أزمة قناة السويس.. الحكومة تدعم "الصندوق الاستثماري" والمعارضة تشكك
- رقية تشليك, القاهرة
- Dec 22, 2022
شدد رئيس هيئة قناة السويس المصرية، الفريق أسامة ربيع، على أن "صندوق استثمار قناة السويس الجديد، لن يسمح بوجود أي أجانب، كما أنه ليس له علاقة بأصول القناة".
ونبه رئيس الهيئة خلال مؤتمر صحفي عالمي، عقد اليوم الخميس، لتوضيح أبعاد الأزمة المترتبة على موافقة البرلمان على الصندوق، أن الدستور والشعب المصري يحميان القناة وأن فكرة تأسيس الصندوق تعود إلى عام 2019، بهدف مجابهة الأزمات والحالات الطارئة وأي ظروف استثنائية أو قوة قاهرة أو سوء في الأحوال الاقتصادية.
جاء ذلك على خلفية الجدل السياسي الاقتصادي (في صفوف المعارضة المصرية، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي)، حول أزمة صندوق قناة السويس، التي بدأت بعد موافقة مجلس النواب المصري مبدئياً، على مواد مشروع القانون المقدم من الحكومة المصرية بتعديل بعض أحكام القانون رقم 30 لسنة 1975، والمتعلق بنظام هيئة قناة السويس، بحجة أن "هدف المشروع إنشاء صندوق مملوك لهيئة قناة السويس لزيادة قدرتها على المساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة للمرفق".
من جهته، قال رئيس تحرير صحيفة الشروق المصرية، عماد حسين، وعضو مجلس الشيوخ: "الجدل بأكمله يكمن في المادة 15 مكرر ب، من القانون، حيث تنص المادة على تمكين هيئة القناة من الاستغلال الأمثل لأموالها من خلال شراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها بما في ذلك مساهمة الصندوق بمفرده أو مع الغير في تأسيس الشركات أو في زيادة رءوس أموالها والاستثمار في الأوراق المالية".
ونفى المركز الإعلامي للحكومة المصرية (رسمي) اتجاه الحكومة إنشاء صندوق هيئة قناة السويس كباب خلفي لبيع القناة، وأنه تواصل مع هيئة قناة السويس، التي نفت تلك الأنباء.
بدوره، كشف رئيس مجلس النواب المصري، المستشار الدكتور حنفي جبالي، ما وصفه بـالمغالطات التي أثارت الجدل حول إنشاء صندوق تابع لقناة السويس.
وأضاف أن مشروع القانون المنظور أمام البرلمان لا يتضمن أيـة أحكـام تمس قناة السويس، وأن قناة السويس من أمـوال الدولـة العامـة، ولا يجوز التصرف فيهـا أو بيعهـا، كما أن الدولة ملتزمة -بموجب المـادة 43 مـن الدستور- بحماية قناة السويس وتنميتها والحفاظ عليها.
وأردف رئيس البرلمان (في كلمة أمام أعضاء مجلس النواب المصري، بثها التليفزيون) أن المنصوص بأحقية الصندوق الجديد في البيع أو الشراء يتفـق مـع طبيعـة الصناديق، وأن لفظ الأصول لا يمـس بشكل مباشر أو غير مباشـر قنـاة السـويس ذاتها، لأنها مال عام، كما أن مجلـس النـواب لـم ولـن ينجـرف إلـى إصـدار قـوانين تمـس أحكـام الدستور، وأن المجلس يعمل على مراعاة مصلحة الوطن والمواطن.
وأوضح رئيس الأغلبية البرلمانية في مجلس النواب، المهندس أشرف رشاد، أن القانون يهدف في المقام الأول إلى طرح حلول غير روتينية أو تقليدية، ويسعى إلى تسهيل الأمور وليس تعقيدها.
فيما نفى وزير شئون المجالس النيابية، علاء الدين فؤاد، أن يكون الهدف من مشروع القناة بيع القناة، لكنه يستهدف تحقيق التنمية الحقيقية للهيئة والاستثمار الأفضل للإيرادات.
من طرفها انتقدت المعارضة المصرية مشروع صندوق قناة السويس، كما رفض أعضاء في مجلس النواب (يتصدرهم محمد عبد العليم داوود ومها عبد الناصر وأحمد فرغلى) المشروع بزعم أنه يؤثر سلبا على القناة، ويفرغ مصر من أموالها، إضافة إلى أنه يمثل خطرا داهما على البلاد.
وقال عضو مجلس النواب عن حزب التجمع اليساري، عاطف مغاورى: "أربأ بهيئة القناة أن تلحق بمغارة على بابا المسماة بالصناديق الخاصة.. القناة لديها بالفعل 9 شركات تابعة لها تقوم بالاستثمار في مشروعات مختلفة، أما الصندوق الجديد فسيكون له مجلس إدارة وجمعية عمومية وله الحق في البيع وطرح الأوراق المالية فسيكون كجهة موازية للقناة".
