شهدت الجولة الأولى من الانتخابات البلدية في فرنسا الأحد عزوفاً كبيراً من من الناخبين عن المشاركة بسبب تداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد.
وبدا أن قرار إجراء الانتخابات رغم مخاطر الإصابة بالفيروس أمرٌ غير واقعي، في أعقاب قرار السلطات وقف الحركة في البلاد على نحو واسع فيما طغت الأزمة الصحية تماماً على الاقتراع.
وقدر مركز استطلاع نسبة العزوف عن المشاركة بين 54 و56%، علما أن نسبة العزوف في الانتخابات البلدية الأخيرة التي أجريت في العام 2014 بلغت 36,45 بالمئة، من نحو 47,7 مليون ناخب.
ومساء الأحد قال رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب إن نسبة العزوف "تشكل دليلا على تزايد القلق لدى المواطنين".
ويخوض فيليب الانتخابات في مدينة آفر في غرب فرنسا.
وقال إنه ستجري استشارة خبراء ومسؤولي الأحزاب مطلع الأسبوع لاتخاذ قرار بشأن إجراء الجولة الثانية من عدمه.
فيما طالب مسؤولو حزب الخضر وأحزاب اليمين المتطرف واليسار المتشدد واليمين بإرجاء الجولة الثانية من الانتخابات.
ومن الواضح أن الناخبين لم يستجيبوا لدعوة الرئيس إيمانويل ماكرون الذي شدد على أهمية التصويت "في هذه الأوقات" إثر اقتراعه الأحد في مدينة توكيه (شمال).
وجرت الجولة الأولى من هذا الاستحقاق الانتخابي غداة إعلان الحكومة إغلاق "الأماكن التي تستقبل جمهوراً وتعد غير أساسية للحياة العامة" على غرار الحانات وصالات السينما والمتاجر غير المخصصة لبيع الأغذية بسبب انتشار الوباء العالمي الذي أسفر عن وفاة 127 شخصا من أصل 5423 مصابا في فرنسا.
ومنعت التجمعات التي تضم أكثر من 100 شخص، وستغلق الاثنين المؤسسات التعليمية في أرجاء البلاد، وستخفض حركة النقل بدرجة كبيرة في الأيام المقبلة.
كما أعلن وزير العدل أن المحاكم ستغلق قاعاتها بدء من الاثنين، مع استثناء "القضايا الحيوية".
رغم ذلك، رأت الحكومة التي أصيب اثنان من أعضائها بالعدوى، أنه بالإمكان إبقاء الاقتراع في موعده.
وجاء العزوف الواسع على خلفية هذه الظروف غير المسبوقة.
أولى النتائج:
وبدأت أولى التقديرات بالظهور مساء الأحد. في باريس التي شهدت حملة محمومة جدا تتصدر رئيسة البلدية المنتهية ولايتها آن إيدالغو بنيلها 30 بالمئة من الأصوات، متقدمة على منافستها اليمينية رشيدة داتي، فيما تأتي مرشحة حزب ماكرون أنييس بوزين ثالثة.
ومن بين أعضاء الحكومة يتصدر فيليب في آفر (غرب)، بينما فاز وزير العمل والحسابات العامة في توركوان (شمال) من الجولة الأولى.
وفي ليل (شمال) تتصدر الاشتراكية مارتين أوبري مع 30 بالمئة من الأصوات متقدمة على مرشحي حزب الخضر وحزب ماكرون.
وفاز عدد من مرشحي اليمين المتطرف بولاية جديدة من الجولة الاولى على غرار ستيف بريوا في غينان بومون (شمال) ودافيد راشلين في فريجوس (جنوب).
ظل كورونا الثقيل:
وجرى تعقيم مقابض الأبواب والطاولات وغرف العزل قبل بدء التصويت، كما اتخذت إجراءات لتفادي تشكل صفوف انتظار واحترام مسافة الأمان بين الأشخاص.
وأوصت وزارة الداخلية الناخبين بإحضار أقلامهم الخاصة للتوقيع في لوائح القيد، ولاحظ صحافيون في فرانس احترام ذلك على نطاق واسع.
وعلاوة على انخفاض الإقبال، سرت خشية في عدد من مراكز الاقتراع من عدم توافر متطوعين لأعمال فرز الأصوات.
وقالت رئيسة مركز في تالنس قرب مدينة بوردو (جنوب-غرب)، "نبحث عن أناس لعمليات الفرز مساءً. نطلب ذلك ولكن كثرا يرفضون".
واعتبرت أخرى في أحد المراكز في شمال-شرق باريس، أن كثرا يخافون ملامسة البطاقات.
وفي ظل استمرار تفشي الوباء، يشكك كثير من الخبراء بإمكان إجراء الجولة الثانية في موعدها في 22 آذار/مارس. فيما قدر وزير التعليم جان-ميشال بلانكيه الأحد أن الفيروس سيصيب "ربما" أكثر من نصف الشعب الفرنسي.
واعتبر أستاذ القانون الدستوري ديدييه موس أن إرجاء موعد الجولة الثانية من شأنه إلغاء نتائج الجولة الأولى.
وتتجه الأنظار إلى أداء مرشحي الحزب الرئاسي "الجمهورية إلى الأمام" الوسطي، الذي لم يكن قد تأسس بعد في عام 2014.
وواجهت الحكومة مرحلة دقيقة في الأشهر الأخيرة، مع تحركات اجتماعية مثل "السترات الصفراء" وإضرابات ضد الإصلاح المثير للجدل لأنظمة التقاعد.