مع انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، بدأت قوات طالبان بالسيطرة السريعة على المدن. وهي اليوم تسيطر على الإقليم التاسع في البلاد بعد سقوط مدينة فايز أباد بيد قوات الحركة المتشددة. وبذلك باتوا يتحكمون بنسبة 65% من البلاد.
وبسبب الصراعات المستمرة في أفغانستان منذ سنوات فالهجرة ليست حدثاً جديداً فيها، ولكن زيادة هائلة في عدد المدنيين الذين يحاولون الفرار من تقدم طالبان أصبحت تسبب صعوبات كبيرة في البلدان الواقعة على الطريق الغربي، وهو الطريق المفضل لدى اللاجئين.
ومع وقوع خلافات جدية في الرأي داخل الاتحاد الأوروبي، تصر الدول الأوروبية على أنها لم تتسبب بزيادة عبء اللاجئين الحالي.
فهل توجد منطقة آمنة للأفغان كي يفروا إليها؟
نصَّ التقرير الذي أعده ممثل وفد الاتحاد الأوروبي في أفغانستان وسفراء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في كابل، بوقف الترحيل الإجباري للأفغان إلى بلادهم. ويشير دبلوماسيون إلى أن الأمن في أفغانستان تدهور بشكل كبير وهناك نقص في المناطق الآمنة.
ومع ذلك، تجادل ألمانيا وهولندا والنمسا وبلجيكا والدنمارك واليونان بأن عمليات ترحيل الأفغان إلى بلادهم يجب أن تستمر. وإلا فإن بقائهم في دول المهجر من شأنه أن يحفز المزيد من المواطنين الأفغان على مغادرة أفغانستان للوصول إلى الاتحاد الأوروبي.
وكما هو الحال في كل أزمة في المنطقة، تتحمل تركيا الجزء الأكبر من عبء اللاجئين في مشكلة أفغانستان أيضاً إذ يأتي اللاجئون الأفغان إلى هذا المرفأ الآمن، الذي يشكل حدود الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، ليستقر معظمهم ويمر الجزء الأقل منهم بشكل عرضي إلى إيران.
ومن الطبيعي أن يشكل هذا الوضع ضغطاً كبيراً على أنقرة التي تستضيف حالياً ما يقرب من 5 ملايين لاجئ سوري، ما يجعل الحكومة بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان تكافح في مواجهة العبء الاقتصادي والاجتماعي للاجئين من جهة، والخطاب الشعبوي وأفعال كتلة المعارضة من جهة أخرى.
وفي هذا السياق اقترح رئيس بلدية ولاية بولو الواقعة شمال غرب تركيا، وهو من حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي الذي يصف نفسه بأنه حزب يساري، بيع الضروريات الأساسية "للأجانب" في الولاية مثل الماء والكهرباء، بتكلفة 10 أضعاف السعر العادي.
ويدعمه في هذه الرؤية الفاشية أصوات حزب جيد القومي الذي يشارك في تأسيس "تحالف الأمة" مع حزبه.
لذلك ينبغي على الاتحاد الأوروبي الذي لم يستطع أخذ زمام المبادرة بشأن قضية اللاجئين السوريين، ألا يرتكب نفس الخطأ فيما يتعلق باللاجئين الأفغان. بل يجب أن يتحرك على الفور لتجنب أزمة مماثلة لأزمة اللاجئين التي واجهها بين عامي 2015-2016.
كما يجب تشكيل منظومة عمل متكاملة تجمع الولايات المتحدة والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، ووضع خطة عمل طارئة موضع التنفيذ في إطار رؤية بلد العبور الرئيسية، تركيا.
وإذا ما تحقق هذا التعاون، فسيكون نموذجاً للتغيرات الديموغرافية المفاجئة في أماكن أخرى من العالم، وسيكون مفيداً أيضاً لكبح الموجة الشعبوية المتزايدة، المناهضة للأجانب في أوروبا.