لقد انتصر تحالف الشعب بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، في انتخابات 14 مايو/أيار. وحصل التحالف على أغلبية في البرلمان المكون من 600 عضواً ضمنت مقاعد لـ 323 نائباً ، بينما ضمن تحالف الأمة بقيادة كمال كيليتشدار أوغلو 218 نائباً.
وفي السباق الرئاسي، حصل أردوغان على 49.5% من الأصوات، متخلفاً بفارق ضئيل بنسبة 0.5%. وحصل كيليتشدار أوغلو على 44.8% من الأصوات وسنان أوغان المرشح الثالث على نسبة 5.13%. ونظرا لعدم تجاوز أي مرشح عتبة الـ 50%، ستجرى الجولة الثانية من الانتخابات الأحد المقبل.
وبدخوله عامه الحادي والعشرين في الحكومة، من المتوقع أن يفوز أردوغان بالجولة الثانية بهامش كبير ويضمن إعادة انتخابه كرئيس. كما عزز أوغان الذي أدت نتائج التصويت له في الجولة الأولى الوصول إلى الجولة الثانية، من احتمالية فوز الرئيس من خلال حث أنصاره على دعمه. وعلاوة على ذلك، وبالنظر إلى زيادة الأصوات المدلى بها في الخارج، من المتوقع أن يكون هناك إقبال أكبر في هذه الانتخابات مقارنة بحوالي 90% من الإقبال في الجولة الأولى، حيث تعمل نسبة المشاركة المرتفعة في صالح أردوغان لأنه يحظى بدعم الفئات المحرومة التي تشكل الأغلبية، بينما يحصل كليتشدار أوغلو على أصوات من الأقلية المتمدنة الغنية والأثرياء.
وقد مُني المرشح المشترك للمعارضة كليتشدار أوغلو، بهزيمته الثانية عشرة أمام أردوغان في الجولة الأولى. وكانت مناورته الوحيدة قبل الجولة الثانية هي التحول نحو سياسات اليمين في خطوة لم توصف بالتكتيكية. فبعد أن نصب نفسه على أنه "يساري" لدرجة أنه شكل تحالفاً مع حزب الشعوب الديمقراطي الذراع السياسي لتنظيم بي كي كي الانفصالي والمدرج كمنظمة إرهابية من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، قبل 14 مايو/أيار بقليل، راح الآن يتبنى الخطاب القومي الذي يبدي العداء للأجانب، ويدّعي أنه مصمم على ترحيل اللاجئين المقيمين في البلاد. وبغض النظر عن رفاهية الأطفال وكبار السن والنساء، فإنه ينوي ملء حافلات بالمدنيين الفارين من براميل بشار الأسد المتفجرة والمنظمات الإرهابية، وإعادتهم إلى منطقة الحرب. كما أنه قام بنشر الملصقات في عموم البلاد، والتي تستهدف ملايين اللاجئين وتتبنى علانية خطاب الكراهية. وهو يكذب بلا خجل لإثارة مثل هذه المشاعر، متسائلاً: "كأن عشرة ملايين سوري لا يكفي، هل يجب أن يأتي ما بين 10 إلى 20 مليون آخرين؟"
لكن وفقاً لسجلات المؤسسات الدولية والحكومة التركية، هناك 3.5 مليون سوري فقط في تركيا. وحتى مع مراعاة الإدخالات غير القانونية، من المستحيل أن يصل هذا الرقم إلى 10 ملايين. ويتجلى ذلك بوضوح عندما نتذكر أن عدد سكان سوريا قبل الحرب كان حوالي 20 مليوناً.
فهل هذه الافتراءات والمبالغات تجدي نفعاً؟
وهل هذا المسار الجديد الذي يوحي بالفاشية بشكل صريح، يعمل لصالح كليتشدار أوغلو الذي وصف نفسه قبل الانتخابات بـ "الجد الديمقراطي"؟
أنا لا أعتقد ذلك. لأن الجد حصل في الجولة الأولى على دعم العنصريين إلى أبعد الحدود، على عكس أردوغان الذي أعلن بجرأة أن تركيا ستواصل الوفاء بمسؤولياتها الإنسانية والقانونية الدولية تجاه اللاجئين.
وعلاوة على ذلك، فإن أردوغان الذي قاوم الموجة الشعبوية أقنع أوغان الذي حصل بشكل أساسي على أصوات من الناخبين المناهضين للاجئين، بالنظر في مقاربات أكثر حضارة مثل الاندماج والعودة الطوعية.
وقد يقول قائل خصوصاً من الأجانب: "اعتقدنا أن أردوغان زعيم يميني معارض وليس يسارياً".
ولنستعرض ما يقوله صحفي مؤيد لكليتشدار أوغلو عن نتائج الانتخابات:
"بينما تسعى الحكومة المعروفة بموقفها القومي إلى حلول براغماتية لقضية اللاجئين، فإن المعارضة التي تصور نفسها على أنها أكثر ديمقراطية وذات ميول يسارية، تعطي الأولوية لطرد اللاجئين كأجندة سياسية".
وأنا أنصح المثقفين الذين يسعون جاهدين لفهم تعقيدات السياسة التركية، بعدم التغاضي عن الملاحظات المتكررة التي أبداها الفيلسوف التركي الشهير الأستاذ "إدريس كوجوك عمر":
"في تركيا، اليسار هو اليمين واليمين هو اليسار!"