نشرت صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية واسعة الانتشار، اليوم الأربعاء، رسالة قالت إنها حصلت عليها من شخص يزعم أنه يعمل في الاستخبارات المصرية ويكشف في رسالته تفاصيل مزعومة عن "تورط" الأمن المصري في "تعذيب وقتل" الطالب الإيطالي جوليو ريجيني.
وحسب الصحيفة الإيطالية، وهي غير حكومية، وصلت الرسالة باللغة العربية من شخص لم يفصح عن هويته ويسرد فيها تفاصيل مزعومة بشأن ما جرى لريجيني منذ اختفائه غرب القاهرة في 25 يناير/كانون الثاني الماضي حتى العثور على جثته ملقاة في 4 فبراير/شباط.
ويزعم مرسل الرسالة إن قرار إلقاء القبض على ريجيني في 25 يناير/ كانون الثاني الماضي جاء من اللواء خالد شلبي، رئيس الإدارة العامة لمباحث محافظة الجيزة (المتاخمة للقاهرة)، أثناء تواجد الشاب الإيطالي في حي الدقي التابع لمدينة الجيزة مركز المحافظة التي تحمل الاسم ذاته.
ويلفت صاحب الرسالة إلى أن اللواء شلبي سبق أن أدانته محكمة بجرم التعذيب، وأنه أول من روج لرواية مقتل ريجيني في حادث سير، ثم لاحتمال مقتله خلال حفل جنس جماعي.
ويتابع في رسالته: "بعد تفتيش منزل ريجيني ورصد تحركاته السابقة، أمر شلبي بتوقيفه في مقر مديرية أمن الجيزة (المقر الأمني الرئيسي في المحافظة) لمدة 24 ساعة والتحقيق معه لمعرفة شبكة اتصالاته مع قادة نقابات العمال المصريين"، حيث كان الشاب الإيطالي يعد رسالة دكتوراه حول هذا الموضوع.
وفي يوم 26 يناير/ كانون الثاني، حسب مزاعم صاحب الرسالة، تم نقل ريجيني إلى مقر الأمن الوطني (بمثابة جهاز استخبارات داخلي) في حي مدينة نصر (شرقي القاهرة)، وذلك بأوامر من وزير الداخلية، مجدي عبد الغفار، الذي أوعز لرئيس جهاز الأمن الوطني، محمد شعراوي، بضرورة الحصول على اعتراف من ريجيني، لكن دون طائل.
وبقي ريجيني في مقر الأمن الوطني يوم 27 يناير/كانون الثاني، وهناك "تعرض لتعذيب مستمر"، حسب الرسالة.
ومنذ يوم 28 يناير/كانون الثاني وحتى 3 فبراير/شباط، وفق مزاعم الرسالة، تواجد ريجيني في مبنى تابع للمخابرات العسكرية (لم يحدد مكانه) وذلك بأمر من وزير الداخلية المصري بعد إبلاغ أحمد جمال الدين، مستشار الرئيس عبد الفتاح السيسي للشؤون الأمنية ومكافحة الإرهاب.
وفي مقر المخابرات العسكرية هذا "تعرض ريجيني للتعذيب من أجل الحصول على معلومات منه حول شبكة علاقاته مع النقابات العمالية المصرية، لكن الشاب الإيطالي لم يعترف ما عرضه لمزيد من التعذيب الذي أفضى إلى مصرعه"، حسب مزاعم مرسل الرسالة.
هذا ولم يتسن التأكد من صحة التفاصيل أو الاتهامات التي وردت بالرسالة، بينما لم يصدر تعقيب رسمي من السلطات المصرية بشأنها حتى الآن..
وتعقد يومي 7و8 أبريل/نيسان الجاري، في روما الاجتماعات المقررة بين القضاة والمحققين المصريين والإيطاليين، لعرض ما تم التوصل إليه من عناصر في التحقيقات التي قامت بها السلطات في القاهرة في مقتل ريجيني.
وكان ريجيني طالباً للدراسات العليا بقسم العلوم السياسية والدراسات الدولية في جامعة كامبريدج البريطانية، وتوجه إلى مصر كباحث زائر في الجامعة الأمريكية في القاهرة لإنجاز أطروحة دكتواره حول الحركات العمالية في مصر.
واعتاد الشاب على كتابة تقارير لصحيفة "المانيفستو" الإيطالية حول الأوضاع الاقتصادية في مصر، وذلك باسم مستعار خوفاً من الملاحقة الأمنية، لكنه اختفى في منطقة بوسط القاهرة يوم 25 يناير/كانون الثاني الماضي ذكرى الثورة المصرية، قبل العثور على جثته على الطريق السريعة غرب القاهرة في 4 فبراير/شباط.
وقالت جماعات حقوقية وتقارير صحفية غربية إن آثار التعذيب على جثة الشاب، الذي كتب مقالات تنتقد الحكومة المصرية، تشير إلى أن قوات الأمن المصرية "قتلته" وهو اتهام تنفيه القاهرة بشدة.
وأدت هذه الحادثة إلى توتر العلاقات المصرية الإيطالية بشكل كبير، بينما أصدر البرلمان الأوروبي قراراً شديد اللهجة أدان ما وصفه بـ"تعذيب جوليو ريجيني واغتياله في ظروف غامضة"، معتبراً أن "حادث مقتله ليس الوحيد إذ يأتي في سياق ظاهرة متكررة تشمل حوادث تعذيب واعتقال وقتل في مصر خلال السنوات الأخيرة".
وكان لويجي مانكوني، رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الإيطالي، دعا خلال مؤتمر صحفي الشهر الماضي، حكومة بلاده إلى استدعاء السفير الإيطالي من القاهرة، وإعلان مصر "بلداً غير آمن للزائرين" إذا لم يفض التحقيق في مقتل ريجيني إلى شيء.