جو مارتن 25 عاماً وكيران براون 28 عاماً، بريطانيان قررا أن يعملا بدوامٍ جزئي في وظائف يومية لجمع بعض النقود والمضي قدماً في رحلةٍ فريدة تتمثل في السفر من إسطنبول إلى لندن بدون نقود. ما يعني أنهما يعيشان كل يوم بما يأتي به القدر، فتارةً على أمل وأحياناً يتوسلان للحصول على وجبة وإقامة، وسيقومان بالسير لمسافة 3000 كيلومتر التي تستغرقها هذه الرحلة بشكل عام.
وبهدف زيادة الوعي وجمع التبرعات للمشردين والمحتاجين، يعمل المغامران بجديةٍ على توثيق تجربتهما على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهما وقناة Joe Martin Travel على اليوتيوب، ويجمعان التبرعات عبر صفحة GoFundMe.
وفي كل يوم من أيام رحلتهما التي قد تستغرق ما بين أسبوعين أو أكثر، يعتمدان في الوصول إلى وجهتهما على لطف الناس وحسن تقبلهم للفكرة حيث تعرض قناة Joe Martin Travel مقاطع فيديو جديدة توثق تجربتي المسافرين. وبالفعل تبدو مقاطع الفيديو اليومية والتي تبلغ مدتها 20 دقيقة تقريباً، مسليةً للغاية وتثير بالتأكيد التعاطف مع المحتاجين حيث يمر الرجلان بمراحل استنزافٍ محزنةٍ من الجوع إلى التودد في طلب المساعدة التي يحصلان عليها من الآخرين.
وقد أطلق المغامران العنان لرحلتهما الفريدة في 10 أغسطس/آب من أوسكودار في إسطنبول، واشتمل يومهما الأول بطوله تقريباً على مراحل وصولهما إلى الحدود البلغارية. وباستخدام ترجمة غوغل وإشارات اليد، سافر الرجلان على طول الطريق إلى أدرنة في اليوم الأول، حيث حظيا بوجبات متعددة وإقامة مجانية لهما في أحد الفنادق. وأثناء عبورهما الحدود في اليوم التالي اكتشفا أن الأمر ليس سهلاً وكان عبور أي شيء آخر في تركيا أسهل بكثير نسبياً، ومع ذلك أكدا أنهما ممتنين جداً لكل المساعدة والدعم الذي تلقوه لمشروعهما منذ اليوم الأول.
وفي اليوم الخامس من رحلتهما أتيحت لي الفرصة لإجراء مقابلة بالفيديو مع مارتن وبراون، حيث شقّا طريقهما إلى بلغراد/صربيا وكانا يقيمان في نزل مقابل تنظيف الأرضيات. وبدا أن هذا التبادل في الخدمات كان مرحباً به بعد قضاء ليلة على أرضية خرسانية في فندق مهجور يقع تحت جسر مع معبر ترام، حتى تم إنقاذهما في الساعة الأخيرة من قبل صديق قريب.
وبالفعل يمكن أن تجعل مقاطع الفيديو التي راحا يبثانها على قناة اليوتيوب، معظم الناس تبكي تعاطفاً مع الفقراء والمشردين الذين عكس المسافران معاناتهم بهذه الرحلة الفريدة، بالرغم مما يلاقيانه من تعاطف الجماهير ومحبة الناس، وهما يحرصان بالغالب على أن تكون هذه المقاطع مرحة ليتحول الألم من الاضطرار إلى طلب الطعام والمواصلات وأماكن النوم إلى مشاهدة ممتعة ومبهجة.
وأستطيع أن أقول بصراحة إنني أتطلع كل يوم إلى تحديث وضعهما ومشاهدة المغامرات المسلية التي يقومان بها في محاولة لمواجهة هذا التحدي الذي وضعاه لنفسيهما. وحتى الآن، غطت هيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية كامل جولاتهما بالفعل وآمل أن ألتقي بهما مرة أخرى قرب نهاية رحلتهما، والتي ستكون عند وصولهما لندن.
وفي الدردشة المرئية المباشرة التي أجريناها يوم الاثنين، طرحت عليهما السؤال الذي أعتقد أن الجميع يريد معرفته والذي كان: "ما هو أول شيء تحلمان بتناوله عندما تعودان إلى المنزل؟" وأجاب كلاهما بشكل لا لبس فيه: "البيتزا!"
وكان التحدي الأكبر الذي يواجههما هو الحصول على ما يكفي من الطعام للحفاظ على ما يزيد عن 10.000 خطوة يسيرانها كل يوم للعثور على أماكن إقامة وأماكن مثالية للتنقل من خلالها. ويمكن لمتابعيهما مشاهدتهما وهما يلعبان "ورقة حجرة مقص" لتقرير من سيطلب وجبة مجانية لأن طلب الصدقات يُعتبر صعباً بشكل خاص بالنسبة لهما، بسبب حاجز اللغة.
ومع ذلك، لم يكن هذا حالهما في تركيا، حيث لم يتم تقديم وجبة الإفطار مع ليلة مجانية في الفندق فحسب، بل حصلا أيضاً على وجبة إفطار ثانية في اليوم التالي، وهو اليوم الثاني من الرحلة وتمكنا من إبقاء بعض الخبز بحوذتهما لرحلة اليوم التالي في بلغاريا حيث كان يومهما صعباً جداً لأن كل ما وجداه هو بعض الخوخ، ما يعني قضاء 24 ساعة مع تناول كل منهما أقل من 500 سعرة حرارية فقط.
كما أن الثنائي لم يسبق لهما أن قطعا طريقاً سريعاً قبل هذه المغامرة، وكانت تركيا بداية رائعةً في هذا الصدد، حيث كانت الشاحنات تتوقف الغالب من أجلهما وحصلا على استثناءٍ فاره عندما قامت إحدى السيارات بنقلهما عبر الحدود بعد أن انتظرا لمدة 3 ساعات ليأخذهما سائق تركي أخبرهما أنه بحاجة للصلاة أولاً وسيعود بعد ذلك، ما أثر عليهما من حيث الوقت الذي يقضيانه في انتظار الركوب وكذلك بسبب ترددهما في مطالبة الناس لهما بالدفع المباشر مقابل وسائل النقل العام.
وللبقاء على اطلاع دائم بأماكن وجودهما في العالم، يمكن متابعة المغامرَين على قناتهما على اليوتيوب وحسابهما على وسائل التواصل الاجتماعي بالاسم نفسه joemartintravel وكذلك Brown's@kieranbr0wn، الذي ينشر الصور ومقاطع فيديو أقصر لتحديهما.
وختاماً لا بد من توضيح أن بيت القصيد من هذه الرحلة الجريئة هو جمع التبرعات التي سيوزعانها على الجمعيات الخيرية في كل بلد يزورانه لمساعدة المحتاجين. وفي تركيا، ستكون المؤسسة الخيرية هي الهلال الأحمر التركي وسوف يقسمان الأموال بالتساوي بين المنظمات بمجرد الانتهاء من رحلتهما. ومع استمرار تعاطفهما مع أولئك الذين لا مأوى لهم والجياع، فإنهما يساهمان أيضاً إلقاء الضوء على التحديات التي يواجهها الكثيرون في هذا العالم الذين يعيشون في مثل هذه المآزق.