لكن عضو مجلس الشيوخ المصري، أحمد محسن يرى أن "موافقة البرلمان على إنشاء صندوق هيئة قناة السويس، على أن يكون رأس مال الصندوق المرخص به مائة مليار جنيه مصري، ورأس ماله المصدر والمدفوع 10 مليارات جنيه مصر، يتسدد من هيئة قناة السويس، ويجوز زيادة رأس مال الصندوق نقداً أو عيناً بموافقة الجمعية العمومية للصندوق، وأن الصندوق جاء في وقته تماما وخطوة مستقبلية لحماية مورد القناة، والتصرف بمثل هذه الحكمة مع المشاريع القومية الضخمة، يؤتى ثماره، وقد جربت مصر ذلك في توفير احتياطات نقدية وغذائية، وهكذا فإنشاء صندوق هيئة قناة السويس يؤمن القناة ويتعامل مع أي ظروف طارئة".
وقال رئيس لجنة الشئون الاقتصادية في مجلس النواب، د. محمد سليمان: "نتفهم القلق المثار حول صندوق قناة السويس، لكن لا بيع ولا تفريط فيها.. قناة السويس بالنسبة للمصريين هي رمز وشرف الأمة ولا يمكن المساس بهذا المرفق الهام كون مرفق قناة السويس مملوكا للدولة ملكية عامة وحماية أصوله وممتلكاته مكفولة بموجب الدستور".
وأضاف (في تصريحات تليفزيونية) أن تعديل بعض أحكام القانون رقم 30 لسنة 1975 بنظام هيئة قناة السويس يوضح أن الصندوق الجديد ليس مملوكاً لهيئة قناة السويس، لكنها تديره فقط.
الحديث عن تأسيس صندوق استثماري خاص بهيئة قناة السويس ليس أمراً جديداً، بل يعود إلى أكتوبر الماضي، عندما لمّح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى (في كلمته أمام المؤتمر الاقتصادي) إلى فكرة تدشين الصندوق، وبين أهمية أن يكون هناك "ملاءة مالية ضخمة لهذا الصرح العملاق، وأن هيئة قناة السويس اعتادت أن توجه دخلها إلى الموازنة العامة عبر وزارة المالية فحسب، وأنه سأل رئيس الهيئة الاقتصادية لقناة السويس عما تملكه، آنذاك، من أموال، فأجاب: لا يوجد".
وتابع الرئيس المصري، حينها: "سألته: كيف لمؤسسة عملاقة مثل الهيئة لا يكون لها ملاءة مالية بـ300 أو 400 مليار جنيه (16 مليار دولار أميركي) وأنه أبلغ رئيس الهيئة بإنشاء صندوق إيرادات الهيئة مع العمل على تنميتها، وعدم إنفاق أي شيء إلا بالعودة إلى الرئيس، وأن الصندوق به نحو 80 مليار جنيه (3.2 مليار دولار) ومن المتوقع أن يصل إلى 300 مليار جنيه، أو 400 مليار جنيه خلال 4 سنوات، بالتالي تكون الملاءة المالية مناسبة لمواجهة أي أزمات".
وقناة السويس هيئة اقتصادية حكومية، وليست شركة مساهمة (منذ 26 يوليو 1956، ينظم عملها القانون 30 لسنة 1975 بعد إعادة افتتاحها للملاحة الدولية بعد حرب أكتوبر عام 1973).
ويرى خبراء أن ما تم عرضه على مجلس النواب مجرد تعديلات للقانون 30 تستهدف منها هيئة قناة السويس إنشاء صندوق مملوك لها، تسعى من خلاله إلى زيادة قدرة الهيئة على المساهمة في التنمية الاقتصادية المستدامة لمرفق هيئة قناة السويس وتطويره من خلال الاستغلال الأمثل لأمواله وفقا لأفضل المعايير والقواعد الدولية لتعظيم قيمتها.
وتعول مصر على عائدات قناة السويس في دعم خزانة الدولة، وأكد رئيس هيئة قناة السويس (في المؤتمر الصحفي، اليوم)، أن "قناة السويس حققت عائدات بلغت نحو 8 مليارات دولار عام 2022، مقابل 6 مليارات دولار عام 2021 ، بزيادة بلغت 2 مليار دولار، وأن عدد السفن بلغ 23 ألف سفينة عام 2022 مقابل 20 ألف سفينة عام 2021 ، بزيادة بلغت 15٪، بالإضافة إلى مليار و410 مليون طن عام 2022 بزيادة بلغت 10.5٪".
قبل 7 سنوات شقت الحكومة المصرية قناة جديدة بطول 37 كيلو متر، لتعزيز حركة الشحن العالمية واستيعاب تدفق السفن التي تنقل النفط والملابس والإلكترونيات وغيرها من السلع بين أوروبا وآسيا.
وبلغت كلفة المشروع نحو 8.5 مليار دولار، إلا أن الرهان كان يتعلق بتعظيم مكانة القناة عالمياً، وتحقيق مزيد من الإيرادات للدولة المصرية.
وتوقع الفريق مهاب مميش (الرئيس السابق لهيئة قناة السويس، آنذاك) أن تتضاعف إيرادات القناة من نحو خمسة مليارات دولار سنوياً عام 2015 إلى أكثر من 13 مليار دولار بحلول عام 2023.