"الشوكولا" المنقذة للعالم.. حبوب "الكاكاو" قد تساعد في مواجهة تغير المناخ
- ديلي صباح ووكالات, إسطنبول
- Jun 17, 2023
في مصنع للطوب الأحمر يقع في مدينة هامبورغ الساحلية الألمانية، تدخل قشور حبوب "الكاكاو" إلى المنشأة، وتخرج من الطرف الآخر كمسحوق أسود رائع يبشر بالحد من تغير المناخ.
ويتم إنتاج المادة التي يطلق عليها "biochar" أو ما يعرف بالفحم الحيوي، عن طريق تسخين قشور الكاكاو في غرفة خالية من الأكسجين إلى 600 درجة مئوية حيث تقوم العملية بإيقاف إطلاق غازات الاحتباس الحراري، وإنتاج مادة يمكن أن تستخدم كسماد عضوي، أو كعنصر في إنتاج الخرسانة "الخضراء".
وفي حين أن صناعة الفحم الحيوي لا تزال في مهدها، فإن هذه التكنولوجيا تقدم طريقة جديدة لإزالة الكربون من الغلاف الجوي للأرض، كما يقول الخبراء.
ووفقاً للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، يمكن استخدام الفحم الحيوي لتقليص إطلاق 2.6 مليار طن من إجمالي 40 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون، الذي تنتجه البشرية حالياً كل عام، لكن توسيع نطاق استخدامها لا يزال يمثل تحدياً.
وحول كيفية إنتاج الفحم الحيوي، قال بيك ستينلوند، الرئيس التنفيذي لشركة سيركولر كربون في مصنع الفحم الحيوي في هامبورغ: "إننا نقلب دورة الكربون".
ويتسلم المصنع، وهو من أكبر المصانع في أوروبا، قشور الكاكاو المستعملة عبر شبكة من الأنابيب الرمادية من مصنع شوكولاتة مجاور.
ومن شأن الفحم الحيوي أن يحبس ثاني أكسيد الكربون الموجود في القشور في عملية يمكن تعميمها على أي نبات آخر.
وإذا ما تم التخلص من قشور الكاكاو بالشكل الطبيعي، فسيتم إطلاق الكربون الموجود داخل المنتج الثانوي غير المستخدم في الغلاف الجوي أثناء تحللها.
وبدلاً من ذلك، يتم عزل الكربون في الفحم الحيوي "لعدة قرون"، وفقاً لما ذكره ديفيد هوبين عالم البيئة في معهد "UniLaSalle" في فرنسا.
وقال هوبين إن طن واحد من الفحم الحيوي يمكن أن يخزن "ما يعادل 2.5 الى 3 أطنان من ثاني اكسيد الكربون".
واستخدم الفحم الحيوي بالفعل من قبل السكان الأصليين في الأمريكتين كسماد، قبل إعادة اكتشافه في القرن العشرين من قبل العلماء الذين يبحثون عن التربة الخصبة في حوض الأمازون.
ويعزز التركيب الشبيه بالإسفنج للمادة المدهشة، المحاصيل عن طريق زيادة امتصاص التربة للماء والمغذيات.
وفي هامبورغ، تنتشر رائحة الشوكولاتة داخل مصنع الطوب الذي تتم تدفئته بفعل الحرارة المنبعثة من أنابيب التركيب.
ويتم صب المنتج النهائي في أكياس بيضاء لبيعها للمزارعين المحليين في شكل حبيبات.
ويأمل أحد هؤلاء المزارعين وهو سيلفيو شميدت (45 عاماً)، والذي يزرع "البطاطا" بالقرب من بريمن غربي هامبورغ، أن يساعد الفحم الحيوي في "توفير المزيد من العناصر الغذائية والمياه" لتربته الرملية.
تكلفة الكربون
تُصدر عملية إنتاج الفحم الحيوي المسماة "الانحلال الحراري" أيضاً حجماً معيناً من الغاز الحيوي، الذي يتم إعادة بيعه إلى المصنع المجاور، وينتج المصنع إجمالاً 3500 طن من الفحم الحيوي و"ما يصل إلى 20 ميغاواط / ساعة" من القدرة الكهربائية للغاز كل عام من 10آلاف طن من قشور الكاكاو.
ومع ذلك، لا يزال من الصعب رفع مستوى الإنتاج إلى المستوى الذي تخيلته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
وقال هوبين: "لضمان تخزين النظام للكربون أكثر مما ينتج، يجب القيام بكل شيء محلياً مع القليل من النقل أو بدونه، وإلا فلن يكون لذلك أي معنى".
ولا تستطيع كل أنواع التربة التكيف جيداً مع الفحم الحيوي، وأضاف هوبين أن السماد "أكثر فاعلية في المناخات الاستوائية" في حين أن المواد الخام المستخدمة في إنتاجه غير متوفرة في كل مكان.
وأشار أن التكلفة يمكن أن تكون باهظة أيضا عند حوالي ألف يورو للطن الواحد، وهذا كثير للغاية بالنسبة للمزارع".
وللاستفادة بشكل أفضل من المسحوق الأسود القوي، أوصى هوبين إنه يجب العثور على تطبيقات أخرى. ويمكن لقطاع البناء على سبيل المثال، استخدام الفحم الحيوي في إنتاج الخرسانة "الخضراء".
ولكن لتحقيق الربح، توصلت الشركة المنتجة للفحم الحيوي إلى فكرة أخرى، وهي بيع شهادات الكربون للشركات التي تتطلع إلى موازنة انبعاثات الكربون من خلال إنتاج كمية معينة منه.
وأكد الرئيس التنفيذي ستينلوند، الذي تتطلع شركته إلى فتح 3 مواقع جديدة لإنتاج المزيد من الفحم الحيوي في الأشهر المقبلة، أنه مع إدراج الفحم الحيوي في نظام شهادات الكربون الأوروبية شديد التنظيم "نشهد نمواً قوياً في القطاع".
وقد بدأت مشاريع الفحم الحيوي في التكاثر في جميع أنحاء أوروبا. ومن المقرر وفقاً لاتحاد صناعة الفحم الحيوي، أن يتضاعف الإنتاج تقريباً إلى 90 ألف طن هذا العام مقارنة بعام 2022.