أظهر مسح أُجري مؤخراً على 50.000 شخصاً في الولايات المتحدة، أن معظم الناس باتوا يطالبون بالحق في العمل من المنزل 2-3 أيام في الأسبوع على الأقل. وربما فكر بعض الموظفين في الاستقالة بشكل جدي، إذا لم يمنحوا هذا الحق.
وبما أن اتجاهات الرقمنة والاستدامة والتنقل التي تطورت منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أصبحت من أولويات الحياة العملية الآن بل وتحولت إلى اتجاهات كبرى خلال الوباء العالمي، فإن عالم الأعمال بأكمله سواء أصحاب العمل أو الموظفين، بدأ يقوم بإجراء تقييم عميق للعمل عن بُعد.
وبناءً على ذلك أدرك الكثيرون وخصوصاً أصحاب العمل، أن العمل عن بعد يمكن أن يكون أكثر إنتاجية في كثير من الحالات، بعد أن كانوا قلقين من أنه قد يتسبب في فقدان الكفاءة، إذ لم يكن هذا الشكل من العمل مقبولاً في جميع أنحاء العالم قبل كوفيد-19 كما أصبح بعده.
لكن ازدياد الأمل في تخفيف تداعيات الوباء العالمي اعتماداً على سرعة وتأثير عمليات التطعيم، جعلت المخاوف تتنامى خشية أن يؤدي العمل عن بُعد إلى تعطيل أو حتى قتل روح الفريق والابتكار في حال استمر هذا النهج إلى أجل غير مسمى.
وفي حين يرغب القطاع المالي أن يعود الموظفون إلى مكان العمل خمسة أيام في الأسبوع، فإن الشركات المبتكرة التي تركز على التكنولوجيا تفضل فكرة أن يأتي موظفوها إلى المكاتب نصف الوقت ويعملون عن بُعد في النصف الآخر. مع ملاحظة أن أكثر الشركات ابتكاراً لا تحبذ عمل موظفيها عن بُعد بشكل كامل، لأنهم يؤمنون أن القدرة على إنتاج حلول سريعة توفرها روح الفريق، وهو أمر حيوي لتطوير المنتجات ولحل المشكلات المحتملة، قد تختفي إذا لم يأت الموظفون إلى مكان العمل مطلقاً.
لهذا السبب، يُتوقع أن تقدم الشركات لموظفيها في المستقبل المنظور جدول عمل مختلط يمنح المزيد من المرونة لاحتياجاتهم الشخصية والعائلية.
وقد أظهرت دراسة شاملة أجريت في شهر يونيو/حزيران الماضي على 50.000 شخص في سن العمل في الولايات المتحدة، أدلة هامة بهذا الصدد حيث أجاب 35.8% من المشاركين أنهم في حال طُلب منهم العودة للعمل في المكاتب لمدة 5 أيام في الأسبوع، بأنهم سيعودون مكرهين حتى يجدوا وظيفةً أخرى تسمح بالعمل من المنزل ليوم أو يومين، بينما أجاب حوالي 6.4% من الموظفين، بالقول: "لا أود الانتظار في ذلك العمل ولا للحظة بل يمكن أن أبقى بلا عمل حتى أجد وظيفة مناسبة".
بعبارة أخرى، ما يقرب من نصف الشريحة المشاركة في الدراسة، أعطوا رسالة مفادها أنهم يريدون قضاء يوم أو يومين على الأقل في العمل من المنزل، ما يفسر ارتفاع معدل الاستقالة إلى 2.5% في القطاع الخاص الأمريكي في مايو/أيار الماضي إلى أعلى نسبة له منذ عام 2000.
كذلك أظهرت نتائج الدراسة أنه حتى لو لم يكن الموظفون مسؤولين عن طفل، فإن معدل الذين يرغبون في العمل من المنزل على الأقل 2-3 أيام في الأسبوع أعلى بكثير مما كان متوقعاً.
ومن ناحية أصحاب العمل، فإن الإجابة التي قدموها عن نفس السؤال، تظهر أنهم يدركون أنه سيتعين عليهم حتى بعد انتهاء الوباء، السماح لموظفيهم بالعمل من المنزل لمدة يوم أو يومين في الأسبوع على الأقل.
وفيما يتعلق بالحياة التجارية بعد الوباء، فدعونا نراقب ونرى كيف سيتم إعادة تشكيلها بعد هذا الحدث العالمي الاستثنائي.