فيما يعاني الملايين في النصف الشمالي من الكرة الأرضية من درجات حرارة قياسية في مناطق وبلدان لم تعرف مثل هذه المستويات من الطقس سابقا، أصدرت الأمم المتحدة تحذيرا من أن موجات الحر الشديدة "لم تأت بعد".
ويتزامن هذا التحذير في الوقت الذي تشهد فيه إيطاليا واحدة من أشد موجات الحر في تاريخها، بينما سجلت دول أخرى بينها إسبانيا واليونان والولايات المتحدة، ومصر والصين من درجات حرارة مرتفعة تهدد سلامة المواطنين.
جون نيرن، وهو مستشار بارز معني بدرجات الحرارة المرتفعة بالمنظمة العالمية للأرصاد الجوية قال إن العالم "يشهد ازديادا مستمرا في وتيرة موجات الحرارة ومدتها وشدتها".
وأضاف في إفادة صحفية عقدها بمقر الأمم المتحدة في مدينة جنيف، اليوم: "سيستمر الوضع في التفاقم، ويحتاج العالم إلى الاستعداد لمزيد من موجات الحر الشديدة".
وأشار إلى أن زيادة حدة موجات الحر في نصف الكرة الأرضية الشمالي، زاد 6 أضعاف منذ الثمانينيات، مع عدم وجود أي مؤشر على التراجع.
وأضاف أن شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب، هما أكثر الشهور خطورة بالنسبة لموجات الحر.
وفي معرض الحديث عن خطورة موجات الحر الحالة، أشار نيرن إلى دراسة حديثة رصدت 60 ألف حالة وفاة إضافية في أوروبا هذا الصيف بسبب الحرارة الشديدة، مقارنة بالصيف الماضي.
واعتبر أن ارتفاع حالات الوفاة بسبب حرارة الطقس، ينذر بخطورة الوضع في الدول التي لا تمتلك أنظمة إنذار مبكر فعالة.
وتابع: "أوروبا لديها بعض أقوى أنظمة الإنذار المبكر، وخطط العمل الخاصة بالصحة في العالم، لذا يمكنك أن تتخيل حجم الوفيات التي يُحتمل أن تكون على مستوى العالم".
وكانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، أفادت الإثنين، بأنه يمكن تسجيل درجات حرارة قياسية جديدة مع استمرار موجات الحر التي تجتاح جنوب الولايات المتحدة، وبلدان البحر المتوسط وشمال إفريقيا والشرق الأوسط وبعض البلدان في آسيا.
بدوره، شدد تيدروس أدهانوم، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، على تويتر، على أن أزمة المناخ "لم تعد تحذيرات، بل أنها قائمة ونعيشها الآن".
والأحد الماضي، وصلت درجات الحرارة إلى 52.2 درجة مئوية في شمال غرب الصين، كما بلغت 53 درجة مئوية في وادي الموت بولاية كاليفورنيا الأمريكية.
كما كشف المركز الوطني للأرصاد الجوية في الإمارات، أن مناطق في البلاد سجلت 50.1 درجة مئوية لأول مرة هذا العام، خلال يومي السبت والأحد الماضيين.
- مواسم صيفية أكثر حرارة
أكدت تقارير ودراسات حول المناخ أن شدة الحرارة في فصول الصيف تزداد حدتها كل عام. ونشرت مجلة "ساينتفيك أمريكان" في يوليو من العام الماضي، تحذيرا من صعوبة فصول الصيف خلال السنوات المقبلة.
ورصدت المجلة، آنذاك، وصول درجات الحرارة إلى ما فوق الـ40 لأول مرة في تاريخ المملكة المتحدة، وهو المستوى الذي بات متوقعا خلال فصل الصيف الحالي في القارة الأوروبية مع درجات حرارة قد تقترب من 50 درجة مئوية في جنوبي القارة.
وكانت وزيرة التجارة الأمريكية جينا ريموندو أعربت أثناء إطلاق موقع "Heat.gov" في يوليو 2022- وهو موقع حكومي للمعلومات الخاصة بدرجات الحرارة- عن قلقها إزاء فصول الصيف المقبلة وشدة حرارتها.
وقالت آنذاك: "في الواقع وبالنظر إلى التنبؤات العلمية، من المرجح أن يكون هذا الصيف (2022) مع موجاته الحرارية الشديدة وواسعة النطاق، هو أحد أروع وأخف فصول الصيف في بقية حياتنا".
وعلى هذا النحو، سجلت دول العالم يومي 3 و4 يوليو/ تموز الجاري أعلى درجات حرارة في تاريخها، مقارنة بالفترة ذاتها من الأعوام الماضية.
- مجرد البداية
عنونت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، الثلاثاء، أن موجات الحر التي تعاني منها دول العالم حاليا "ما هي إلا البداية"، مشيرة إلى أن وصول موجة الحر الثانية "شارون" هذا الأسبوع إلى بلدان جنوبي أوروبا، سيعني بداية مستويات قياسية جديدة من درجات الحرارة.
و"شارون" هو اسم بحار في الأساطير اليونانية ينقل الأرواح إلى العالم السفلي، وهو تعبير يشير إلى الموت.
وتأتي هذه الموجة في أعقاب موجة أولى أطلق عليها اسم "سيربيروس" ضربت إيطاليا، وإسبانيا، واليونان الأسبوع الماضي، وتسببت بالفعل في ارتفاع شديد في حرارة الجو.
من جهتها، قالت هانا كلوك، عالمة المناخ والأستاذة في جامعة ريدينغ البريطانية، إن موجة الحر خلقت "فرن عملاق فوق البحر المتوسط".
وأضافت في بيان إن "فقاعة الهواء الساخن التي تضخمت فوق منطقة جنوب أوروبا، حولت إيطاليا والدول المجاورة إلى فرن بيتزا عملاق"، حسبما نقلت "سي إن إن".
ومن المتوقع أن تقترب درجات الحرارة في أوروبا أو حتى تتجاوز الرقم القياسي للقارة البالغ 48.8 درجة مئوية المسجل في عام 2022، وفقا لوكالة الفضاء الأوروبية.
وأعلنت خدمة أخبار الطقس الإيطالي "ميتيو.إت" أن ذروة الحرارة في البلاد ستكون في الفترة بين يومي الإثنين والأربعاء من الأسبوع الجاري، حيث من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة فوق 45 درجة مئوية في بعض أجزاء البلاد.
وفي اليونان، ارتفعت درجات الحرارة إلى ما فوق 40 درجة مئوية، وهو المستوى ذاته الذي سجل في مدن إشبيلية وقرطبة وغرناطة الإسبانية، حتى منطقة نافارا الأكثر برودة في شمال إسبانيا، وصلت درجة الحرارة فيها إلى 40 درجة مئوية.