الزبادي في المطبخ التركي وفوائد تناوله في الصيف

ديلي صباح
نشر في 23.07.2023 12:44
آخر تحديث في 23.07.2023 12:46
صورة: Shutterstock (صورة: Shutterstock)

من تقديمه كعنصر رئيسي في المشروب المحلي التركي لمرافقته كل وجبة تقريباً، لا يمكن لأحد أن يجادل في حقيقة أن الزبادي يلعب دوراً رئيسياً في المطبخ التركي، ولكن دوره يصبح أكثر أهميةً بشكل خاص في فصل الصيف عندما يتم تناوله كعلاج طبيعي

في حين أن الزبادي (اللبن) هو أحد أرقى الأطباق في المطبخ التركي ويلعب دور البطولة على كل طاولة تقريباً في البلاد، إلا أن هناك عدداً من الطرق غير المتوقعة التي تظهر بها أهمية هذا العنصر في الطهي وتحضير الوجبات في فصل الصيف، والتي قد لا يكون العديد من الأجانب على دراية بها.

بالنسبة للأتراك، قد لا يكون الزبادي مقتصراً على دوره كمرافقٍ محببٍ للعديد من الأطباق، ولكنه يتميز أيضاً بدخوله في المشروبات والحساء والمقبلات وكذلك في تزيين العديد من أنواع الكباب المختلفة. وهذا أمر منطقي لأن الزبادي مصدر طبيعي للبكتيريا المفيدة المعروفة باسم البروبيوتيك، وهي كائنات حية دقيقة تساعد على توازن بكتيريا الأمعاء وصحة الجهاز الهضمي بالإضافة إلى دعم نظامٍ مناعيٍ قوي.

وتساعد هذه "البروبيوتيك" في الهضم وإعادة بناء البكتيريا الجيدة التي يحتاجها الجسم، خاصة بعد تناول المضادات الحيوية. كما أن الزبادي نفسه مليء أيضاً بالعناصر الغذائية الأساسية مثل البروتين والكالسيوم والبوتاسيوم والفوسفور وفيتامينات B2 وB12 ويحسن امتصاص العناصر الغذائية عند مصاحبة الأطعمة الغنية بالمغذيات الأخرى. ويقال أيضاً أن استهلاك الزبادي بانتظام يحسن صحة القلب والأوعية الدموية بشكل عام.

والحقيقة الممتعة هي أن "الدوبامين" وهو ناقل عصبي يرتبط عموماً بالدماغ ومشاعر المتعة والمكافأة، والسيروتونين وهو ناقل عصبي وهرمون معروف جيداً لدوره في تنظيم الحالة المزاجية والعواطف والنوم والشهية والرفاهية بشكل عام، يتم إنتاجه بالفعل في القناة الهضمية بعد تناول الزبادي.

وقد ارتبطت المستويات المنخفضة من السيروتونين بحالات مثل الاكتئاب والقلق، ويوجد 90% من السيروتونين في الجهاز الهضمي، ما يجعل الزبادي أحد أفضل الطرق لزيادة الإحساس بالسعادة الذي نسعى إليه جميعاً.

وفي العالم الغربي، يُستهلك الزبادي بشكل أساسي كوجبة خفيفة ويخلط مع الفاكهة، أما في تركيا فالتقليد الوحيد غير الموجود في تقاليد الطهي هو تناول الزبادي بنكهة حلوة، ويمكن للمرء أن يجد بسهولة زبادي بنكهة الفاكهة في الأسواق في تركيا، إلا أن استهلاك الزبادي يتم بشكل أساسي إلى جانب الأطباق اللذيذة أو تقديمه في أطباق تقليدية، ومع كل هذه الفوائد الهائلة التي يتمتع بها هذا "الطعام الخارق"، فمن المنطقي جعله عنصراً أساسياً في أي نظام غذائي.

الزبادي الرائب أو ما يعرف بـ "العيران"

أولاً وقبل كل شيء، يُعد العيران واحداً من أكثر الطرق شيوعاً لاستهلاك الزبادي. كما يعتبر العيران المشروب المحلي التركي، وهو يتكون من لبن الزبادي مع الملح المضاف، ويُستهلك العيران على مدار العام في تركيا، فهو منعش ومُجدد للطاقة بشكل خاصٍ في الصيف.

كما يعتبر مشروباً مناسباً للعديد من الأتراك عند تناول وجبات غنية بالبروتينات المعززة بالتوابل، ولكن في الصيف على وجه الخصوص، يعد بمثابة انتعاشٍ سريعٍ لتجديد الملح المفقود في العرق الناجم عن أشعة الشمس الحارقة.

