نتيجة للجهود الدبلوماسية المكثفة التي تبذلها تركيا وحوار الرئيس رجب طيب أردوغان الفعال مع رئيسي الدولتين الروسي والأوكراني، توصل الطرفان إلى اتفاق للإفراج عن شحنات الحبوب من البحر الأسود إلى العالم. وسيتم تنفيذ ومراقبة خطة نقل الحبوب بأمان على طول ممر آمن عبر إسطنبول. وفي الوقت الذي عززت فيه تركيا ولا سيما إسطنبول، مكانتها كمركز تجاري ومالي لا غنى عنه بين أوروبا وآسيا وأفريقيا لعدة قرون، فإنها تعمل أيضاً على توسيع قدرتها كمركز دبلوماسي عالمي يوماً بعد يوم.
فإسطنبول تستضيف أكبر المكاتب والمراكز العالمية والإقليمية في العالم بعد المقرات الرئيسية للمنظمات والمؤسسات الدولية الرائدة في العالم مثل الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والبنك الدولي وغيرها. وتتمتع المدينة بميزة الخطوط الجوية التركية التي تمثل العلامة التجارية التركية العالمية، وهي شركة تحلق طائراتها إلى معظم الوجهات في العالم من نقطة واحدة هي استثمار تركيا الضخم المشرف في مطار إسطنبول الكبير الذي أصبح نقطة تقاطع عالمية. وتعمل المدينة أيضاً على تحسين قدرتها كمركز أعمال عالمي ونقطة لقاء للمنظمات العالمية والمنظمات غير الحكومية.
وقد اعترفت الأمم المتحدة أن الجهود الدبلوماسية التركية المكثفة التي استمرت ليل نهار لمدة 6 أسابيع، بالإضافة إلى المفاوضات التي أجراها الأمين العام للحلف أنطونيو غوتيريس، مهدت الطريق لتوقيع اتفاقية "ممر الحبوب الآمن". وفي إسطنبول التي يعتمد عليها الأمن الغذائي لنحو 400 مليون نسمة، كان فهم تركيا للدبلوماسية القوية وريادة الأعمال والإنسانية واضحاً مرة أخرى حيث تجلى بإيجاد حل دائم لأزمة الإمدادات الغذائية العالمية، وهي الأزمة الأكثر خطورة على المستوى العالمي. وهنأت جميع الدول الأعضاء في مجموعة العشرين ومنظمة التعاون والتنمية هذا الإنجاز الذي سيقود إلى نجاح اقتصادي عالمي.
وكالعادة، انطلقت بعض الأصوات المتصدعة قادمة من عدد قليل من وسائل الإعلام الغربية التي تهاجم التصور العالمي لتركيا منذ 10 سنوات دون انقطاع وتعمم معلومات مضللة. ومع ذلك، فإن حقيقة أن قادة العالم البارزين، وخاصة غوتيريس قد أعربوا علانية عن شكرهم وتهانيهم لتركيا ودور أردوغان الاستباقي في مثل هذه القضية العالمية الحاسمة، ما يعني أنه سيتم تسجيل رقم قياسي في التاريخ من حيث تلقي تركيا التقدير الذي تستحقه.
وبعد اجتماعات أردوغان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، كثفت وزارتا الخارجية والدفاع إلى جانب الوزارات والمؤسسات والمنظمات الأخرى عملها من خلال العمل بالتعاون، ما يدل على دافع تركيا لحل المشكلة بما يتماشى مع مبادرات أردوغان الدبلوماسية. ونتيجة لهذه الجهود، تم إنشاء خط اتصال مباشر أطلق عليه "الممر الأمني للحبوب في البحر الأسود". ومن أجل ضمان عمل هذا الممر، المقرر استخدامه للأغراض الإنسانية، ستقوم تركيا أيضاً بتفتيش جميع السفن التجارية قبل دخولها الممر والخروج منه. وسنرى معاً أن إسطنبول ستستمر باستضافة العديد من الإنجازات الدبلوماسية العالمية الأكثر أهمية في الفترة المقبلة.