انطلقت عملية "نبع السلام" وسيطر الجيش التركي بالفعل على عدد من الأهداف المحددة شمال سوريا. وقد بدأ القصف الجوي مع بداية الأسبوع، أعقبته العمليات البرية مساء الأربعاء.
فأين نحن الآن؟ وما هي خطة تركيا وإستراتيجيتها؟ هل الوضع الإنساني مأساوي حقاً كما يصوره الإعلام الغربي عادة؟ ومن هم المستهدفون؟ أهم المدنيون الأكراد أم العناصر الإرهابية؟ وماذا عن ردود الفعل على الأرض؟ وما هي المبادئ التي توجه القوات التركية؟
حاولت العثور على إجابات لهذه الأسئلة من خلال حديثي مع العديد من الجهات الفاعلة الرئيسية وصناع القرار في هذه العملية العسكرية.
لنتناول بدايةً مزاعم استهداف المدنيين أو وقوع إصابات بين صفوفهم.
فهذه القضية هي الأكثر أهمية بالنسبة لي. وهي أهم من نتيجة العملية العسكرية ذاتها. لأن الأخيرة ستفقد أرضيتها المنطقية في حال تعرض أي مدني للأذى أو الاستهداف. لذلك، تحريت من القوات المسلحة التركية وتوصلت لمعرفة مبدأ شديد الوضوح يحدد أهدافها. فقبل توجيه أية ضربة جوية من قبل القوات التركية، يتم حساب مدى المنطقة التي ستتأثر بالقصف الجوي. ثم تتم دراسة البيانات التي جمعت من الواقع على الأرض، لمعرفة ما إذا كان هناك أي مدنيين، أو مراكز دينية، أو ثقافية، أو حتى بنى تحتية في هذه المنطقة.
فإذا تبين وجود مدني واحد في الشارع أو أحد المباني المدنية القريبة، يتم إلغاء القصف. ولأن المسؤولين الذين تحدثت إليهم كانوا واضحين بشأن هذا المبدأ تماماً، تبادر إلى ذهني فوراً عمليات الجيش الأمريكي، حيث تقوم الضربات الجوية فيها على مفهوم "الأضرار الجانبية". فعندما يحدد الجيش الأمريكي هدفاً لضربه، يقومون بفحص المنطقة فإذا وجدوا عناصر مدنية، ينظرون إلى أهمية الهدف. فإذا جاء تقييم الهدف أعلى من المتوسط ، تنفذ العملية بغض النظر عن العناصر المدنية، وبذلك تسببت الضربات الأمريكية في مقتل الآلاف من المدنيين على مر السنين.
أما بالنسبة للقوات العسكرية التركية فإن سلامة المدنيين تمثل النقطة الأكثر حساسية. وهو ما يجب أن يدركه الغرب بوضوح.
تهدف تركيا من خلال هذه العملية إلى تأمين حدودها ولهذا تستهدف العناصر الإرهابية. وقد عملت المخابرات التركية في المنطقة على مدى سنة ونصف، لمعرفة كمية الذخيرة وتحديد الأنفاق التي تستخدمها عناصر ي ب ك/بي كا كا التي تهاجم تركيا بالأسلحة والقنابل.
عملية "نبع السلام" لا تهدف إلى احتلال الأرض ولا إلى تغيير التركيبة السكانية الإقليمية. لا يمكن لأحد أن يتصور مدى حساسية الأمر بالنسبة لتركيا. فأنقرة تثمّن عالياً كلاً من المواطنين الأكراد والعرب.
ونحن في تركيا نعيش مع إخواننا وأخواتنا الأكراد الذين يتجاوز عددهم الـ 20 مليون نسمة. وتشريد السكان ليس من مصلحة تركيا التي تعتبر من ناحية أخرى أن وحدة أراضي سوريا يصب في صالحها.
بقلم ناجيهان ألتجي