مثل قادة أبرز الحركات الاستقلالية الكتالونية وقائد شرطة المنطقة أمام القضاء الإسباني اليوم الجمعة، قبل ثلاثة ايام من موعد حددته كتالونيا لإعلان استقلال أحادي الجانب يثير قلق أوروبا.
وقالت ناطقة باسم المحكمة الوطنية التي مثل امامها قائد الشرطة وزعيما الحركتين الانفصاليتين الرئيسيتين في المنطقة إن القضاة لم يفرضوا اي اجراء لمراقبة قضائية ولم يتم توقيف أحد.
وكان قائد شرطة كتالونيا جوزب لويس ترابيرو وصل صباح الجمعة إلى مقر المحكمة الوطنية في مدريد المتخصصة في قضايا الامن القومي بتهمة العصيان مثل زعيمي المنظمتين الانفصاليتين الرئيسيتين اللتين تتمتعان بنفوذ كبير في المنطقة جوردي كوشارت من حركة "اومنيوم كولتورال"، وجوردي سانشيز العضو في الجمعية الوطنية الكاتالونية (البرلمان).
وقال سامشيز إن مجموعته لا تعترف "بأهلية هذه المحكمة وإنه لم يرتكب اي جنحة".
كما استمعت المحكمة إلى مساعدة قائد الشرطة تيريزا لابلانا الملاحقة ايضا، لكن عبر الفيديو.
هذا وسيساهم قرار المحكمة بعدم توقيف المتهمين في تجنب اضطرابات جديدة في كتالونيا، بينما يسود توتر شديد بين مدريد وبرشلونة الغارقتين في أخطر أزمة سياسية تشهدها اسبانيا منذ عودة الديمقراطية اليها في 1977.
وتسبب الازمة انقساما في كتالونيا نفسها حيث يعيش 16% من الإسبان، كما أن نصف السكان لا يؤيدون الانفصال، حسب استطلاعات الرأي.
* قلق أوروبي:
وتثير الاضطرابات في الإقليم الإسباني الذي تعادل مساحته مساحة بلجيكا، قلق اوروبا ايضا.
إذ قال رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق مانويل فالس الذي يتحدر من برشلونة لقناة "بي اف ام تي في" إن "تفكيك اسبانيا (...) يعني تفكيك اوروبا. واذا فتح باب الاستفتاءات، فستكون بلاد الباسك غدا ثم منطقة الباسك الفرنسية، وبعدها شمال ايطاليا، وبعد ذلك الحرب".
وينوي الانفصاليون الكتالونيون إعلان الاستقلال الاثنين القادم بعد نشر النتائج النهائية لاستفتاء حول تقرير المصير نظم الاحد ويقولون إنهم فازوا فيه بحوالى تسعين % من الاصوات ونسبة مشاركة بلغت 42,3 %.
وجاء استدعاء قائد الشرطة للمثول امام القضاء بعد اضطرابات رافقت عمليات التوقيف في كتالونيا في 20 و21 ايلول/سبتمبر. حيث قام متظاهرون شجعتهم المنظمتان الانفصاليتان حينذاك باحتجاز عدد من عناصر الحرس المدني في مبناهم لساعات وألحقوا أضراراً بسياراتهم.
وكانت تلك المؤشرات الاولى للتوتر في كاتالونيا حيث تكثفت التظاهرات ضد قوات الامن بعد اعمال عنف رافقت التصويت عندما حاول عناصر من الشرطة تعطيل الاستفتاء في حوالى مئة مركز للتصويت.
وتأتي جلسة المحكمة بينما يتعزز الضغط السياسي بلا توقف على السلطة التنفيذية الكاتالونية. وتبدو الازمة حاليا في طريق مسدود حاليا مع استبعاد حكومة المحافظ ماريانو راخوي اي امكانية وساطة.
* القضاء الإسباني يتحرك ضد الاستفتاء:
ومنذ بداية الازمة الحالية، تحرك القضاء بحزم ضد الاستقلاليين. فقد منعت المحكمة الدستورية التصويت قبل إجرائه الأحد، وعلقت الخميس دورة يفترض أن يعقدها البرلمان الكتالوني الاثنين ويصدر خلالها على الارجح اعلان استقلال احادي الجانب.
لكن مثلما تجاهلت السلطة التنفيذية في كتالونيا حظر الاستفتاء وقررت تنظيمه على الرغم من عدم توافر المعايير الضامنة ليكون نظاميا (مثل تشكيل لجنة انتخابية والاقتراع السري...)، قالت رئيسة برلمان كتالونيا كارمي فوركاديل إن الدورة ستعقد الاثنين ثم وصفت قرار المحكمة الدستورية "بالبالغ الخطورة" والمخالف "لحرية التعبير"، وقالت إن البرلمان الذي يهيمن عليه الانفصاليون لن يقبل "الرقابة".
وقد أرجأ الرئيس الانفصالي لكتالونيا كارليس بودجيمون إلى الثلاثاء الكلمة التي كان يفترض ان يلقيها الاثنين في البرلمان ويتحدث فيها عن نتائج الاستفتاء على الانفصال.
وجاء في بيان نشره بعد قرار المحكمة تعليق جلسة البرلمان "الرئيس بودجيمون يطلب التحدث الثلاثاء امام البرلمان لاستعراض الوضع السياسي الحالي".
وطالت ارتدادات الازمة السياسية القطاع الاقتصادي، اذ يفترض ان يعقد كايجابنك، أكبر مصرف في كتالونيا والثالث في اسبانيا، جلسة استثنائية لمجلس ادارته ليقرر ما اذا كان سينقل مقره الاجتماعي إلى خارج المنطقة التي تشهد ازمة.
وكان "بانكو ساباديل" ثاني مصرف في كاتالونيا والخامس في إسبانيا أعلن نقل مقره إلى اليكانتي في جنوب شرق البلاد بعد تراجع اسهمه في البورصة.
* خطر خروج من منطقة اليورو:
وتخشى المصارف عواقب خروج محتمل لكتالونيا من منطقة اليورو إذا اعلنت استقلالها.
من جهة اخرى، شهدت برشلونة التي تعد المحرك الاقتصادي والقطب السياحي الرئيسي لكتالونيا، المنطقة التي استقبلت 17 مليون زائر في 2016، انخفاضا هائلا في حجوزات الفنادق، حسبما ذكرت النقابة المحلية لهذا القطاع.
ويفترض ان يعقد رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي اجتماعا لحكومته الجمعة لدراسة إجراءات جديدة ممكنة. وبين الخيارات تعليق الحكم الذاتي الذي تتمتع به كتالونيا، وهو اجراء لا تستبعده الحكومة المركزية وتطالب به أصوات متزايدة في إسبانيا.
لكن من شأن هكذا قرار تأجيج التوتر وقد يؤدي إلى دوامة عنف.