بعد أن أوى ملايين العرب إلى جارتهم تركيا، خلال السنوات الأخيرة، خاصة من سوريا ومصر واليمن وليبيا والعراق، وفتحت لهم ذراعيها مرحبة، كان ضروريا أن يتعلموا اللغة التركية وينهلوا من منابعها.
وفي الفترة الأخيرة توسعت المؤسسات التعليمية المعنية بتعليم اللغة التركية بشكل كبير في العديد من ولايات البلاد، لاسيما في مدينة إسطنبول، والعاصمة أنقرة، لتأمين المناخ الملائم لتعلم اللغة، واستيعاب أكبر عدد من الطلبة الأجانب، المقبلين على تعلمها.
تعددت أهداف تعلم اللغة التركية لدى الجاليات العربية في تركيا، والتي تجاوزت أعداد أفرادها أربعة ملايين، فلكل مآربه، منهم من يتعلمها بهدف الدراسة في الجامعات أو المدارس التركية، والآلاف للعمل والاستثمار، وآخرون بهدف الانسجام والاندماج مع المجتمع المحلي.
وفي السنة الأخيرة، ارتفع عدد العرب المتحدثين باللغة التركية بشكل كبير جداً، نتيجة مكوثهم سنوات عدة في الداخل التركي، ونظرا إلى حاجتهم الماسة للانسجام مع وسطهم الجديد، على صعيد الحياة اليومية، أو المؤسسات والدوائر الرسمية.
معلم اللغة التركية لغير الناطقين بها "فرقان شيمشك"، أوضح في تصريحات للأناضول من مدينة إسطنبول أن "اللغة التركية تعتبر من اللغات السهلة إذا ما قورنت باللغات الأخرى في العالم، كالعربية والروسية، وتكمن السهولة في أن كل حرف فيها يعبر عن صوت معين، ونتيجة لذلك فإن كل ما يقرأ يكتب، ولا يوجد بها أحرف تقرأ ولا تكتب، أو العكس".
ورأى أن "أكثر من 40% من مفردات اللغة التركية تتشابه إلى حد بعيد مع العربية، إضافة إلى كلمات اللغة الفارسية".
ساهمت الحياة اليومية بكل تفاصيلها، بشكل كبير وفعال في جعل العرب يكتسبون اللغة التركية، فمن المواصلات إلى المطاعم والمقاهي وحتى المساجد التي تُلقى فيها خطبة الجمعة بالتركية، اكتسب العرب جزءا كبيرا من لغة البلاد.
يقول رجل الأعمال العراقي "حامد محمد" إن" للمعاملات اليومية أثرا كبيرا في اكتساب اللغة التركية، من خلال المطاعم والمواصلات والبنوك والدوائر الرسمية".
ويضيف للأناضول "قدومي إلى تركيا كان قبل ثلاث سنوات والآن أتحدث بشكل يكفيني للعمل والتفاهم مع المجتمع حولي، وأظن أني سأتقدم في اللغة أكثر مع مرور الزمن".
وتعتبر اللغة التركية لغة التدريس في معظم الجامعات والمدارس التركية، والتي وصل عددها إلى أكثر من 180 جامعة، وبشكل عام لا يستطيع الطالب الأجنبي دخول الجامعة إلا بعد أن ينهي مرحلة دراسة اللغة التركية.
"لبنى ياسين"، والبالغة من العمر 24 عاماً، تقول إنها "قدمت إلى تركيا قبل سنتين، عن طريق المنحة المقدمة من قبل الحكومة، لدراسة الاقتصاد في جامعة إسطنبول".
وتوضح الشابة الفلسطينية للأناضول "كانت مشكلتي في البداية في التكلم، ولكني كنت أفهم التركية بنسبة كبيرة، وبعد انتهائي من مراحل الدروس، رجعت إلى مركز اللغة في جامعة إسطنبول، للالتحاق بالمركز من جديد والتسجيل في دورات المحادثة التي تقيمها الجامعة، من خلال مجموعة من المعلمين والطلبة، إضافة إلى الجولات الميدانية اليومية، وهكذا استطعت التغلب على مشكلة النطق لدي".