"أصيب الكثيرون بالصدمة عندما قرؤوا تقرير هيئة مراقبة مكافحة الاحتيال التابعة للاتحاد الأوروبي مثلما حدث مع إيلفا جوهانسون التي قالت: لقد صدمني التقرير تماماً كما حصل معكم".
جوهانسون التي فوجئت بتقرير هيئة مكافحة الاحتيال التابعة للاتحاد الأوروبي OLAF، ليست مسؤولةً من الدول التي تقف ضد الكتلة الغربية بل هي مسؤولة من أعلى قمة في الاتحاد فهي تشغل منصب المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية.
وكشف تقرير الهيئة عن حقائق حول وكالة الحدود الأوروبية "فرونتكس"، لطالما دأبت تركيا على تكرارها رسمياً على كل المنصات منذ شهور، وراحت تقدم الصور والأدلة الدامغة عليها.
فوفقاً لتقرير OLAF الذي وضعته بوابة حرية المعلومات ومقرها ألمانيا في متناول الجمهور، إضافةً إلى وسائل الإعلام مثل صحيفة "دير شبيغل" وتقارير "لايت هاوس"، أخفى كبار مسؤولي "فرونتكس" انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان من قبل مسؤولين يعملون في إدارات تشرف على رصد انتهاكات الحقوق الأساسية. علاوة على ذلك، قامت السلطات التي علقت الاستطلاع الجوي لمنع تسجيل الأنشطة غير القانونية، بتمويل الوحدات اليونانية التي تنفذ عمليات الإعادة.
نعم، أصبحت "فرونتكس" وهي أكبر مؤسسة تحت مظلة الاتحاد الأوروبي بميزانية قدرها 738 مليون دولار والمسؤولة عن حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، الفاعل الرئيسي في واحدة من أكبر الفضائح في تاريخ الاتحاد الأوروبي.
وبفضل هذا التقرير، تم توثيق جميع أنواع سوء المعاملة من التعذيب إلى الموت، بموافقة وحتى بدعم من "فرونتكس".
صمت الغرب:
وبينما كانت أخبار إنقاذ المهاجرين الذين دفعتهم اليونان حتى الموت تتناقل كل يوم تقريباً في وسائل الإعلام التركية، ولفت مسؤولون أتراك رفيعو المستوى انتباه الرأي العام إلى مقتل مهاجرين في بحر إيجه من خلال صور الأقمار الصناعية، كان هناك صمت شديد في الصحافة الغربية. ولو لم يتم تسريب هذا التقرير، لربما تمت تسوية هذه الفضيحة بصمت.
ومع ذلك، لا بد أن نؤكد أنه بالرغم من تسريب التقرير للصحافة، لكنه لم يُمنح أولويةً على رأس جدول أعمال العالم الغربي. ومع استقالة فابريس ليجيري رئيس "فرونتكس" في أبريل/نيسان الماضي، إلا أن القضية أكبر بكثير من اتخاذ إجراء الاستقالة فقط. وعلى سبيل المثال، هذا جزء من الخبر المنشور في "دير شبيغل":
"لقد أخفت إدارة فرونتكس مراراً انتهاكاتٍ محتملةٍ لحقوق الإنسان عن السلطات المسؤولة عن رصد حقوق الإنسان الأساسية. وقامت الوكالة بتعطيل معدات المراقبة الجوية لتجنب تسجيل انتهاكات القانون. علاوة على ذلك، قامت فرونتكس بتضليل الهيئات المسؤولة عن الإشراف على الوكالة. ولم تضع حداً للعمليات المشتركة من خلال انتهاك المادة 46 من اللائحة ذات الصلة".
ويتمثل جانب القضية الذي يهم تركيا في أنه اتضح أن "فرونتكس" قامت بالتستر على خفر السواحل اليوناني الذي دفع المهاجرين بشكل غير قانوني إلى المياه الإقليمية التركية. وهذه الحقيقة التي أشارت إليها تركيا منذ سنوات، تم تسجيلها أيضاً من قبل مؤسسة تابعة للاتحاد الأوروبي.
كما يتضمن التقرير أيضاً الحديث عن مغادرة الطائرات المسيرة عمداً أو إغلاق كاميراتها "بطريقة سحرية" عندما تنخرط اليونان في ممارسات غير إنسانية ضد اللاجئين، واستمرار تمويل "فرونتكس" لليونان بالرغم من هذه المعاملة اللاإنسانية.
وفي الوقت الذي كان فيه الاتحاد الأوروبي غارقاً في هذه الفضيحة، تظاهر وزير الهجرة واللجوء اليوناني نوتيس ميتاراشي بعدم حدوث شيء وادعى أن تركيا هي التي تسيء معاملة اللاجئين. وقال الوزير اليوناني وهو ينشر صورة للمهاجرين المستضعفين الذين تم تجريدهم من ملابسهم، "إن موقف تركيا تجاه 92 مهاجراً تم إنقاذهم على الحدود اليوم يمثل إحراجاً للحضارة. ونتوقع أن تحقق أنقرة في الحادث وأن تلتزم بحماية حدودها مع الاتحاد الأوروبي".
إنه لأمر مثير للسخرية حقاً!
وفي رده على هذا الاتهام الوقح أشار رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون إلى "التزامن المهم" مع الفضيحة قائلاً:
"على السلطات اليونانية أولاً تقديم تقرير عن الأطفال الذين تسببت في غرقهم في بحر إيجه، والأشخاص الذين سرقوا وضربوا بالأحزمة وجمدوا حتى الموت في ميريتش، بالتعاون مع فرونتكس".
إنها لحقيقةٌ أن الحكومة اليونانية مدينة بهذه الوقاحة لـ "مفوض الاتحاد الأوروبي للحدود". وهذا هو السبب وراء التسامح اللامحدود والتفضيل تجاه أثينا في العواصم الأوروبية.
ومع ذلك، فإن جهود اليونان لإثبات نفسها للقوى العظمى من خلال جثث المهاجرين الذين ليس لديهم ما يخسرونه سوى حياتهم في بحر إيجه تذهب سدى. لأنه من المستحيل الإساءة إلى تركيا التي تستضيف قرابة 6 ملايين لاجئ.