نأمل أن لا يسيء قراؤنا فهم ما نعنيه هنا. فليس لدينا أي مطلب مثل إغلاق "البرلمان الأوروبي المناهض للديمقراطية". لكن طلب إغلاق البرلمان الأوروبي جاء في مؤتمر الحزب البديل من أجل ألمانيا "أ ف د" في نهاية الأسبوع الماضي. حيث قرر أعضاء الحزب المذكور أن البرلمان الأوروبي "معاد للديمقراطية" وليس هناك حاجة لمثل هذا البرلمان. هذا الأمر كنا لنضحك عليه ونتجاوزه. لكن هذه المرة الأمر مختلف.
فالحزب الذي أطلق هذا الطلب لديه 91 عضوا في "البوندستاج". والواقع أنهم يشكلون ثالث أكبر الأحزاب في البرلمان الألماني. لديهم ما مجموعه 193 مقعداً في ذلك البرلمان.
بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يرفع الحزب "البديل من أجل ألمانيا" من إجمالي عدد أعضائه في البرلمان الألماني الذين هم في الوقت ذاته أعضاء مشاركين في انتخابات البرلمان الأوروبي من 7 مشاركين عام 2014 إلى 15 أو 20 في انتخابات 26 مايو 2019. لذا فإن الحزب يشهد في الواقع زيادة في شعبيته كل يوم ويرفع عدد المقاعد التي يشغلها في البرلمان.
في حملاتهم الانتخابية، كان مرشحو الحزب يتخذون من المهاجرين والمسلمين والأجانب مواد دعائية رئيسية. كما أنهم يستخدمون معارضتهم للاتحاد الأوروبي في اصطياد الأصوات بمهارة.
وفي خطاباتهم خلال عطلة نهاية الأسبوع، لم يكن هدفهم البرلمان الأوروبي فقط. بل حددوا أهدافًا مثل خروج ألمانيا من الاتحاد الأوروبي، وتحررها من اليورو، وعودتها إلى العملة الألمانية، وتشكيل اتحاد اقتصادي وسياسي جديد في أوروبا يحل محل الاتحاد الأوروبي.
هم يزعمون أن الاتحاد الأوروبي لا يتصف ببنية ديمقراطية إنما هو مؤسسة تحتوي على طبقة متميزة سياسياً.
حزب "البديل من أجل ألمانيا" الذي يكنّ عداءً خاصاً "للبيروقراطيين الخارجين عن السيطرة" كما يدعوهم، يطالب أن تكون الخطوة التالية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هي خروج ألمانيا من هذا الاتحاد. وهم ليسوا وحيدين في أوروبا، ففي فرنسا وهولندا والدنمارك وبلجيكا وإيطاليا والسويد وفنلندا والنمسا، نجح حلفاؤهم في الانتخابات. ومع نهاية انتخابات البرلمان الأوروبي في شهر مايو 2019، سيصبح العديد من أعضاء البرلمانات المحلية والمعارضين للاتحاد الأوروبي جزءاً من البرلمان الأوروبي الذي يريدون إغلاقه.
لا ينبغي لأحد أن يفاجأ إذا وصل عددهم إلى حوالي 200. الأطراف المركزية المسؤولة عن الدعم المتزايد لمعارضة الاتحاد الأوروبي من الناخبين الأوروبيين، لن تكون قادرة على وقف ارتفاع حدة اليمين المتطرف في عام 2019. والمحور الرئيسي لمعارضة الاتحاد الأوروبي هو "قيم" الاتحاد الأوروبي التي تعتبر مهمة جدًا للديمقراطيين.
لدى حزب "البديل من أجل ألمانيا" والأحزاب المشابهة له، مشكلة كبيرة فيما يتعلق بمعايير كوبنهاجن للاتحاد الأوروبي. بمواقف عنصرية بحتة، يعارضون كل المعايير الجيدة والقيّمة والإنسانية للاتحاد الأوروبي. هذه القضية تشكل خطرا كبيرا على الاتحاد الأوروبي.
في الواقع، لم تعد المشكلة في الاتحاد الأوروبي. فقلقنا على الحياة الاجتماعية والسلام يزداد كلما قامت قوى اليمين المتطرف التي تشكل خطرًا على الديمقراطية، بزيادة أعدادها في البرلمانات.
من خلال التمسك بقيم الاتحاد الأوروبي، يجب ألا ندع اليمين المتطرف يسحق هذه القيم تحت الأقدام. مثل جميع الأوروبيين، على المحافظين والديمقراطيين الاجتماعيين وجماعة الخضر والليبراليين، باختصار، جميعنا بوصفنا ديمقراطيين، ألا نترك المسرح السياسي لحزب "البديل من أجل ألمانيا" وما شابهه من الأحزاب.
ستكون انتخابات البرلمان الأوروبي، المقرر إجراؤها من 23 مايو إلى 26 مايو 2019، واحدة من أهم الانتخابات في تاريخ الديمقراطية الأوروبية. ولهذا السبب فالمشاركة في هذه الانتخابات مهمة للغاية.
تتمتع الأحزاب اليمينية المتطرفة بنجاح كبير في كل بلد من البلاد الاوروبية على حدة، حيث تكون المشاركة في الانتخابات منخفضة. لكن المسلمين الذين يعيشون في أوروبا يدركون الآن هذا الخطر. وربما بسبب هذا، يبدون اهتماما كبيرا في انتخابات البرلمان الأوروبي للمرة الأولى. نأمل أن يدرك بقية الديمقراطيين الأوروبيين هذا الخطر كذلك.