سياسة التوازن التي ينتهجها أردوغان فرصة هامة للعالم

إسطنبول
نشر في 22.07.2022 15:21
آخر تحديث في 22.07.2022 19:24

عُقدت القمة الأخيرة لمسار أستانا الذي بدأ عام 2017 بين أنقرة وموسكو وطهران بهدف إحلال السلام في سوريا، في إيران في 19 تموز/يوليو حيث التقى الرئيس رجب طيب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في طهران.

وكانت عيون العالم كله على القادة الثلاثة المجتمعين في القمة التي حظيت باهتمام استثنائي بسبب تزامنها مع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.

وقبل انعقاد القمة ظهرت تصريحات المستشرقين التي كانت جاهزة ومليئة بالتحيزات في الصحافة الغربية، حيث افترض الكثيرون أنها ستركز فقط على صراع الدول على النفوذ في سوريا، بينما اتفق الفاعلون الثلاثة البارزون في العملية على قضايا تهم المنطقة وأوروبا بشكل مباشر، مثل ممر الحبوب واللاجئين السوريين.

وبطبيعة الحال، جاء تركيز الاهتمام على هذه القضايا بفضل جهود أردوغان الذي لم يستخدم "أوراقه الرابحة" فقط لمصالح تركيا الوطنية، بل أصبح أيضاً بصفته زعيماً لبلد عضوٍ في الناتو ودولةٍ مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، مراقباً لمصالح الكتلة الغربية بتأكيده على قرارات الأمم المتحدة.

ولم يكن موقف أردوغان المتصلب تجاه تنظيم بي كي كي الإرهابي وذراعه السوري واي بي جي وداعش في القمة، يتعلق فقط بالمصالح الوطنية لتركيا. لأن واي بي جي/ بي كي كي المسلحين علناً من قبل الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي مثل فرنسا بحجة محاربة داعش، يمثلون المحور الرئيسي لعدم الاستقرار في سوريا والمنطقة بأكملها. وتدفع جميع الدول الإقليمية والأوروبية وخاصة تركيا التي تتحمل العبء الاقتصادي والسياسي والاجتماعي لملايين اللاجئين السوريين، ثمناً باهظاً لهذه الفوضى.

وما إنشاء المنطقة الآمنة على الحدود السورية التركية والتي ظل أردوغان يصر عليها لسنوات، سوى الطريقة الوحيدة لوقف الهجرة، ولضمان عودة السوريين بأمان. وقد قدمت أنقرة ضمانات آمنة لما يقرب من 500.000 لاجئ سوري حتى الآن من خلال بناء منازل في المنطقة وتحفيز الاقتصاد وضمان الأمن. ما يعني أن ملايين اللاجئين السوريين المحتملين سيبقون في أماكنهم ولن يسلكوا الطرق المؤدية إلى القارة الأوروبية. ويكفي فهم نوع التهديد الذي يواجهه الاتحاد الأوروبي والدول المجاورة بالنظر إلى وجود ما يقرب من 4 ملايين لاجئ محتمل في مدينة إدلب السورية على الحدود التركية.

وأكد أردوغان أن بوتين ورئيسي أعلنا أنهما سيواصلان دعمهما لـ "العودة الآمنة والطوعية للاجئين السوريين إلى أراضيهم". لكن الأيام القادمة كفيلة بكشف مدى صدق كلامهم.

وبالطبع، فإن وجود الولايات المتحدة في المعادلة أيضاً قد يغير من مخرجات القمة. فمن المعروف أن الإدارة الأمريكية التي أعطت شاحنات مليئة بالأسلحة لعناصر واي بي جي/ بي كي كي، لا تهدف إلى الاستقرار الإقليمي. بل على العكس من ذلك، تسعى للفوضى وتغذيها وخصوصاً أنها بسبب بعدها الجغرافي لا تتأثر بأزمة الهجرة الإقليمية مثل الدول الأوروبية.

ومع اقتراب الشتاء وبالرغم من فتح ممر الحبوب وتأجيل الأزمة مؤقتاً بفضل وساطة تركيا، فإن أزمة الطاقة تلقي بظلالها على العالم كتهديد وشيك. وتنتظر أوروبا أوقاتاً صعبة، خاصة بالنسبة لدول مثل ألمانيا التي تعتمد على الغاز الروسي، وسيكون من الأصعب على الولايات المتحدة، التي أقنعت أوروبا الشتاء الماضي بالصخر الزيتي والغاز المنقول، ألا تفقد حلفاءها لصالح روسيا حيث يقف "الجنرال الشتاء" مرة أخرى إلى جانب الروس.

ويجب ألا تنسى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أنه في الوقت الحالي، لا يمكن لموسكو أو طهران الوثوق بقائد آخر غير أردوغان، الذي تربطه علاقات غير قابلة للكسر مع الكتلة الغربية. كما يتعين عليهم أن يضعوا في اعتبارهم أنهم سيحتاجون قريباً إلى سياسة المصداقية والتوازن في النهج الخارجي لأردوغان، الذي لا يزال في الساحة السياسية منذ 20 عاماً.

ونظراً لأن تركيا تتأثر بالإرهاب والهجرة، فإننا نطلب من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التصرف بطريقة جديرة بالحليف والتوقف عن مغازلة المنظمات الإرهابية بينما هناك جهات فاعلة شرعية مثل حكومة أنقرة في المنطقة.وختاماً آمل ألا يكون الوقت قد فات عندما يدركون أن هذه الطريقة هي الخيار الأكثر عقلانية بالنسبة لهم أيضاً.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.