في خضم التصعيد الجديد بين واشنطن وطهران بعد الهجوم الذي استهدف الخميس ناقلة نفط إسرائيلية في بحر عمان، تعهدت الولايات المتحدة مع حلفائها بـ"رد جماعي" ضد إيران، بعد اتهامها بالمسؤولية عن الهجوم.
فيما نفت إيران أي صلة لها بالهجوم الذي استهدف ناقلة النفط "أم/تي ميرسر ستريت". وقالت الاثنين إنها سترد على أي "مغامرة" في حقها، بعد تهديدات إسرائيلية وأميركية وبريطانية بالرد على الهجوم.
يأتي هذا التوتر الشديد، عشية تولي الرئيس الإيراني الجديد المحافظ ابراهيم رئيسي مهماته رسمياً لولاية من أربع سنوات، بعد موافقة المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية آية الله علي خامنئي على انتخابه الثلاثاء.
ولم يُعلن أي طرف مسؤوليته عن الهجوم الذي قالت واشنطن إنه نُفذ بطائرة مسيرة.
وقُتل في الهجوم موظف بريطاني في شركة "امبري" للأمن وآخر روماني من أفراد الطاقم، بحسب شركة "زودياك ماريتايم" المشغلة للسفينة والمملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي إيال عوفر.
ووجهت إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا ورومانيا أصابع الاتهام إلى إيران، فيما هددت إسرائيل بإجراءات انتقامية.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الاثنين "نحن على اتصال وثيق وتنسيق مع المملكة المتحدة وإسرائيل ورومانيا ودول أخرى. وسيكون الرد جماعياً".
ووصف الحادث بأنه "تهديد مباشر لحرية الملاحة والتجارة"، لكنه قلل من شأن الاقتراحات القائلة إنه يعكس طابع التشدد الذي يتسم به رئيسي.
وقال "رأينا سلسلة أفعال قامت بها إيران على مدى أشهر عدة، بما فيها ضد حركة الشحن، لذا لست متأكداً من أن هذا الفعل بالتحديد هو أمر جديد أو يُنذر بشيء ما، بطريقة أو بأخرى، بالنسبة إلى الحكومة الجديدة". وأضاف "لكن ما يقوله هو أن إيران تواصل التصرف بقدر هائل من اللامسؤولية".
وكان بلينكن أعلن في وقت سابق أن بلاده واثقة من أن إيران شنت الهجوم. وجاءت مواقفه بعد ساعات على تحذير المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده في بيان من أن "الجمهورية الإٍسلامية الإيرانية لن تتردد في الدفاع عن أمنها ومصالحها القومية". وأكد أنها "سترد بشكل فوري وحاسم على أي مغامرة محتملة".
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي الاثنين إن إيران لاعب "سيئ على الساحة الدولية (..) لكننا ما زلنا نعتقد أن البحث عن قناة دبلوماسية (...) يصب في مصلحتنا الوطنية"، مكررةً رغبة إدارة بايدن في إنقاذ الاتفاق النووي مع إيران.
وأشارت ساكي في مؤتمر صحافي إلى أن الرجوع إلى هذا الاتفاق سيجعل الولايات المتحدة "في موقع أفضل للاستجابة لهذه المشاكل الأخرى".
- استدعاء سفراء -
لا تُقيم جمهورية إيران الإسلامية علاقات دبلوماسية مع واشنطن منذ 1980 فيما لا تعترف بوجود الدولة العبرية.
وغداة الهجوم، اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد إيران بأنها "مصدر للإرهاب والدمار وعدم الاستقرار يؤذي الجميع"، داعياً إلى تحرك ضدها في الأمم المتحدة.
وقال خطيب زاده "على النظام الصهيوني ... وقف اتهامات كهذه لا أساس لها".
إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت شدد على مسؤولية إيران، مؤكداً أن بلاده تملك "أدلة على ذلك".
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس الاثنين أمام الكنيست "لهذا السبب بالتحديد، يجب أن نتحرك الآن في مواجهة إيران (...) إنه ليس تهديداً مستقبلياً، لكنه خطر ملموس ومباشر".
من جهتها، اعتبرت بريطانيا على لسان رئيس وزرائها بوريس جونسون الاثنين، أن على إيران "تحمل عواقب ما فعلت"، مضيفة "واضح أن هذا الهجوم على سفينة تجارية مشين ومرفوض".
واستدعت الخارجية البريطانية في وقت سابق الاثنين السفير الإيراني محسن باهارفاند لاستيضاحه في ما يتعلق بـ"الهجوم غير المشروع".
واستدعت السلطات الرومانية بدورها سفير إيران في بوخارست.
في طهران، ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) أن وزارة الخارجية استدعت القائم بالأعمال البريطاني "للاحتجاج على تصريحات" جونسون. وأبلِغ بأن "هذه التصريحات المتسرعة والمتناقضة والتي لا أساس لها، مرفوضة ومدانة جدا. إن مصدر زعزعة الاستقرار في الخليج الفارسي ليست إيران، بل وجود سفن وقوات أجنبية من خارج المنطقة".
كذلك، استدعت الخارجية الإيرانية السفيرة الرومانية، احتجاجاً على مضمون بيان عن وزارة خارجية بلادها حمل إيران مسؤولية الهجوم، وفق إرنا. وأبلغت طهران الدبلوماسية الرومانية بأن الاتهامات "تفتقر إلى الصفة القانونية وغير مقبولة".
منذ سنوات، تتواجه إسرائيل وإيران بشكل مباشر أو غير مباشر في لبنان وسوريا وقطاع غزة. لكن في الأشهر الأخيرة، انتقلت المواجهة إلى البحر، مع سلسلة عمليات تخريب وهجمات.
وكان هجوم الخميس المثال الأخير على العداء القائم بين إيران وإسرائيل.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية في آذار/مارس الماضي عن مسؤولين أميركيين وشرق أوسطيين قولهم إن إسرائيل استهدفت عشر سفن على الأقل كانت متجهة إلى سوريا وتنقل بمعظمها نفطاً إيرانياً منذ أواخر 2019 بواسطة ألغام بحرية.
وقال خطيب زاده الاثنين "إن كانت لديهم أدلة تدعم مزاعمهم التي لا أساس لها، فعليهم توفيرها"، آخذا على لندن وواشنطن لزوم الصمت عندما يتعلق الأمر بـ"هجمات إرهابية" تستهدف "سفنا تجارية" إيرانية.