في الأسبوع الماضي، لفت المتحدث باسم الشؤون الخارجية التركية "حامي أقصوي" الانتباه بقوله: "لقد خفض الاتحاد الأوروبي مستوى علاقتنا معه بسبب مشكلة قبرص". فالعلاقة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا تعاني الكثير، بسبب سياسة الاتحاد الخاطئة مع تركيا. وبالفعل، خفض الاتحاد الأوروبي علاقته مع تركيا بسبب هذه المشكلة. إن محاولة الاتحاد فرض مطالب القبارصة الروم الجائرة على تركيا تحت مسمى الوحدة، لهو خطأ فادح.
الحقيقة أن الاتحاد الأوروبي في هذا الموضوع، هو جهة غير نزيهة.
عندما أتيحت الفرصة للقبارصة الروم والقبارصة الأتراك، لإقامة سلام دائم في الماضي، قام الاتحاد الأوروبي بخداع القبارصة الأتراك، ونكث بالوعود التي قطعها لهم. لم أنس أبداً ما قاله مفوض الاتحاد الأوروبي "غونتر فيرهاوغن" في اجتماع مغلق مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني، في البرلمان الأوروبي -الذي كنت عضواً فيه أيضاً- حول نيقوسيا، عاصمة كلاً من جمهورية شمال قبرص التركية وقبرص الرومية، "لن ننشئ أبداً دولة لها حدود تمر عبر أحد أعضاء الاتحاد الأوروبي".
ولكن بعد ما قامت به اليونان من "الابتزاز التهديدي بحق النقض"، تمكنت قبرص الرومية من دحض قيم الاتحاد الأوروبي ومبادئه، وأصبحت عضواً فيه. ونتيجة لذلك، أُغفلت جميع الوعود المعطاة للقبارصة الأتراك بلحظة واحدة، والتي اشتملت عليها خطة كوفي عنان في استفتاءات قبرص عام 2004.
قبل خمسة عشر عاماً، في 24 أبريل 2004، أُجري استفتاء على خطة عنان. يومها صوّت القبارصة الأتراك بـ"نعم" بأغلبية 64.91%، بينما صوت القبارصة الروم بـ"لا" بأغلبية 75.38%. الاتحاد الفيدرالي لدولة قبرص، الذي كان من الممكن أن يصبح اليوم مكاناً يعيش فيه القبارصة الروم والقبارصة الأتراك بسلام، لم يتحول إلى واقع لأن القبارصة الروم لا يريدون ذلك. والاتحاد الأوروبي يعرف ذلك جيداً، ومع ذلك، يغض الطرف منذ ذلك الحين عن قرار القبارصة الروم، ويشاركهم المظالم الجائرة ضد القبارصة الأتراك.
من الصعب حقاً التوصل إلى حلٍ دائمٍ في قبرص بهذه المعطيات.
من الواضح أن القبارصة الروم لا يريدون الحل الذي يقضي بوحدة شطري الجزيرة، في الوقت الراهن. وقد نسفوا على مدى الـ 15 سنة الماضية، كل الخطوات التي تؤدي إلى هذا الهدف. أما الاتحاد الأوروبي فهو يدفن رأسه في الرمال مثل النعام، ويستمر بتجاهل ميل القبارصة الروم الشديد للانقسام.
لقد أظهر القبارصة الأتراك للعالم بأسره، خلال فترة خطة عنان وخلال الخمسة عشر عاماً الماضية، أنهم مستعدون للتوصل إلى حل عادل للجزيرة. لكن القبارصة الروم، لسوء الحظ يقاومون هذه الجهود بكل ما أوتوا من قوة. ويرفضون بكل الأشكال، تقاسم الجزيرة مع القبارصة الأتراك، ويستخدمون كل الوسائل لاغتصاب حقوقهم فيها.
ولو لم تتدخل تركيا كوسيط لعانى القبارصة الأتراك من اضطهاد القبارصة الروم أيما معاناة. واليوم، نشهد الوضع ذاته أيضاً. إذ يحاول القبارصة الروم الاستيلاء على جميع موارد الطاقة، في شطري قبرص. ولا يريدون إعطاء النسبة الشرعية للقبارصة الأتراك منها. فإذا لم تقم تركيا بحماية حقوق القبارصة الأتراك، وهي مسؤولية مُنحت لها من خلال اتفاقية ضمانة قبرص، الموقعة بين تركيا وبريطانيا واليونان في 11 فبراير 1959، سيهيمن القبارصة الروم على مقدرات الجزيرة كلها. ولسوء الحظ، أن الاتحاد الأوروبي يدعم هذا الموقف.
نتيجة لذلك، يضغط القبارصة الروم لإلغاء اتفاقية الضمانة تلك، لكن دون جدوى. ويعرف القبارصة الأتراك أن تركيا هي الضامن لوجودهم. ولو لم تتمكن تركيا من الصمود في وجه الانقلاب الفاشي المدعوم من اليونان في 15 يوليو 2016، لربما تعرض القبارصة الأتراك لإبادة جماعية. ليس فقط القبارصة الأتراك، ولكن القبارصة الروم المسالمين منهم، ربما كانوا أيضاً عرضةً للاضطهاد وهجوم الفاشية. وبالرغم من أن الاتحاد الأوروبي يدرك كل هذه الحقائق، فقد أصبح أسيراً للقبارصة الروم.
في 9 أغسطس 2019، سيجتمع قادة القبارصة الروم والقبارصة الأتراك، برئاسة قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مقر سايروس إليزابيث سبهار الرسمي، في المنطقة الفاصلة في نيقوسيا.
وقبل هذا الاجتماع، أطلق القبارصة الروم مرةً أخرى حملات لمنع التوصل إلى نتائج إيجابية.
وهم من خلال تكرار النقاط ذاتها على مدى 45 عاماً، يحاولون نسف الاجتماع مسبقاً. ومن الصعب توقع أية نتائج إيجابية، في ظل ظروف كهذه.
لقد حان الوقت للاتحاد الأوروبي أن يتعامل بطريقة نزيهة مع مشكلة قبرص. إن عدم الاعتراف بالقبارصة الأتراك وجمهورية شمال قبرص التي تمثلهم، يعني أن إيجاد حل لهذه المشكلة، سيكون أمراً بالغ الصعوبة. قد يكون اتخاذ هذه الخطوة أمراً صعباً، ولكن في هذه الحالة سيكون من المفيد أن يعترف الاتحاد الأوروبي، كما أوضحت العديد من الدوائر الضالعة في حل مشكلة قبرص، بأن المشاورات الأخيرة قد أظهرت تحولاً من محور حكومة اتحادية، وتطوراً تدريجياً نحو نموذجٍ تُراعى فيه مصالح كلا المجتمعين، بشكل يضمن المساواة بينهما.