والعيران هو بالتأكيد طعم مكتسب لأولئك الذين ليسوا على دراية بتناول المشروبات المالحة، وخصوصاً العيران الرغوي اللذيذ والذي يتم تقديمه فقط في المطاعم التقليدية التي تُعِد الفطائر المنوعة بالجبن والخضار وأنواع مختلفة من اللحوم. ويتم تقديم المشروب السحري في كوب زجاجي بمقبض يفيض بعيران مزبد، ما يجعله منعشاً سلساً وبارداً في قلب الصيف. كما أنه أقل ملوحة قليلاً من المعلب، ما يجعل شربه أسهل.

"اللبنة"
ويمكن أن يقدم الزبادي على شكل "لبنة" وهي زبادي مصفى تتمتع بقوام أكثر سمكاً، تشبه تقريباً القشدة الحامضة. وتتوفر في الأسواق، وهي أكثر ثراءً ودسماً من الزبادي الذي اعتاد عليه معظم الناس، ولكن في تركيا يمكن تناولها بمفردها أو لإعداد مجموعة غنية من المازات القائمة على الزبادي والتي لا بد منها في المطاعم التركية التقليدية.

"المازات" المصنوعة من الزبادي

يعتبر الزبادي مكوناً رئيسياً في العديد من "المازات"، وهي أطباق تشبه الغمس والتي تأتي في أنواع لا حصر لها. لكن طبق "حيدري" و"كوب أوغلو" و"أتوم" هي أطباق مازة قياسية توجد في معظم مطاعم الأسماك واللحوم.

ويتكون "حيدري" من لبن الزبادي الممزوج بالثوم والأعشاب مثل النعناع، و"كوب أوغلو" عبارة عن زبادي ممزوج بالباذنجان المقلي والفلفل والذرة أما "أتوم" فهو عبارة عن زبادي ممزوج بالفلفل الحار.

ومن ناحية أخرى، يعتبر طبق "جاجيك" طبقاً شائعاً آخر يعتمد على الزبادي، ويتكون من اللبن والخيار المبشور والنعناع الذي يعد عنصراً أساسياً في الطهي المنزلي.

شوربات الزبادي المنعشة

الصيف هو الوقت الذي يتألق فيه حساء الزبادي حقاً. فمن حساء اليايلا إلى اليارما إلى اللبنية، هناك مجموعة متنوعة من الحساء الذي يعتمد على الزبادي المحضر إما من الحمص والقمح المكسر أو الأرز وحتى كرات اللحم الصغيرة التي يتم تقديمها دافئة وباردة ومختلطة حتماً مع النعناع والزعتر، ما يجعل المزيج لذيذاً بطريقة مدهشة.

الزبادي عنصر أساسي في الأطباق اللذيذة

تُقدَّم العديد من أطباق الكباب الأكثر شهرة في تركيا مع القليل من الزبادي. فمن إسكندر كباب إلى "جوكرتمة"، نوعان من الكباب المشهوران، الأول مصنوع من شاورما اللحم والأخير من قطع اللحم على طبقة من البطاطا المقطعة، يتواجد الزبادي كجانبٍ يوفر فترة راحة منعشة وتوازناً لهذه الأطباق الثقيلة الممزوجة بصلصة الطماطم الغنية.

أما طبق المانتي فهو عبارة عن زلابية تركية محشوة تقليدياً باللحم المفروم، وهناك بدائل نباتية. ومما لا يختلف عن القاعدة هو أنه في كلتا الحالتين، تُغطى الزلابية بالزبادي الذي يُمزج بالثوم ويُغطى بالزبدة أو بصلصة الطماطم السميكة. كما يعتبر الزبادي من المتطلبات الأساسية إلى جانب الأرز في المطابخ المنزلية، وهو أيضاً عنصر مضاف في صنع صينية البوريك التي تحضّر من طبقات من عجينة الفيلو مدهونة بالزبادي والزبدة ومحشوة بمجموعة متنوعة من المكونات التي تتراوح من الجبن والسبانخ وغيرها من الخضار، أو الكراث أو اللحم المفروم.

الزبادي يعالج حروق الشمس

من المثير للدهشة في الصيف أن الزبادي يستخدم على غرار الكريم الموضعي، كعنصر مهدئ لحروق الشمس. في حين أن الأدلة على فوائده في هذا المجال غير مؤكدة، إلا أن الأتراك يدهنون العديد من حروق الشمس عبر تلطيفها بفرك البشرة بالزبادي. وبالنسبة للأتراك، يعتبر الزبادي شفاءً كاملاً لأنه لذيذ ويمكن تناوله أيضاً إذا كان المرء يعاني من آلام في المعدة.