أظهرت بيانات رسمية يوم الاثنين أن الحساب الجاري التركي عاد إلى العجز في يوليو/تموز، بعد تحقيق فائض نادر الشهر السابق، مدفوعاً بشكل رئيسي بالخلل التجاري المزمن.
وصرح البنك المركزي التركي، إن الرصيد سجل عجزاً يقارب 5.5 مليار دولار، مقابل فائض قدره 651 مليون دولار في يونيو/حزيران.
وجاء هذا الرقم أعلى من توقعات السوق، حيث أشارت التقديرات في استطلاعات رويترز وبلومبرغ إلى عجز قدره 4.5 مليار دولار. وسجل الميزان عجزاً قدره 3.5 مليار دولار في يوليو/تموز من العام الماضي.
وأظهرت بيانات البنك المركزي أن الفجوة في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى يوليو/تموز بلغت 42.3 مليار دولار، وهو ما يتوافق تقريباً مع توقعات الحكومة بنهاية العام، البالغة 42.5 مليار دولار، والتي تم تحديدها في البرنامج الجديد متوسط الأجل الصادر الأسبوع الماضي.
وتسعى الحكومة إلى إيجاد سبل للحد من الخلل التجاري العنيد من خلال تقليل الاعتماد على الواردات.
وتشير التوقعات الواردة في خريطة الطريق الاقتصادية الجديدة، إلى انخفاض عجز الحساب الجاري إلى حوالي 34.7 مليار دولار، أو 3.1% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024، من حوالي 4% المتوقعة لهذا العام.
وقال وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك إنه من المتوقع أن يتقلص العجز إلى حوالي 40 مليار دولار في ديسمبر/كانون الأول بسبب تباطؤ نمو القروض الاستهلاكية والارتفاع الحاد في إيرادات السياحة.
وكشفت البيانات أن العجز المتداول لمدة 12 شهراً ارتفع إلى 58.5 مليار دولار، أي ما يعادل حوالي 6% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً لحسابات الاقتصاديين.
وقالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، التي رفعت التوقعات الائتمانية لتركيا إلى مستقرة من سلبية يوم الجمعة، إن عجز الحساب الجاري "سيظل مرتفعاً" هذا العام ويصل إلى 4.7% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويشير المسح الذي أجرته رويترز إلى أن العجز من المرجح أن ينهي العام عند حوالي 45 مليار دولار.
وأظهرت البيانات المركزية أن الحساب الجاري المستبعد من الذهب والطاقة شهد فائضاً قدره 717 مليون دولار في يوليو/تموز، وبلغ عجز الذهب 10.47 مليار دولار.
وشهدت الخدمات فائضاً صافياً يقارب 6 مليارات دولار، مدفوعاً بشكل أساسي بالدخل السياحي القوي، حيث بلغ صافي الإيرادات الناتجة عن قطاع السفر 4.8 مليار دولار.
وسجل صافي الأخطاء والسهو وهو ما يعرف بـ "أموال مجهولة المصدر"، تدفقات واردة بنحو 4.4 مليار دولار، وفقاً للبيانات. وإلى جانب 8.15 مليار دولار في يونيو/حزيران، كان هناك تدفق إجمالي قدره 12.5 مليار دولار بعد إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب أردوغان في مايو/أيار.
وفي يوليو/تموز، شهدت الاستثمارات المباشرة تدفقاً صافياً قدره 392 مليون دولار، في حين سجلت استثمارات المحفظة دخولاً صافياً قدره 1.16 مليار دولار، فيما ارتفعت الاحتياطيات بنحو 2.8 مليار دولار.
وقال خبير اقتصادي من شركة بورومجيكجي للاستشارات: "إن التباطؤ في مؤشرات النشاط العالمي الرائدة الذي لوحظ في النصف الثاني من عام 2023 قد يؤدي إلى تباطؤ الصادرات".
وأضاف: "لكن تسارع زيادات سعر الصرف بعد الانتخابات وتشديد السياسات النقدية والمالية والتدابير الرامية إلى إبطاء وتيرة القروض الفردية، يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ الطلب المحلي وكبح نمو الواردات". مشيراً أن المخاطر التي تهدد توقعات العجز التجاري في نهاية العام متوازنة.
وفي عام 2022، توسع العجز بشكل كبير ليصل إلى 48.8 مليار دولار، مقارنة بـ 7.2 مليار دولار عام 2021، مدفوعاً بارتفاع الواردات بسبب ارتفاع أسعار الطاقة في أعقاب الاجتياح الروسي لأوكرانيا وارتفاع مشتريات الذهب.
وكان خفض العجز وتحقيق الفائض من بين الأهداف الاقتصادية الأساسية لأردوغان في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، فإن الارتفاع الحاد في أسعار النفط والغاز الطبيعي والحبوب في أعقاب الحرب في أوكرانيا، أدى إلى تفاقم الخلل التجاري.
وتحافظ الإدارة الاقتصادية على هدفها المتمثل في تحقيق فائض، لكنها أقرت بأن الأمر سيستغرق وقتاً. وتتوقع الحكومة عجزاً قدره 30 مليار دولار بنهاية البرنامج متوسط الأجل في 2026.
وقد نظمت حكومة أردوغان تحولاً كاملاً عن السياسات القائمة على تخفيضات أسعار الفائدة التي صاحبها انخفاض حاد في الليرة التركية وارتفاع التضخم.
ومنذ يونيو/حزيران، رفع البنك المركزي سعر الفائدة القياسي إلى ثلاثة أمثاله تقريباً ليصل إلى 25%، وتعهد بتنفيذ التشديد النقدي، إذا لزم الأمر.