ودّعت تركيا الداعية "نعمة الله خليل إبراهيم يورت" إلى مثواه الأخير في مقبرة "أيوب سلطان" بمدينة إسطنبول، بعد مشوار حافل قضاه في نشر الدعوة الإسلامية في كثير من بلدان العالم، وعلى رأسها اليابان، حيث اعتنق الإسلام على يديه أكثر من 100 ألف شخص.
نعمة الله خليل إبراهيم يورت، الذي توفي عن عمر يناهز 90 عامًا بسبب قصور في القلب في إسطنبول، ساهم من خلال أنشطته الدعوية والإرشادية في اعتناق آلاف الأشخاص للدين الإسلامي في أوروبا واليابان.
ولد إبراهيم يورت، المعروف لدى الجمهور باسم "نعمة الله خوجه"، عام 1931 في منطقة طاشوفا بولاية أماسيا التركية (شمال)، لأبوين تركيين هما إبراهيم وخاتون يورت.
وفي سن مبكرة، بدأ نعمة الله المشاركة مع والده في جلسات العلماء، فيما بدأت أخته فاطمة بتدريس القرآن في دورات جرى تنظيمها لهذا الغرض بولاية أماسيا.
عمل مؤذنًا في جامع "السلطان أحمد" في إسطنبول عام 1955 وشغل منصب نائب عن الإمامين الشهيرين محمد أوكوتجي (كوننلي محمد أفندي) وسيد شفيق أرواسي، قبل أن ينتقل إلى مكة المكرمة بصحبة والده الذي تقاعد وقتئذ من رئاسة الشؤون الدينية في تركيا.
أقام في مكة المكرمة لمدة 33 عامًا، حيث درّس في مسجد حي الأشراف بالقرب من جبل النور، قبل أن يتوجه لاحقًا إلى اليابان بناءً على دعوة جاءت من هناك، وأصبح الإمام الأول للمركز الإسلامي الياباني.
افتتح نعمة الله خوجه مئات الجوامع والمساجد في اليابان التي أقام فيها أكثر من 20 عامًا، وأصبح يُعرف هناك باسم "مجاهد اليابان"، لأنه ساعد الآلاف من الناس من مختلف الجماعات الدينية على اعتناق الإسلام.
تمكن نعمة الله خوجه الذي كان يتحدث 6 لغات، من توزيع 20 ألف مصحف في الصين عام 1981، وزار أكثر من 50 دولة خلال حياته التي كرسها لنشر الإسلام، كما افتتح مئات المساجد في أنحاء مختلفة من العالم.
** مواراة جثمانه في مقبرة أيوب سلطان
أجرى نعمة الله خوجه عملية جراحية في مستشفى "عمرانية" للتدريب والبحوث في إسطنبول، بسبب قصور في القلب، لكنه ورغم خطورة حالته الصحية لم يتوقف عن تقديم الدروس لطلابه في مسجد "صاري يير" باسطنبول.
وقبل 6 أشهر، تدهورت حالته الصحية، ليتم نقله إلى مستشفى "جنكل كوي" الحكومي في إسطنبول، حيث خضع لمرحلة طويلة من العلاج، قبل أن توافيه المنية في المستشفى السبت الماضي (31 يوليو/ تموز).
وأقيمت الأحد الماضي (1 أغسطس/ آب) صلاة الجنازة على جثمانه في مسجد الفاتح، قبيل مواراته الثرى في مقبرة "أيوب سلطان".
** أراد توصيل دعوة الإسلام إلى كافة شعوب العالم
وقال عمر فاروق أوجاق زاده، أحد أصدقاء الداعية نعمة الله خوجه، إن الداعية الراحل كانت له أياد بيضاء في نشر الإسلام وإيصال صوته إلى العديد من بلدان العالم.
وأضاف لمراسل الأناضول: "تعرفت على نعمة الله خوجه عام 1974 وكنت صديقًا مقربًا منه طيلة السنوات الـ 47 الماضية. قمنا مع نعمة الله خوجه و50 عضوا آخرين بتأسيس جمعية الدعوة إلى الإسلام في حي "بك أوغلو" باسطنبول عام 2019".
وأضاف أوجاق زاده: "كان نعمة الله خوجه محبًا لمواصلة العمل من أجل الإسلام حتى خلال سنوات مرضه".
وأشار إلى أنه كان يحل ضيفًا على نعمة الله خوجة في مكة أثناء رحلات الحج التي قادها بين أعوام 1974-1995، وأنه وقف شاهدًا في كل زيارة أجراها على لطف نعمة الله خوجه، وعزمه على العمل من أجل الدعوة إلى الإسلام والمثابرة والاجتهاد.
ولفت إلى أن نعمة الله خوجه كان يسعى في خدمة حجاج الرحمن في مكة المكرمة، وأنه كان يتحدث التركية والعربية والفارسية والأردية واليابانية والإنجليزية، لدرجة تمكنه من الدعوة إلى الإسلام والتواصل مع متكلميها بسهولة.
وزاد: "أراد نعمة الله خوجه توصيل الإسلام إلى أبعد مدى، وإيصال هذه الدعوة إلى كافة الناس في العالم. كان يشعر بالحزن ويقول: كيف سأنظر إلى وجه النبي يوم القيامة. كان لزامًا عليّ إيصال دعوة الإسلام إلى كل شعوب العالم".
وأوضح أوجاق زاده أن نعمة الله خوجه تمكن من بناء 401 مسجدًا ومصلى في اليابان من خلال جهود استثنائية بذلها في هذا البلد، كما تمكن من الظهور على بعض القنوات التلفزيونية في اليابان وكان وسيلة لاعتناق أكثر من 100 ألف شخص للإسلام.