برزت انقسامات دولية اليوم الأربعاء، قبل ساعات من اجتماع مجلس الأمن الدولي لمناقشة أزمة لاجئي الروهينغيا، جراء إعلان الصين مساندتها للعملية العسكرية التي ينفذها جيش ميانمار في إقليم أراكان.
ويبدو أن التدخل الصيني يهدف إلى قطع الطريق على أي محاولة لفرض عقوبات ضد ميانمار بمجلس الأمن، الذي يجتمع اليوم لمناقشة عملية الجيش التي انتقدتها واشنطن ووصفتها الأمم المتحدة بأنها "تطهير عرقي"، وأجبرت 370 ألفا من أبناء هذه الأقلية على النزوح إلى بنغلاديش المجاورة.
والصين كانت إحدى الدول القليلة الصديقة للنظام العسكري السابق في ميانمار، فيما وسّعت بكين احتضانها لميانمار في ظل الحكومة المدنية الحالية، في إطار إستراتيجيتها الواسعة المتعلقة بالتجارة والطاقة والبنية التحتية لجنوب شرق آسيا.
ومنذ 25 أغسطس/آب الماضي، يرتكب جيش ميانمار والمليشيات البوذية إبادة جماعية ضد مسلمي الروهينغيا في أراكان (راخين).
وروى لاجئون فروا من أعمال العنف، شهادات عن فظائع ارتكبها جنود بوذيون أحرقوا خلالها منازلهم وسووها بالأرض.
وتنفي حكومة ميانمار أي انتهاكات من قبل جيشها، وتدعي بأن المسلحين هم من يقومون بإحراق آلاف القرى ومنها العديد من قرى المسلمين.
لكن الضغط الدولي تزايد على حكومة ميانمار خلال الأسبوع الجاري مع إعلان المفوض السامي لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة زيد رعد الحسين، أمس الأول الاثنين، أن "الوضع نموذج كلاسيكي عن عملية تطهير عرقي".
وعبرت الولايات المتحدة عن "القلق" إزاء أعمال العنف، فيما أعلن مجلس الأمن أنه سيجتمع اليوم لمناقشة الأزمة.
ويتزايد السخط على مستشارة الدولة (رئيسة الحكومة) أونغ سان سوتشي، التي كانت تلقى تأييدا من نشطاء حقوق الإنسان، لكنها تواجه حاليا اتهامات من الدول الغربية التي احتفت بنيلها جائزة نوبل للسلام، بالتغاضي عن كارثة إنسانية، بل حتى التحريض عليها.
إلا أن بكين وجهت لها الثلاثاء عبارات أكثر تشجيعا، إذ أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية غينغ شوانغ، عن التأييد لما سماه جهود حكومتها للحفاظ على السلام والاستقرار في أراكان.
وقال في مؤتمر صحفي "نأمل عودة النظام والحياة الطبيعية هناك في أقرب وقت ممكن".
وفي موقف قريب من نظيره الصيني، أعرب رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، عن مشاركته حكومة ميانمار مخاوفها بشأن "العنف المتطرف" غرب البلد الأخير.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقد إثر لقاء جمع مودي بـ "سوتشي"، في العاصمة ناي بي تاو، الأربعاء الماضي، إذ قال مودي مخاطبًا سوتشي "نشارك مخاوفكم بشأن العنف المتطرف في إقليم أراكان".
وأعرب مودي عن أمله في أن تتمكن "جميع الأطراف المعنية في ميانمار من إيجاد مخرج يحفظ وحدة وسلامة أراضي البلاد"، مبديا، في الآن نفسه، "قلقه" جراء استمرار العنف في أراكان.
من جانبها، أعربت سوتشي عن شكرها للهند لدعمها ميانمار؛ وقالت "معا نستطيع ضمان عدم السماح للإرهاب بالتجذّر في أرضنا أو بالدول المجاورة".
ولا تتوافر إحصائية واضحة بشأن ضحايا تلك الإبادة، لكن ناشط حقوقي بأراكان، قال للأناضول، إنهم رصدوا 7 آلاف و 354 قتيلًا، و6 آلاف و 541 جريحًا من الروهينغيا منذ بداية حملة الإبادة الأخيرة وحتى 6 سبتمبر/أيلول الجاري.
بينما قالت دنيا إسلام خان، المفوضة السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، إنّ عدد الروهينغيا الذين فروا إلى بنغلاديش منذ بدء موجة الإبادة الأخيرة بحقهم في أغسطس، بلغ 370 ألفًا.
ومعظم اللاجئين بحاجة ماسة إلى الغذاء والعناية الطبية والمأوى بعد السير لأيام في التلال والأدغال أو التجرؤ على عبور النهر الفاصل بين الدولتين بمراكب متداعية تعرضهم للخطر.
وأمس، دعت منظمتا "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية" الحقوقيتان الدوليتان مجلس الأمن الدولي إلى الضغط على حكومة ميانمار لوقف "التطهير العرقي" ضد أبناء الروهينغيا بإقليم أراكان.
وفي السياق نفسه، أكد مراسل شبكة "بي بي سي" البريطانية في ميانمار، جوناثان هيد، أنه حصل على اعتراف من أحد الرهبان البوذيين بأنهم يحرقون قرى المسلمين الروهينغيا في إقليم أراكان بالتعاون مع الشرطة.
ولفت "هيد" إلى أنه حصل على الاعتراف خلال زيارة ميدانية أجراها مع فريقه إلى مقاطعة "ماونغداو" المنكوبة الواقعة في أراكان.
وفي بيان أمس الأول الاثنين، دافعت وزارة خارجية ميانمار عن الجيش لقيامه "بواجبه الشرعي لاستعادة الاستقرار"، فيما كتب المتحدث الحكومي زاو هتاي، على تويتر أنه "ليس لدينا سياسة للتفاوض مع الإرهابيين".
تجدر الإشارة أن اجتماع مجلس الأمن المتعلقة بالأزمة، ينعقد في وقت لاحق اليوم، بناء على طلب من بريطانيا والسويد، وسط تزايد القلق إزاء أعمال العنف المستمرة.
وسبق أن عقد مجلس الأمن اجتماعات مغلقة أواخر أغسطس المنصرم لمناقشة العنف في أراكان، لكن دون التوصل إلى بيان رسمي.