إن ما تسميه بعض وسائل الإعلام الغربية "مشروع قانون الدولة القومية المثير للجدل" هو في الواقع تشريع عنصري ويدافع عن نظام الفصل العنصري الرسمي. وهو المسمار الأخير في نعش حل الدولتين. ويجب أن يرفضه كل من يؤمن بالعدالة والسلام.
وينص مشروع القانون العنصري على ما يلي: "إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي، ولهم حق حصري في تقرير المصير الوطني فيه". هذا يرسل رسالة مرعبة إلى الفلسطينيين في إسرائيل وإلى الملايين من النازحين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، الذين ليس لديهم مكان رسمي في الدولة اليهودية. المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل يعاملون بالفعل كمواطنين من الدرجة الثانية. ولسوف يجعل مشروع القانون هذا وضعهم أسوأ.
وهو يحدد القدس "عاصمة إسرائيل كاملة وموحدة". هذه صفعة أخرى في وجه المجتمع الدولي وقرارات الأمم المتحدة التي لا تعد ولا تحصى والتي رفضت الاحتلال غير القانوني للقدس والأراضي الفلسطينية. بدعم كامل من إدارة ترامب، تسعى حكومة نتنياهو بلا خجل إلى إضفاء الشرعية على الاحتلال وإثارة العداء للعالم الإسلامي بأسره. دعونا نتذكر أنه في 21 ديسمبر 2017، رفضت الجمعية العامة للأمم المتحدة بقوة القرار الأمريكي بقبول القدس عاصمة لإسرائيل "128 رفض و9 أصوات قبول". مع هذا التشريع الجديد، أظهرت إسرائيل مرة أخرى أنها ترى نفسها فوق القانون الدولي.
هناك بنود مقلقة أخرى في القانون الجديد. يشير إلى أهمية "تطوير الاستيطان اليهودي كقيمة وطنية". هذا ليس سوى إعلان لاستمرار سياسة الاحتلال. يظهر مرة أخرى أن حركة الاستيطان استولت على إسرائيل، مما قوض أي فكرة عن الديمقراطية والمساواة والحقوق المدنية. إن السعي إلى توسيع وإضفاء الشرعية على الاحتلال كسياسة وطنية في القرن الواحد والعشرين يبين الدرجة التي يستند بموجبها النظام الدولي الحالي إلى القوة بدلاً من الحق. وينطوي هذا النهج على أن أي تسوية سياسية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ستكون على أساس شروط إسرائيل فقط. هذه وصفة لكارثة وفشل كامل لأن السلام لا يمكن أن يكون مستدامًا بدون عدالة.
مع مشروع القانون الجديد، تدخل الخطة الصهيونية للقضاء على الشعب الفلسطيني والأراضي الفلسطينية من على وجه الأرض مرحلة جديدة. بعد أن تم إقراره، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو للكنيست: "هذه لحظة حاسمة في تاريخ الصهيونية وتاريخ دولة إسرائيل". هذا اعتراف بأن المشروع الصهيوني، الذي رفضه العديد من اليهود المؤيدين للسلام والضمير، سيستمر على حساب أرواح وأراضي وحرية الشعب الفلسطيني.
على العالم أن يرفض مشروع القانون هذا لأنه يرقى إلى محو الشعب الفلسطيني من وطنه ماديا وقانونيا. وهو يضع سابقة فظيعة يمكن بموجبها لقوة احتلال أن تدعي النصر والشرعية. إنه يقوض أي شعور بالقانون والنظام الدوليين. ويحول الأمم المتحدة مرة أخرى إلى هيئة ضعيفة وغير ذات صلة.
رفضت كل من تركيا وجامعة الدول العربية وقطر والاتحاد الأوروبي مشروع القانون، ووصفوه بأنه تمييزي وأشاروا إلى عواقبه الوخيمة على حل الدولتين. تم قبول مشروع القانون بـ 62 صوتا "نعم"، مقابل 55 صوت قالوا "لا" في الكنيست الإسرائيلي. انتقدت العديد من المنظمات اليهودية في إسرائيل والولايات المتحدة القانون، ووصفوه بأنه غير ضروري ومضاد. هذه الأصوات مهمة ويجب دعمها. يجب على جميع البلدان والمجتمعات المحلية وجماعات المناصرة التي تؤمن بتسوية عادلة وشرعية وتاريخية للنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني أن تجمع قواها ضد المدافعين عن العنصرية والفصل العنصري.
لا توجد مأساة حديثة مؤلمة وغير عادلة مثل الألم والعذاب الذي تعرض له الفلسطينيون كشعب محتل. لقد تم إسكات معاناتهم وتهميشهم وحتى إرهابهم من قبل المستوطنين/المحتلين المتطرفين والسياسيين الإسرائيليين والأمريكيين اليمينيين. قد يعمل الاضطهاد والتوتر لصالح السياسة الشعبوية لتحقيق مكاسب قصيرة الأجل، لكنه لن يحقق السلام والنظام والأمن والازدهار للشعوب الإسلامية والمسيحية واليهودية في الشرق الأوسط. يرتكب السياسيون الأمريكيون خطأ فادحًا عبر تقديم دعم غير مشروط لسياسات إسرائيل غير القانونية والعنصرية. أولئك الذين يلتزمون الصمت في وجه الاحتلال والقمع الإسرائيلي اللذان لا نهاية لهما، هم أيضا مذنبون بالتغاضي عن سياسات دولة الفصل العنصري. يستحق الفلسطينيون والإسرائيليون أفضل من ذلك.