زلزال الانتخابات في فرنسا يضرب الأحزاب السياسية الفرنسية التقليدية
- ديلي صباح ووكالات, إسطنبول
- Apr 24, 2017
أظهرت النتائج غير الرسمية لانتخابات الرئاسة الفرنسية تأهل مرشح تيار الوسط إيمانويل ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان زعيمة "الجبهة الوطنية"، إلى الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة.
حيث تصدر مرشح حركة "إلى الأمام" إيمانويل ماكرون نتائج الدورة الأولى بنسبة 23,7% من الأصوات، وجاءت زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليمينية مارين لوبان في المرتبة الثانية بحصولها على 21,55% من الأصوات.
مثّل وصول المرشح الشاب ماكرون (39 عاما) إلى المرحلة الثانية مفاجأة كبيرة، فالرجل قد دخل الحياة السياسية بحركته الحديثة "إلى الأمام" قبل نحو عام فقط ولا يحظى بدعم كبير من الطبقة السياسية على الأقل في البداية.
في السياق ذاته حققت مارين لوبان (48 عاما) وجبهتها الوطنية نتيجة تاريخية بوصولها إلى الجولة الثانية بعد حصولها على نحو سبعة ملايين صوت، ما يؤشر أيضا إلى تغير كبير في هيكلة الحياة السياسية الفرنسية.
ما يدعو للتأمل في هذه الانتخابات، هو انتهاء حقبة احتكار السلطة في النظام السياسي الفرنسي بين حزبي اليمين الجمهوري واليسار الاشتراكي، وهو ما وصفته وسائل الإعلام بـ "الزلزال السياسي".
وتشير الصحف إلى أن وصول ماكرون ولوبان إلى الدور الثاني، وكذلك النسبة التي حصل عليها مرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون (19.66%) تعد زلزالا سياسيا هو الأول من نوعه في تاريخ الجمهورية الخامسة منذ تأسيسها عام 1958.
وعقب إعلان النتائج، قال إيمانويل ماكرون المنتصر معلقا على النتيجة "إن النتائج تطوي بوضوح صفحة من الحياة السياسية الفرنسية"، وأكد أن حزبه سيسعى إلى إحداث قطيعة عن واقع استمر ما يزيد على ثلاثين عاما.
بات من الواضح أن قضية الفساد الشهيرة والمعروفة بـ"الوظائف الوهمية" قد أطاحت مرشح يمين الوسط "فرانسوا فيون" الذي حل ثالثا في الانتخابات بحصوله على ما نسبته 19.9% من الأصوات. فيما حصل مرشح الحزب الاشتراكي بونو هامون على نسبة 6.3% من الأصوات.
لجوء الناخبين الفرنسيين إلى اختيار مرشحين من أحزاب حديثة وغير تقليدية، فتح الباب واسعا أمام المحللين لتفسير الأمر، حيث وجد كثير من الخبراء أن فشل المنظومة السياسية القديمة والأحزاب المعروفة في إيجاد بدائل في الحياة السياسية الفرنسية، دفع بالناس إلى اختيار الناخبين وجوها حديثة وإن كانت في نظر الخبراء عديمة خبرة.
وصعود لوبان إلى الدور الثاني بهذه النسبة الكبيرة غير المسبوقة في تاريخ اليمين المتطرف في فرنسا مثل مفاجأة أكبر، وأثار المخاوف من حصول مفاجأة اللحظة الأخيرة بالجولة الثانية يوم 7 مايو/أيار.
وتشير صحف عديدة إلى أن حالة من الغضب والفتور الشعبي تسود في الغرب إزاء أداء سياسيي بلادهم، وأن تفاقم الأزمات الاقتصادية هو السبب الرئيسي الذي رفع نجم مرشحين كمارين لوبان وساعدها على التأهل للجولة الثانية لانتخابات الرئاسة.
وتتهم لوبان خصمها في الجولة الثانية للانتخابات إيمانويل ماكرون بأنه لا يدافع عن مصالح الشعب الفرنسي، وتصفه أنه أسير مصالح القوى المالية الكبرى. فيما وصفت تأهلها للجولة الثانية بمثابة "انتصار للوطنيين".
يرى مختصون أن نتائج الجولة الأولى من الانتخابات أنهت المنظومة السياسية القديمة، وحملت إلى الجولة الثانية والحاسمة مرشحين جديدين متناقضين بالرؤى والتطلعات والبرامج السياسية، ربما يجمع بينهما عامل واحد هو الابتعاد التام عن "النظام السياسي التقليدي القائم".
وطبقا للنتائج والحراك السياسي الذي تبعها والاستطلاعات السابقة، تبدو فرص ماكرون أكبر للوصول إلى منصب الرئاسة، لا سيما بعد أن أعلن المرشحان الخاسران هامون وفرانسوا فيون دعمهما له واستمرار التقاليد السياسية بتوحد اليمين واليسار ضد اليمين المتطرف لمنع وصوله إلى السلطة.
حيث قال هامون بعد صدور النتائج "يجب أن نصوت لماكرون رغم أنه ليس من اليسار ولا يمثله، أدعو إلى أن نضرب بقوة الجبهة الوطنية ونهزم هذا اليمين المتشدد".
وفي السياق ذاته، يتمتع ماكرون بتأييد أوروبي كبير أفصحت عنه رسائل التهنئة التي تلقاها من زعماء الاتحاد، على رأسهم جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية، وفيديريكا موغريني منسقة السياسات الخارجية للاتحاد.
تدعو مارين لوبان من خلال برنامجها السياسي إلى خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي، وتتبنى نظرة متشددة من موضوعات حساسة، منها الهجرة واللاجئين، وتدعو إلى سحب تعامل فرنسا بالعملة الأوروبية، وهو ما يثير تخوفات المسؤولين الأوروبيين من صعودها للسلطة.
فيما يدعو ماكرون إلى التمسك بالاتحاد الأوروبي والعملة الأوروبية الموحدة، ما جعله المرشح المفضل للمؤسسات الأوروبية.
وتنقل صحف عديدة عن أن فوز ماكرون في الجولة الثانية للانتخابات، سيتيح لقادة الاتحاد الأوروبي تنفس الصعداء.
وتشير توقعات واستطلاعات رأي إلى تقدم المرشح إيمانويل ماكرون في الجولة الثانية للانتخابات التي ستعقد في 7 مايو/آيار على لوبان بفارق كبير.
ورغم ذلك، فإن ثمة "بدائل كارثية" لا يمكن استبعادها من نتائج الجولة المقبلة للانتخابات.
وينتظر الفرنسيون في يونيو/حزيران القادم استحقاقا انتخابيا مهما لاختيار أعضاء الجمعية الوطنية (البرلمان) وهو اختبار سياسي قد يكون رجع صدى لنتائج الرئاسيات، ويفضي إلى تأكيد التحول الكبير بالمنظومة السياسية الفرنسية وتواصل هبوط أسهم الأحزاب التقليدية.