أثار التصريح الأخير لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون عقب اجتماعه مع أعضاء حكومته، حالة من الذعر في جميع أنحاء العالم، إذ أعلن ظهور نوع جديد من فيروس "سارس-كوفيد 2" في بلاده ينتشر بسرعة أكبر من سابقه بالرغم من الإجراءات المتخذة في لندن وحولها.
وأشار جونسون إلى عدم وجود دليل علمي على أن السلالة الجديدة من الفيروس أكثر فتكاً وشراسة، لكنه أكد على أنه ينتشر بسرعة أكبر بمعدل 70% من الأنواع الأخرى.
وقال "مات هانكوك" وزير الصحة البريطاني إن النسخة الجديدة من الفيروس خرجت عن نطاق السيطرة.
وقد أثارت التصريحات حول الفيروس المتحور ضجة كبيرة في العالم، وبددت الجو الإيجابي الناتج من تجارب اللقاح الواعدة في الرأي العام العالمي واستبدلته بالتشاؤم والإحباط.
واضطرت المملكة المتحدة التي خرجت لتوها من إغلاق وطني استمر لمدة شهر، لإعلان تدابير عزل جديدة بينما عقد الاتحاد الأوروبي اجتماعا استثنائيا لمناقشة تداعيات الأمر. كما حظرت العديد من الدول مثل المملكة العربية السعودية و تشيلي السفر، وعلقت تركيا الرحلات الجوية من أربع دول بشكل مؤقت.
وتم إعطاء البديل الجديد للفيروس اسم "SARS-CoV-2 VUI 202012/01" والذي يشبه إلى حد ما الاسم الذي أطلقه "إيلون ماسك" صاحب شركة "تسلا" على ابنه "X Æ A-12"
وقامت الأوساط العلمية بتقديم ملاحظات مختلفة حول مزاعم جونسون المخيفة.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية "تيدروس أدهانوم غيبريسوس": "في الأيام القليلة الماضية، ظهرت تقارير عن تحورات جديدة في بنية الفيروس في جنوب إفريقيا والمملكة المتحدة تتغير بمرور الوقت. وهذا طبيعي ومتوقع".
وأدلى الأستاذ المساعد "كان يلانجي أوغلو" رئيس قسم السلامة الحيوية بجامعة "أوسكودار" ببعض الملاحظات المدهشة حول الطفرة المعنية.
حيث قال إن حوالي 12.000 طفرة في الفيروس المستجد قد حدثت منذ شهر سبتمبر إلى الآن، منها حوالي 4000 طفرة حدثت على جديلة البروتين المتغيرة فيه، وهذا بحد ذاته أمر بالغ الأهمية لأن هذه الجديلة تمثل الجزء الذي صممت اللقاحات لتطوير أضداد له. وأضاف:"هذا الفيروس هو أحد فيروسات الحمض النووي الريبي، لذلك فإنه سيتحول باستمرار".
لكن "يلانجي أوغلو" أكد أنه بالرغم من إثارة المخاوف الكارثية، فإن الطفرة تمهد الطريق لتطورات تصب في صالحنا قائلاً:"إنهم يتحدثون عن ثلاث طفرات تخيفنا. ولكن هناك طفرة أخرى مثيرة للاهتمام. وهي طفرة التوقف عن التكاثر. والطفرات عموماً هي وسيلة الدفاع التي يستخدمها الفيروس لخداع المناعة، لكن الطفرات الجديدة هي بالواقع تحور ضد الفيروس. وحدث مثل هذا التحور في سنغافورة من قبل حين تم محو حوالي 300 جزء من مكونات الفيروس الأساسية الأمر الذي أدى بالنهاية إلى اختفائه. وبالرغم من وجود سيناريوهات كارثية، فإن هذه الطفرة قد تكون في الواقع لصالحنا ".
والسؤال هنا، لماذا أطلق جونسون ومجلس وزرائه جرس الإنذار بشأن طفرة معينة بينما لوحظ الآلاف من الطفرات الأخرى منذ سبتمبر؟
كان جونسون كما نعلم من أوائل الأشخاص الذين أصيبوا بالعدوى في المملكة المتحدة، وهي دولة يبلغ عدد سكانها 66 مليون نسمة. فهل يشعر بالذعر بسبب هذه التجربة؟ أم هو يسعى لإخافة الآخرين؟
هناك مزاعم تقول بأنه يحاول نشر الذعر لتأخير عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بإشاعة حالة الطوارئ. فهل يمكن أن يدفعه هذا السبب إلى اللجوء إلى تكتيكات أكاديمية ومنها إلى وسائل الإعلام العالمية التي عملت منذ البداية على تحويل مكافحة الفيروس المستجد إلى عملية ترهيب وذعر؟
ومهما يكن السبب وراء الحادث الأخير الذي وُصف بأنه "مسرحية حكومية عبثية"، فإنه قد دخل التاريخ بوصفه أوضح مؤشر على أن الوباء هو بالفعل أكثر من مجرد قضية طبية وأنه دخل عالم السياسة وراح يعبث فيه.