كشفت دراسة حديثة أن المراهقين في جميع أنحاء العالم خاصة الفتيات، انخرطوا في مستوى كبير من استخدام الأدوية غير الموصوفة والمكملات الغذائية وغيرها من منتجات إنقاص الوزن.
وبعد مراجعة العديد من الدراسات التي امتدت لأربعة عقود من الزمن، تشير تقديرات الباحثين إلى أن ما يقرب من 9% من المراهقين على مستوى العالم، استخدموا منتجات إنقاص الوزن دون وصفة طبية في حياتهم، مع استخدام نصفهم تقريباً مثل هذه المنتجات في الشهر الماضي.
وكانت حبوب الحمية الأكثر انتشاراً بين هذه المنتجات، حيث يستخدمها حوالي 6% من المراهقين طوال حياتهم، تليها الملينات التي يستخدمها حوالي 4%، ومدرات البول التي يستخدمها حوالي 2%.
وتشكل هذه المنتجات خطراً على الصحة الجسدية والعقلية للأطفال، ولا ينصح بها طبياً للحفاظ على الوزن الصحي. وربطت الأبحاث السابقة بين استخدام منتجات إنقاص الوزن دون وصفة طبية واضطرابات الأكل وانخفاض احترام الذات والاكتئاب وتعاطي المخدرات لدى المراهقين. كما ارتبطت أيضاً بسوء التغذية في مرحلة المراهقة وزيادة الوزن غير الصحي في مرحلة البلوغ.
وحذرت الدكتورة باولا كودي، المديرة العلمية لقسم طب المراهقين في كلية الطب والصحة العامة بجامعة ويسكونسن، من مخاطر حبوب الحمية والمكملات الغذائية منذ أكثر من 6 سنوات، بعد سماع عدد كافٍ من المرضى يسألون عن المكملات الغذائية لإنقاص الوزن أو اكتساب العضلات، وغيرها.
وقالت: "لقد زاد معدل حدوث اضطرابات الأكل بشكل كبير بعد الوباء. وبالفعل رأينا الأرقام ترتفع بشكل مثير، لذلك أعتقد أن القلق الذي كان لدي من قبل، والذي لم يكن بسيطًا في ذلك الوقت، زاد الآن وأصبح أكثر".
هذا وقد وجدت إحدى الدراسات التي أجريت عام 2022 أن حالات دخول المستشفيات بسبب اضطرابات الأكل بين الأطفال في الولايات المتحدة، زادت بمعدل 10 مرات أسرع في السنة الأولى لجائحة كوفيد-19 مقارنةً بالسنوات السابقة، فيما أظهرت دراسات أخرى زيادة في زيارات أقسام الطوارئ أيضاً.
وخلال عملها مع المرضى الذين يعانون من اضطرابات الأكل، قالت كودي إنها تلاحظ أحياناً تغيرات جذرية في معدل ضربات القلب أو ضغط الدم أو أنماط النوم.
وقالت إن بعض المرضى يمكنهم التوقف عن تناول الحبوب عندما يدركون العواقب الصحية السلبية التي تسببها. لكن بالنسبة للآخرين، فإن اضطراب الأكل يقنعهم بأن صحتهم أقل أهمية من الرقم الذي يرونه على الميزان.
وعلقت بالقول: "في مجتمع يشعر بأنه سيفعل كل ما بوسعه لإنقاص الوزن، يمكن أن تكون حبوب الحمية شيئاً مثيراً للاهتمام للغاية".
وتتزايد السمنة لدى الأطفال في جميع أنحاء العالم. وعانى نحو 39 مليون طفل من السمنة عام 2022، بحسب منظمة الصحة العالمية. أما في الولايات المتحدة، فتُعتبر السمنة لدى الأطفال "مشكلة خطيرة"، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC، حيث تؤثر على ما يقرب من واحد من كل خمسة أطفال تتراوح أعمارهم بين 2 إلى 17 عاماً.
لكن برامج إنقاص الوزن ضمن نظام الرعاية الصحية الرسمي مصممة للحماية من بعض المخاطر، إذ يقول الخبراء إن هذا لا يحدث عندما يلجأ المراهقون إلى حبوب الحمية أو غيرها من منتجات إنقاص الوزن غير الموصوفة طبياً.
ووفقاً للدكتورة سارة راتز، طبيبة الأطفال في مركز طب السمنة للأطفال بجامعة مينيسوتا:
"عندما يكون المرضى في تلك المساحة حيث يشعرون بقدر أكبر من اليأس لتحقيق فقدان الوزن، ويفعلون أشياء غير موجهة ويختارون خيارات أقل صحية، فمن المؤكد أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى سلوكيات أكثر إشكالية في مجال الصحة العقلية أو سلوكيات الأكل"
.
"وتوجه الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بأن البرنامج المنظم، مثل عيادتنا، حيث يجتمع المريض مع مقدمي الرعاية الصحية وأخصائيي التغذية ويحصل على الكثير من التوجيهات، يكون في الواقع وقائياً ضد ذلك".
وأوضحت راتز إنه لا توجد معايير رسمية لكيفية عمل عيادات إدارة الوزن لدى الأطفال، لكن المرضى في عيادتها لديهم مواعيد كل أسبوعين أو أشهر. ويتم إجراء فحوصات الصحة العقلية في كل زيارة، ويتوفر فريق من المتخصصين في الصحة العقلية.
وفي بعض الأحيان يسأل المرضى وعائلاتهم راتز عن الإعلانات التي يرونها عن مكملٍ ما، للمساعدة في إنقاص الوزن، مثل علكة خل التفاح وغيرها، لكنها لا تشجعها بشدة.
وقالت: "أوضح أن هذا الأمر غير منظم، وأن الفوائد المزعومة لا تستند إلى أدلة، وهذه ليست الطريقة التي نوصي بها في العلاج".
ومع ذلك، كتب الباحثون في الدراسة الجديدة أنه من "المثير للقلق" مدى سهولة الوصول إليها، وأن "التدخلات مطلوبة بشكل عاجل لمنع وتنظيم استخدام منتجات إنقاص الوزن بين هذه الفئة من الناس".