ساهم برنامج الليرة التركية الذي تم تبنيه قبل عام لحماية ودائع الليرة التركية من انخفاض قيمتها مقابل العملات الصعبة، في تعزيز الاستقرار المالي وكبح الطلب على النقد الأجنبي.
وقدمت الحكومة الخطة المدعومة من الدولة والمعروفة باسمها المختصر KKM في 20 ديسمبر/كانون الأول 2021 لوقف الانخفاض الحاد في قيمة الليرة، وهو انخفاض وصفه وزير الخزانة والمالية نور الدين نباتي بأنه "غير متوافق مع واقع السوق".
وسعت المبادرة إلى إبقاء الدولرة في مأزق وكبح الطلب على العملات الأجنبية من خلال تعويض المودعين عن خسائر الليرة مقابل العملات الأجنبية.
وانخفضت الليرة التركية بنسبة 44% العام الماضي وخسرت نحو 29% من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي هذا العام لكنها استقرت تقريباً منذ أغسطس/آب.
وقال نباتي في بيان بمناسبة مرور عام على إطلاق الخطة: "في الأشهر الأخيرة من العام الماضي، لاحظنا تشكيلات أسعار غير صحية وتقلبات في أسعار الصرف لا تتوافق مع واقع السوق".
مؤكداً أن الخطة أُطلقت لمنع تطورات "وصلت إلى حجم يهدد الاستقرار المالي".
ويهدف المخطط إلى تشجيع حاملي العملات الأجنبية على تحويل أموالهم إلى الليرة التركية، وتقدم حسابات الودائع معدلات فائدة أعلى بشكل كبير وضمان مدعوم من البنك المركزي والخزانة، ضد الخسائر المحتملة في أسعار الصرف.
وعدل مرسوم رئاسي نُشر في عدد السبت من الجريدة الرسمية الموعد النهائي لفتح حسابات جديدة في KKM إلى 31 ديسمبر/كانون الأول 2023.
وقال نباتي إن التطبيق سعى إلى "منع مواطنينا الذين يقيّمون مدخراتهم بالليرة التركية من التأثر سلباً بالتغيرات في سعر الصرف، وتعزيز ثقتهم في نظامنا المالي".
واستشهد نباتي أيضاً بدور المخطط هذا العام، الذي تميز بتحديات عالمية وإقليمية كبرى وعلى رأسها رفع أسعار الفائدة، التي كان رائدها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، إضافةً للإجتياح الروسي لأوكرانيا.
وقال الوزير إن الخطة قدمت "مساهمات كبيرة في تعزيز الاستقرار المالي، والحد من الطلب على العملات الأجنبية وتمديد آجال استحقاق الودائع بالليرة التركية".
مضيفاً أنه بالرغم من كل التحديات فإن سياسات الحكومة مهدت الطريق لتخفيض 21 نقطة مئوية في حصة الودائع بالعملات الأجنبية من إجمالي الودائع العامة.
وشدد على أن المخطط قدم أيضاً مساهمة إيجابية في موازين الاقتصاد الكلي للبلاد ولعب دوراً هاماً في "نمو النشاط الاقتصادي على أسس متينة".
مدفوعات الميزانية تقترب من 5 مليارات دولار:
وقال نباتي إن مدفوعات الميزانية في مشروع KKM وصلت إلى 4.91 مليار دولار هذا العام، مشدداً على أن الحكومة تواصل تقاسم تكلفة المخطط "بشفافية".
في غضون ذلك، قفز صافي الاحتياطيات الدولية للبنك المركزي التركي بنحو 3.6 مليار دولار إلى 26.76 مليار دولار في الأسبوع المنتهي في 9 ديسمبر/كانون الأول، مسجلاً أعلى مستوى له هذا العام، حسبما أظهرت بيانات الأسبوع الماضي.
وفي يوليو/تموز، انخفض صافي احتياطيات النقد الأجنبي إلى 6.07 مليار دولار، وهو أدنى مستوى له منذ 20 عاماً على الأقل، لكنه عاد وانتعش منذ ذلك الحين.
وقال نباتي: "عندما يتم تقييم الأدوات والتدابير التي طبقناها منذ ديسمبر/كانون الأول 2021 ولا سيما KKM، من منظور شامل، نجد أنه لعب دوراً فعالاً في الحفاظ على الاستقرار المالي".
وكانت الحكومة التركية أعطت على مدى الأشهر الـ 14 الماضية الأولوية لمعدلات الفائدة المنخفضة لتعزيز الصادرات والإنتاج والاستثمار وخلق وظائف جديدة كجزء من برنامج اقتصادي يهدف في النهاية إلى ضمان انخفاض دائم في التضخم عن طريق قلب عجز الحساب الجاري المزمن في البلاد إلى مستوى فائض.
وفي الشهر الماضي، أنهى البنك المركزي للبلاد دورة التيسير التي شهدت خفض سعر سياسته القياسي بمقدار 5 نقاط مئوية منذ أغسطس/آب إلى 9% من 14%، تماشياً مع دعوات الرئيس رجب طيب أردوغان للتحفيز.
الموقف ضد سياسات أسعار الفائدة:
صرح الرئيس أردوغان أكثر من مرة إن المعدلات المرتفعة للفائدة تسبب التضخم، وطالب بمعدلات من رقم واحد بنهاية العام. وقال إنه من المتوقع أن يسفر النموذج الاقتصادي الجديد للحكومة عن نتائج في العام الجديد.
وقال نباتي، إن النموذج الجديد للبلاد يرفض المبدأ القائل بأن أسعار الفائدة يجب أن تكون أعلى من التضخم للحد من ارتفاع الأسعار.
وقال: "موقفنا القوي والحاسم ضد سياسات أسعار الفائدة التي فُرضت علينا بسهولة في الماضي، لا ينعكس إيجاباً على مؤشرات الاقتصاد الكلي لبلدنا فحسب، بل يسمح أيضاً بحل المشكلات المزمنة".
وشدد على إطلاق مخطط KKM تم في وقت مليء بالتحديات يتميز بالتقلب الشديد في سعر الصرف، بالإضافة إلى العديد من العوامل الأخرى التي قال إنها تهدد اقتصاد البلاد، وعلى رأسها تزايد حالة عدم اليقين في الاقتصاد العالمي واختناقات العرض بعد الوباء والتي أدت إلى تضخم التكلفة.
يُذكر أن زيادات الأسعار في تركيا تراجعت في نوفمبر/تشرين الثاني وفقاً للبيانات الرسمية، ما يشير إلى أن ضغوط التضخم التي ابتلي بها المستهلكون منذ حوالي عام ونصف قد تتراجع أخيراً.
كما انخفض معدل التضخم السنوي إلى أقل من 85% الشهر الماضي بعد أن لامس أعلى مستوى له في 24 عاماً في أكتوبر/تشرين الأول. ومن المتوقع أن ينخفض بشكل حاد نتيجة للتأثير الأساسي في نهاية العام بالتزامن مع انخفاض أسعار الطاقة عالمياً.
وبينما يتجه العالم بأسره نحو الركود نتيجة ما قال نباتي إنه ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة والحلقة المفرغة لسعر الصرف الأجنبي، شدد على أن الحكومة "تواصل معركتها ضد التضخم بنهج موجه للشعب من خلال زيادة فرص العمل لتجاوز المأزق الاقتصادي بمساهمة هذه المبادرة".