متحف "بانوراما" غازي عنتاب التركية دروس للأجيال وتجسيد حي لمعارك التحرير

تشتهر ولاية غازي عنتاب التركية بقلعتها التاريخية وأسواقها الموغلة في القدم ومطبخها المتنوع الغزير الأصناف، فضلاً عن حلوياتها اللذيذة الغنية بالفستق الذي اقترن اسمه باسم الولاية الواقعة جنوب شرق تركيا، فأصبح معروفاً باسم "فستق عنتاب".

وبالرغم من توافد الآلاف من الزوار والسياح إلى الولاية في كل عام وقيامهم بجولات سياحية في الأسواق والأماكن التاريخية والمتاحف والمطاعم الحديثة منها والقديمة، إلا أن زيارة متحف "بانوراما" غازي عنتاب القريب من قلعتها، تترك انطباعاً عميقاً لدى الضيوف المحليين والأجانب لأنها تمنح المشاهد إحساس من عاصر معارك التحرير والاستقلال برؤيته لها مجسدةً بشكل واقعي كما لو أنها تحدث أمام عيونه الآن ..

ويروي المتحف من خلال ردهاته المرتبة وفقاً لتسلسل الأحداث التاريخية قصة كفاح طويلة مغموسة بدم الشهداء بدءاً من احتلال عنتاب عام 1919 مروراً بمعركة "كورتولوش" أو ما يسمى بحرب التحرير وتشكيل القوات الرديفة وصولاً إلى النصر وطرد المحتلين الغزاة.

ومن المعروف تاريخياً أن عنتاب التي كانت داخل حدود الجبهة الجنوبية خلال سنوات النضال الوطني، احتُلت ظلماً من قبل الفرنسيين في 27 أكتوبر/تشرين الثاني 1919، بعد أن احتلها البريطانيون في 17 ديسمبر/كانون الأول 1918 ثم أعدوا اتفاقية سايكس بيكو ووقعوها مع الجانب الفرنسي، حيث تم بموجبها تقاسم الموصل وجنوب الأناضول وسوريا على أن تبقى الموصل للبريطانيين وتُعطى سوريا وعنتاب ومرسين وأورفة ومحيطها للفرنسيين.

وفي 1 أبريل/نيسان 1920، بدأت حرب التحرير برصاصة أطلقها أحد أعضاء جمعية الدفاع عن القانون في عنتاب، ضد أفراد من الجيش الفرنسي ليهب السكان ويكتبوا ملحمة من حرب الشوارع التي انتشرت في كل جزء من المدينة تقريباً، دون أن يمنعهم نقص الأسلحة والذخيرة والجوع والفقر من جعل معركتهم تتميز بضراوة شاركت فيها النساء والأطفال والشباب وكبار السن. وفي 8 فبراير/شباط 1921، توج هذا النضال الفريد بحصول المدينة على لقب "غازي" من قبل الجمعية الوطنية التركية الكبرى بعد أن قدمت آلاف الشهداء وآلاف الجرحى، وتم توقيع اتفاقية أنقرة بين حكومة تركيا والفرنسيين في 25 ديسمبر/كانون الأول 1921 والتي خلصت غازي عنتاب من الاحتلال وأعادتها لحضن الوطن الأم.

ولإظهار البطولة الدفاعية وجوانب من الملحمة التي خاضتها عنتاب، قامت بلدية غازي عنتاب الكبرى برئاسة "فاطمة شاهين" بالتعاون مع وزارة الدفاع الوطني ببناء متحف "بانوراما" 25 ديسمبر/كانون الأول حيث تم فيه شرح المراحل التاريخية قبل المعركة وأثناءها من خلال 14 لوحة مصنوعة بتقنية الرسم الزيتي و3 لوحات ثلاثية الأبعاد ومنطقة بانورامية مذهلة بطول 120 متراً وارتفاع 13 متراً تعرض مشاهد تمثيلية بالصوت والصورة شديدة الشبه بالواقع من أرض المعركة.

بالإضافة إلى ذلك، يشمل متحف "بانوراما" غازي عنتاب، الذي يستضيف العشرات من الأعمال التي تبرع بها أقارب الشهداء والمحاربين القدماء ممن شاركوا في الحرب، مساحات تفاعلية أسوةً بالمتاحف المعاصرة والحديثة إلى جانب مساحات خاصة بالصور والنقوش والمنحوتات والنماذج. ويزور المتحف في كل عام ما يقرب من 347.000 زائر من تركيا ومن جميع أنحاء العالم.

وللإطلاع على هذه التحفة الفنية والتاريخية الملهمة يمكن زيارة الرابط التالي https://panorama25aralik.com/tr/