تشتهر كشمير وتركيا على مستوى العالم بالفنون والمأكولات والحرف اليدوية والثقافات والتقاليد التراثية الفريدة. ويعتبر فن التطريز في كشمير أحد أهم الفنون التقليدية بسبب القيمة الكبيرة التي تنبع من تفرده وثرائه، إذ تتمتع كشمير عموماً بتقاليد قديمة ولكن التطريز يبرز بينها ويتمتع بشهرة خاصة في الدول الغربية والأوروبية. ويمتلك الأتراك أيضاً حساً فنياً يرتبط بفن التطريز منذ العصور الغابرة. ويستعرض هذا المقال التطريز التركي والكشميري معاً ويشير إلى أوجه التشابه والاختلاف في تفاصيل هذا الفن في البلدين.
أولى الأتراك و الكشميريون أهمية كبيرة لزخرفة الأشياء التي كانوا يرتدونها أو يستخدمونها، مما أدى إلى تطور فن التطريز في كلا البلدين على مر القرون. ويتم في كل من تركيا وكشمير تطريز جميع أنواع الأقمشة تقريباً مثل الحرير والقطن والبوليستر بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال قطع صغيرة يتم تثبيتها على الاقمشة بعد الانتهاء من تطريزها. ومن أشهر الملبوسات التي يتم تطريزها في كشمير، الشالات التقليدية والأثواب الفضفاضة التي تسمى "الفيران" والتي يفضل أن تكون مطرزة يدوياً حيث يستخدم الفنانون الكشميريون عموماً الألوان الفاتحة في تطريزها.
أما في تركيا، فيتم تطبيق التطريز على مجموعة متنوعة من الأشياء، بما في ذلك سجادات الصلاة والأحذية والشالات والمناديل والحجابات وعباءات الزفاف وأطقم الفراش. ويفضل الفنانون الأتراك استخدام الألوان الجريئة والحيوية مثل الأحمر والأزرق والأخضر لهذه الزخارف، بينما يقومون أحياناً بإنشاء لوحات خلابة باستخدام الألوان الناعمة والهادئة.
وتعتبر الزخارف المستخدمة في فنون التطريز التركية والكشميرية أكثر ثراءً من تلك المستخدمة في الحرف اليدوية الأخرى. وهناك ثلاثة أنماط أساسية شائعة للتطريز في كشمير، وهي نماذج مأخوذة من أشكال اللوز وزهور اللوتس وأوراق القيقب المحلية. لكن الكشميريين اعتمدوا أيضاً مجموعة متنوعة من التصاميم مثل الفواكه والزهور والطيور والعمارة وخصوصاً ثمار التفاح والكرز والعنب والمانجو والزعفران إلى جانب أوراق الزنابق والعصافير والببغاوات وطائر نقار الخشب وصور المراكب الخشبية والقوارب الشراعية. ويتم تصدير المنتجات المطرزة بهذه الزخارف بشكل شائع إلى معظم دول العالم وخصوصاً إلى الهند. كما تمتلك تركيا أيضاً مجموعة متنوعة من الزخارف، من أهمها التصاميم الهندسية والأشكال الحيوانية والزهور وأنماط الفاكهة والازهار مثل الزنبق والقرنفل والورود والبنفسج إلى جانب البيوت الصغيرة والخيام والقوارب والجبال والتلال.
ويصنف التطريز في كل من تركيا وكشمير إلى مجموعات بحسب نوع الإبرة المستخدمة ونمط التطريز. ففي تركيا هناك العديد من الأنواع المختلفة مثل "سوزيني" وهو نوع من التطريز بإبرة الحياكة على قماش مشدود على إطار التطريز، و "كاسناك إشي" وهو تطريز نافر ومحصور في إطار و"عنتاب إشي" المنسوب إلى ولاية غازي عنتاب جنوب شرق تركيا. أما في في كشمير، فتشمل هذه المجموعات أيضاً "زالاك دوزي" وهو التطريز بغرزة السلسلة و"زار دوزي" وهو التطريز بخيط معدني ثقيل على القماش وهو موجود في تركيا ايضاً و"آري" وهو التطريز السطحي باستخدام خيوط الصوف و"سوزني" وهو التطريز بغرز الساتان.
وفي كشمير يطبق التطريز عادةً بالخيوط الذهبية والفضية حول الأكمام الطويلة للملابس. أما في تركيا فغالباً ما يتم استخدام التطريز الثقيل المصنوع من الخيوط الذهبية والفضية في الاحتفالات الخاصة مثل الأعراس أو ليالي الحناء.
ويكمن التشابه الأساسي بين التطريز التركي والكشميري بأن كلاهما يتم يدوياً. ولأن العمل اليدوي تغلب عليه الدقة ويستغرق وقتاً طويلاً، نجد الأعمال المطرزة المتقنة باهظة الثمن. وتبقى المطرزات الملونة أو المعدنية مثاليةً للمناسبات ولا يمكن الاستغناء عنها في الاحتفالات الهامة، ولهذا السبب تستمر شعبيتها في التنامي في كلا البلدين.
يذكر أن الفنانين والحرفيين في إنكلترا أنتجوا بين القرنين السادس عشر والثامن عشر، منسوجات المفروشات المطرزة بعقد من الخيوط سميت بمطرزات "الصنعة التركية". كما تم استخدام العقد التركية في التنجيد وأغطية الطاولات، وتميزت تصاميم هذه المنتجات اليدوية الفريدة بزهور ذات تنسيق هندسي.
أما اليوم فقد سهّل الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي شراء المنتجات المطرزة الأصلية من تركيا وكشمير. كما وفر عالم الاتصالات السريع روابط مباشرة بين الحرفيين المحليين وعملائهم، مما ساعد على ازدهار فن التطريز في الأسواق الأوسع وصناعة الموضة.