سيتنافس المرشحون لرؤساء البلديات من التحالفات الانتخابية الرئيسية في تركيا مرة أخرى يوم 23 يونيو. وبما أن الفوارق بين المعسكرين المتنافسين قليلة، فإن كلا المرشحين سيركزان في المقام الأول على الحفاظ على ما سبق أن اكتسبوه من الدعم الشعبي. علاوة على ذلك، سيحاول كل منهما الفوز بأكثر من 1.7 مليون ناخب لم يشاركوا في انتخابات مارس/آذار. ووفقاً للتطورات المبكرة، لن تكون حرب الكلمات بين بن علي يلدريم و أكرم إمام أوغلو أقل حدة هذه المرة أيضاً. كما سيظهر أنصار كلا التحالفين في الصدارة. معارضة المنظمات الإرهابية مثل "بي كا كا" وجماعة غولن الإرهابية، لتحالف الشعب ليس سراً؛ بينما يشارك الإعلام الغربي أيضاً في معاداة أردوغان، ويلقي بثقله وراء حملة إمام أوغلو بحجة دعم الديمقراطية التركية.
ومن غير المرجح أن تؤثر هذه الخطوط المألوفة للغاية في كيفية تفكير عامة الناس. ومع ذلك، لا يمكننا تجاهل أن حملة التشويه الحالية هي جزء من جهد أوسع للتأثير على المستثمرين ومجتمع الأعمال لاستهداف الاقتصاد التركي.
سيكون الاقبال الانتخابي عاملًا رئيسيا في انتخابات البلدية المقبلة في إسطنبول. تعمل كلتا الحملتين بجد لرفع نسبة المشاركة -التي كانت 84 بالمائة في مارس- لصالحها. ولتحقيق النجاح، يجب أن يحافظ كلا الطرفين على مؤيديه الحاليين وأن يشجع على مشاركة أعلى وهذا هو السبب في أن الأطر الرئيسية للحملتين وكيف تتفاعلان مع بعضهما البعض، موضوع يحمل الكثير من الفضول.
اعتمد مرشحو حزب الشعب الجمهوري العديد من التصريحات والتكتيكات الخاصة بحزب العدالة والتنمية قبل انتخابات 31 مارس. ويبدو أن "أكرم إمام أوغلو" سيفعل الشيء نفسه خلال الأسابيع القادمة. ومن الأمثلة على ذلك شعارات الحملة الانتخابية - "كل شيء سيكون رائعاً" و"أكبر بكثير". إن تنافس الطرفين على من سيجعل مستقبل البلاد "أكبر" يجسد جوهر المنافسة الديمقراطية.
سيضمّن كلا الحزبين دروس انتخابات 31 مارس في إستراتيجيات حملتهم الجديدة. إن قدرتهم على استخدام جدول الأعمال الإيجابي، وتحقيق توازن صحي بين الزعماء الوطنيين ومرشحي رئاسة البلدية، وما إذا كان بإمكانهم الوصول إلى الناخبين على المستوى الشعبي، هي التي ستحدد نتيجة الانتخابات. سيكون من الأهمية بمكان أيضاً، الاستجابة لطلبات المعسكر المعارض التي نادى بها لمدة 40 يوماً تقريباً.
في مارس/آذار، أكد تحالف الشعب على مسألة البقاء الوطني وسلط الضوء على سجلّه القوي. وخلال الحملة الانتخابية، تحدث ممثلو التحالف عن نضال تركيا وإنجازاتها. تحالف الأمة، بدوره، بنى حملته حول التواصل والشمولية. بدلاً من مناقشة المشاريع الفردية، شارك في مظاهرات "الحب الراديكالي" وأبقى رد فعل قاعدته الشعبية تحت السيطرة. كانت إستراتيجية حزب الشعب الجمهوري في الإعلان عن مرشحه "إمام أوغلو" بالتركيز على القصص الفردية. ورغم أن انتخابات يونيو ستتم في إسطنبول وحدها، إلا أنها ستمهد الطريق لمجموعة من القضايا الكبيرة والصغيرة. في وقت تكافح فيه تركيا الإرهاب، فمن المؤكد أن نوع التحديات التي نواجهها سيكون مطروحاً في المناظرات الساخنة. في الوقت نفسه، ألقى تحالف الأمة باللوم على قرار اللجنة العليا للانتخابات، بإلغاء التنافس على منصب عمدة إسطنبول، واصفينه أنه "ديكتاتوري". وإن ادعاء رئيس حزب الشعب الجمهوري "كمال قليجدار أوغلو" بأن قرار الإلغاء يمثل "تدخلًا ضد الإرادة الوطنية"، ليعكس هذا النهج.
أعتقد أن القضايا الصغيرة، بدلاً من القضايا الكبيرة، ستلعب دوراً بارزاً في سباق البلدية المقبل. يتميز حزب العدالة والتنمية والرئيس رجب طيب أردوغان عن الآخرين، بعلاقتهم الصادقة بالناخبين. ومرة أخرى، التفاعل وجهاً لوجه مع الناخبين، والذي كان طريقةً شائعة منذ أيام حزب الرفاه. و"يلدريم"، أيضاً، سياسيٌّ يحظى تواضعه بتقدير كبير.
ومختصر الكلام، سيتم حسم انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول، من خلال قدرة كل مرشح على التواصل مع الناخبين عبر القصص الصغيرة. ستفشل التكتيكات المصطنعة وسينتصر الإخلاص.