافقة للروتين اليومي وأن نجنح إلى التأمل والهدوء.
"أحمد إسماعيل أوغلو"، أستاذ عربي مساعد في جامعة "حجي بيرم ولي" في أنقرة، جعلته فترة الإغلاق يقضي المزيد من الوقت مع عائلته ويعيد اكتشاف وترتيب العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة. وحول هذا الموضوع تحدث قائلاً: "لقد صارت العائلات بسبب هذه الأزمة تجلس معاً وتعيش معاً من جديد".
وأضاف البرفيسور "إسماعيل أوغلو" أنه وجد في هذا الوقت فرصة للخروج من التقصير والتراكم الذي كان يعانيه بسبب انشغاله الشديد، وأنه يقوم الآن بإنجاز الدراسات والأبحاث التي أرجأها بسبب جدول أعماله المزدحم. وقال: "لقد جعلني ذلك أرى الجانب الإيجابي لوسائل الإعلام الرقمية، وأستفيد منها بالتواصل والبحث والتعليم عبر الإنترنت".
وفي تعليقه على إغلاق معظم جوانب الحياة قال الطالب المصري "عاصم منصور"، إن الحياة في تركيا توقفت كما في معظم دول العالم ولكن الجوانب الخدمية لا تزال مستمرة.
وأضاف:"منذ تفشي المرض، لا أخرج إلا للضرورات القصوى وبالتأكيد لا أغادر دون ارتداء قناع واق".
وأوضح "منصور" أن الشعوب العربية اعتادت إظهار المودة عن طريق المصافحة وتلامس الوجوه، لكن وباء كوفيد-19 أجبر الناس على التخلي عن هذه الممارسة، كما فعل مع العديد من العادات الأخرى.
وقال: "لقد تخلينا عن هذه الممارسات، ونحاول أن نترك مسافة متر واحد على الأقل بيننا وبين الآخرين عندما نكون بالخارج". كما يحرص "منصور" عند عودته إلى المنزل على عدم لمس أي شيء حتى يقوم بتغيير ملابسه وتعقيم يديه ووجهه.
ويشيد الكثير من العرب المقيمين في تركيا إشادةً عظيمة بالتدابير التي اتخذتها الحكومة التركية لمنع انتشار الوباء.
ويرى "أحمد سلامة" وهو عربي مقيم في أنقرة، أن العامل الرئيسي في السيطرة على الوباء وانخفاض أعداد المصابين به في تركيا، يعود بالدرجة الأولى إلى اتخاذ الحكومة التدابير المهنية في التعامل مع الأزمة، إضافة إلى القرارات الواضحة والصريحة لكل من الرئيس التركي ووزير الصحة اللذين يتعاملان مع الأزمة باحترافية وخبرة ونبرة صارمة ومريحة في نفس الوقت.
وأشار "سلامة" إلى أن نموذج الاكتفاء الذاتي في البلاد، وتصنيع الأقنعة الطبية محلياً، إلى جانب معدات النظافة والتعقيم أمر رائع. كما تتوافر المواد الغذائية في الأسواق دون أي نقص على عكس ما جرى في أجزاء كبيرة من العالم.
ووفقًا للبيانات الرسمية، تمتلك تركيا واحداً من أقوى أنظمة الرعاية الطبية في العالم، مع ما لا يقل عن 1500 مستشفى حكومي تنتشر على أراضيها و 40.000 وحدة عناية مركزة.
وبحسب وزارة الصحة، أجرت تركيا ما يقرب من 700.000 اختبار، وأصبحت بذلك واحدةً من أفضل دول العالم في عدد الاختبارات.