عادت الحياة الطبيعية بشكل تدريجي إلى تركيا وفتحت المطاعم والمقاهي أبوابها من جديد، وبدأت الحركة الجوية تتصاعد ابتداءاً من الرحلات المحلية وصولاً إلى الرحلات الدولية التي ستبدأ في 18 يونيو، بالإضافة إلى وسائل النقل العام التي تمارس عملها داخل المدن وخارجها كالمعتاد.
مع التأكيد على ضرورة ارتداء الكمامات الواقية والحفاظ على مسافة التباعد الاجتماعي واتباع سبل النظافة والتعقيم الجيد.
وبدت النتائج مؤملةً مع انخفاض أعداد الإصابات اليومية إلى أقل من 1000 حالة حيث صار معدل الإصابات اليومية 800 إصابة جديدة في المتوسط، وعدد الوفيات اليومية حوالي 20 وفاة. وبالطبع فإن خسارة الأرواح أمر محزن للغاية لأن حياة كل فرد ثمينة جداً، لكن تركيا تحقق بالفعل أداءاً جيداً في خفض أعداد المصابين بوباء كوفيد-19.
ومن المؤكد أن جائحة الفيروس المستجد ستكون صفحة سوداء في تاريخ البشرية، ولكن التاريخ سيكتب في هذه الصفحة أيضاً أن تركيا واجهت هذه الجائحة ببنية تحتية صحيّة قوية، وبنهج حكومي صحيح. لقد أثبتت استراتيجية حظر التجول أثناء الأعياد وعطلات نهاية الأسبوع مع إبقاء أيام الأسبوع مفتوحة، فعالية عالية ساهمت في إبطاء معدل الإصابات مع عدم توقف عجلة الاقتصاد بشكل كامل.
وبالفعل أثمرت هذه الاستراتيجية عن نتائج إيجابية إذ لم تتوقف سلسلة الإنتاج أبداً. وتتجه الدول الأوروبية الآن إلى توفير بدائل لسلسلة التوريد تكون أقرب إلى حدودها الجغرافية، ولذا يتزايد الطلب حالياً على المنتجات التركية. وقد أشار "مراد أوزيغين" رجل الأعمال التركي البارز ورئيس شركة "فيبا" القابضة إلى هذه الظاهرة مؤخراً، وأضاف أن "الوباء أظهر أن اعتماد سلسلة التوريد العالمية على دولة واحدة هي الصين، يشكل مخاطرة كبيرة".
في الواقع يستحق النموذج التركي دراسة معمقة وهذا ما تركز عليه وسائل الإعلام الدولية في هذه الأيام. فالوباء بدأ في تركيا في وقت متأخر جداً، لكن تفشي المرض انتشر بسرعة كبيرة.
وكانت هناك مخاوف من أن تتحول تركيا لإيطاليا ثانية، ولكن تركيا أثبتت أنها قوية مثل ألمانيا أو كوريا الجنوبية حتى من دون فرض حظر تام. وقال الدكتور "جيريمي روسمان" أستاذ علم الفيروسات في جامعة "كنت" في حديثه إلى هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إن "تركيا تندرج ضمن فئة البلدان التي استجابت للوباء بسرعة من خلال الاختبارات والتتبع والعزل والقيود على الحركة".
أعتقد أن جزءاً من هذا النجاح يعود لنظام التتبع، الذي تدرس فيه وزارة الصحة حالة كل مريض على حدة وتحدد اتصالاته بعناية كبيرة. وقد عمل آلاف الأشخاص في نظام التتبع هذا. وتم تعقب الأشخاص الذين تم عزلهم في منازلهم يومياً، مع إبقاء الحظر على المسنين فوق الـ65 عاماً واليافعين دون الـ20 عاماً حتى نجحت تركيا في عزل المجموعات المصابة والمعرضة للخطر والسماح للباقي بمواصلة حياتهم اليومية بشكل شبه طبيعي.
بالطبع، لم تنته المعركة بعد. لكن وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة قال يوم الأربعاء إنه لا يتوقع موجة ثانية.
وتبدأ من الآن فصاعداً فترة الشفاء التدريجي حيث تأثر الاقتصاد المحلي وأصبح العديد من أصحاب الأعمال الصغيرة في خطر، كما تضررت صناعة السياحة والسفر. وبالرغم من افتتاح الفنادق بقواعد صحية جديدة، ومع أن تركيا تعتبر وجهةً سياحية آمنة، لكن من الواضح تماماً أن عام 2020 لن يكون أفضل عام للسياحة.
لقد انقضت الفترة الأصعب، وحان الوقت الآن للتعاون من أجل التعافي التام.