هل تذكرون تشرنوبل؟ اليوم يكون قد مضى على تلك الكارثة 30 عاماً؛ وفي حين تحيي أوكرانيا ذكرى ذلك الحادث النووي الأليم، يتقدم العمل في صنع وإنشاء "التابوت" الفولاذي المخصص لحماية الموقع المصاب، والمتوقع تركيبه فوق المفاعل نهاية العام الجاري.
فبعد الكارثة، تم وضع طبقة من البيتون على عجل فوق المفاعل رقم 4 الذي وقع فيه الانفجار، في ظروف صعبة جداً. لكن تلك الطبقة بدأت تتفسخ مع مرور الوقت، مهددةً بالانهيار وبالتالي إطلاق سراح 200 طن من الماغما الإشعاعية المحبوسة داخلها.
يقدر الخبراء أن 95% من المواد المشعة التي كانت في المفاعل لا تزال موجودة؛ وهي نسبة هائلة إن عرفنا أن نسبة التسريب سنة 1986 كانت 5% فقط وكانت كافية لتلويث قسم كبير من أوروبا.
وفي مواجهة هذا التهديد، تحرك المجتمع الدولي وقرر تمويل بناء طبقة صلبة جديدة لمنع تسرب أي مواد مشعة.
وسنة 2007، أوكلت مهمة تنفيذ تلك البُنية الفولاذية إلى شركة نوفاركا الفرنسية. وقد بوشر العمل فيها على مسافة 300 متراً من المحطة النووية، في مكان سبق تطهيرها وتغطيتها بالبيتون.
الطبقة الفولاذية الجديدة عبارة عن قبة ضخمة، وهي أثقل بأربع مرات من برج أيفل، وأعلى من تمثال الحرية، وأعرض من ملعب أولمبي... بارتفاع 105 أمتار وعرض 260 ووزن إجمالي 38.000 طن تبدو قبة استثنائية في كل شيء. بل قد تكون "أثقل بناء متحرك على وجه الأرض" وفق تعليق مدير المشروع.
لكن الغاية تبرر الوسيلة، والغاية من هذه الضخامة غاية في الأهمية: عزل المواد المشعة، وحماية الموقع القديم المدفون تحت البيتون، ولا سيما التحضير وإتاحة تفكيك الموقع وسحب المواد المشعة ليتم لاحقاً تخزينها في أماكن مخصصة لذلك ويتم بناؤها حالياً قريباً من المحطة.
وتقول الشركة المصنعة أن القبة الفولاذية قد صممت لتدوم 100 عام، ولمقاومة أقسى الظروف الطبيعية أي درجات حرارة بين -43 حتى +45 وعواصف من الدرجة الثالثة (بسرعة رياح من 250 حتى 330 كم/سا) وزلازل بقوة 7 درجات على سلم ريختر.
ويعمل في المشروع الذي تجاوزت تكلفته الملياري يورو، 1500 عامل يومياً بلباس خاص يبدلونه يومياً لحمايتهم من الإشعاعات.
كان من المفترض تسليم القبة سنة 2012، لكنه تأخر نظراً إلى صعوبة تركيب أجزاء القبة وتعقيدات العمل في الموقع والعمل بالتنسيق مع سلطات السلامة النووي المحلية.
والسؤال الذي يبقى من سيدفع تكاليف صيانة القبة/التابوت؟ المفروض أن تستلم أوكرانيا الموقع سنة 2017 و"يبقى أمامها 100 عام" حتى تجد طريقة لكيفية تفكيك المفاعل المضروب وتحويله إلى منطقة آمنة بيئياً. وهو تحدٍّ كبير لبلد يواجه صراعاً مسلحاً وركوداً اقتصادياً.
ويحذر خبير في الشركة المصنعة للقبة: "لا نعلم متى ستبدأ عملية التفكيك، فالأمر سيكون بيد كييف. وحتى اللحظة، لم يتم فعل شيء. الأمر مكلف جداً والأفضل الإسراع في العمل على خطة للتفكيك لأن الخطر في الطبقة القديمة لا يزال قائماً. وكلما ازدادت المشاكل في قلب المفاعل، كلما طالت عملية التفكيك وتعقدت".