يجمع بينالي القوماجين عشاق الفن في مهد مملكة القوماجين، الواقعة في منطقة قحطة في ولاية أديامان، وهي وجهة تنتظر من يكتشفها بفسيفسائها التاريخية والثقافية وهي واحدة من المدن المتميزة في بلاد ما بين النهرين.
شهدت المنطقة العديد من الحضارات بما في ذلك مملكة القوماجين والحثيين والآراميين والآشوريين والحثيين المتأخرين والفرس والإسكندر المقدوني ثم السلاجقة والعثمانيين في الماضي القريب.
أسس مملكة القوماجين الملك مهرداد كالينيكوس الذي ادعى أنه من نسل ملك أرمينيا، وقد سيطرت على بلاد ما بين النهرين والفرات الأكبر بين 109 قبل الميلاد و72 م، وكانت بمثابة دولة عازلة بين روما القديمة وبلاد فارس. ثم أصبحت مملكة القوماجين تجسيدًا للزواج بين الشرق والغرب، وهو ما يمكن يمكن رؤيته في ثقافة تلك الحضارة. رغم أن ثقافة الناس كانت اليونانية، إلا أن حكام هذه المملكة لم يخفوا إعجابهم بالثقافات الفارسية والآشورية والأرمنية.
يقدم البينالي ما مجموعه 53 عملاً فنياً لفنانين من 23 دولة موزعة على ستة معالم، تقع في قحطة وعلى جزيرة تقع قبالة نيفالي تشوري. الجزيرة هي المكان الرئيسي الذي تقع فيه المعارض والأعمال الفنية منتشرة على العديد من المعالم التاريخية، بما في ذلك قمة النمرود الرائعة، وقلعة قحطة التي تم تجديدها حديثًا، والبينالي هو الأول من نوعه في المنطقة.
والواقع أن المواقع التاريخية ليست معروفة جيدًا بغض النظر عن قمة النمرود. ومع ذلك، فإن الجهود الرائعة التي تبذلها وكالة تنمية طريق الحرير (SDA) وولاية أديامان وولاية منطقة قحطة هي علامات على أن موجة فنية جديدة ستسيطر على المنطقة في المستقبل القريب بلا شك.
نظرًا لأن الموقع كان موطنًا للعديد من الحضارات، فقد مهدت آثار هذا النسيج الثقافي الغني الطريق لفكرة إنشاء "حضارة خيالية" في نطاق البينالي، من خلال استحضار الأسئلة التالية "هل من الممكن إنشاء حضارة جديدة في عالم تظهر فيه حتى أكثر الحضارات سلوكيات غير مقبولة؟ " و"هل يمكننا التفكير في وجود أبعاد أخرى في هذه العلاقات بين الإنسان والإنسان والإنسان والطبيعة، وفن الطهو والموسيقى والعمارة وعلم الآثار والأزياء؟"
لقد شعرت بالذهول أمام كل الأعمال الفنية فيما المنسقة نهاد أوزدال تقودنا في الرحلة. فبطريقة ما، تشعر أن كل عمل فريد تم تجميعه تحت شعار "حضارة خيالية" يربط فوضى الماضي بالفوضى الحالية التي نعيشها. وبينما أنت تتنقل من معرض إلى آخر لمشاهدة الأعمال المنتشرة على منطقة جغرافية كبيرة، يسافر العقل في الوقت نفسه على عدة فترات زمنية من الفن والتاريخ.
أثناء زيارتك للأعمال الفنية المعروضة على الجزر الخمس التي ظهرت على السطح مع بناء سد أتاتورك على نهر الفرات، ستعرف معنى أن يختلط الفن بالطبيعة. وبينما تتسلق طريقًا شديد الانحدار بطول كيلومترًا واحدًا، يمكنك مشاهدة شروق الشمس الرائع من قمة النمرود، موطن ضريح أنطيوخس الأول (69-34 قبل الميلاد)، أول حاكم لمملكة القوماجين القديمة، والموقع مسجل على قائمة اليونسكو للتراث العالمي منذ عام 1987. هنا، تجد في استقبالك ثلاثة أعمال فنية كجزء من المعرض. من ناحية أخرى، قلعة قحطة، على سبيل المثال، هي موطن لأعمال الفنانين الأتراك والعالميين عند المعلم التاريخي الواقع على جرف مرتفع مانحاً الزوار إطلالة رائعة على المنطقة. يجب أن أذكر هنا أن جميع المواد المستخدمة في المعرض والأعمال الفنية هي عناصر ومكونات طبيعية.
يتوقع أن يساهم البينالي، الذي بدأ في 20 أغسطس/آب ويستمر حتى 20 أكتوبر/تشرين أول، في تنشيط السياحة أكثر في المنطقة، وأن يكسر كذلك بعض السلاسل في العلاقة بين السكان المحليين والفن الحديث. ولا شك أنه قد أحدث فرقًا في كلا المجالين الآن.
فقد أكد لي كل من والي أديامان محمود تشوهادار ووالي منطقة قحطة، سلامي كوركوتاتا، وكذلك مدير متحف أديامان محمد ألكان، أن أعداد السياح قد زادت بشكل كبير عام 2022 مقارنة بالسنوات السابقة.