الأراضي الرطبة سبيل كوكبنا لمواجهة تغير المناخ
- ديلي صباح ووكالات, إسطنبول
- Feb 25, 2020
تعد الأراضي الرطبة أو الأهوار التي تعرف بأنها مسطحات مائية تغطي الأراضي المنخفضة في كوكبنا من أكثر النظم الإيكولوجية (وهي علاقة الكائنات الحيَّة فيما بينها وبين بيئتها الطبيعية) تنوعاً حيث تضم عدداً لا يحصى من الأنواع الحية النادرة والمهددة بالانقراض، بل ربما تفوق هذه المناطق بتنوعها غابات الأمازون المطيرة والشعاب المرجانية مجتمعة.
يقول الباحث "محمد غوك أوغلو"، أستاذ الموارد المائية بجامعة "أق دنيز" في أنطاليا: "إن الأراضي الرطبة أكثر إنتاجية من البيئات المائية الأخرى، لأنها تمثل مزيجاً مترابطاً ومتوازناً من النظم الإيكولوجية البرية والمائية."
ويمكن للأراضي الرطبة والمستنقعات أن تكون طبيعية أو اصطناعية أو دائمة أو مؤقتة، كما يمكن أن تتكون من تجمع المياه الساكنة أو المتدفقة، العذبة أو المالحة بما في ذلك المناطق المجاورة للسواحل التي لا يتجاوز عمقها ستة أمتار. وهناك معاهدة دولية تشرف على حفظ الأراضي الرطبة واستخدامها المستدام.
وقد أكد "غوك أوغلو" أن التنوع البيولوجي للمناطق الرطبة يزيد من جودة البيئة.
وقال: "من أهم وظائف الأراضي الرطبة في بلادنا حماية نوعية المياه لدينا. لأنها بسبب موقعها بين البحار واليابسة يمكن لها أن تحفظ الملوثات والرواسب في قاعها، وبالتالي فهي تعمل كمرشحات مياه جيدة للغاية إذ تساعد على تصفية النفايات وتمنعها من التدفق نحو الأنهار والبحار" ومضى قائلاً إن الأراضي الرطبة تلعب دوراً رئيسياً أيضاً في منع التآكل لأن جذور النباتات فيها تحتفظ بالتربة وتبطئ معدل انجرافها، مما يمنع تآكل السواحل. وأشار إلى هذه النظم البيئية على أنها شيء يشبه حاجز الفيضان بسبب تخزين المياه فيها ومنعها من التجاوز على المساحات البرية.
وأضاف أن الأراضي الرطبة لها تأثير على المناخات المحلية نظراً لانها تؤدي وظيفة مثالية في دورة النيتروجين والكبريت والميثان وثاني أكسيد الكربون وهي بالإضافة إلى ذلك تعمل كخزانات تتراكم فيها كميات كبيرة من الكربون في التربة العضوية. وقال: "تستخدم العديد من أنواع الطيور الأراضي الرطبة كمنطقة للراحة والمأوى أثناء هجرتها وكذلك للاحتماء من الحيوانات المفترسة. وتعمل معظم الأراضي الرطبة كبيئة لتربية الأسماك وصيدها".
وشدد "غوك أوغلو" على أهمية هذه الموائل لبقاء أنواع لا حصر لها بقوله: "تستخدم العديد من الحيوانات، سواء أكانت برية أم مائية، المستنقعات كمناطق لتكاثرها. ومن بينها العديد من الثدييات والأنواع المهددة بالانقراض" .
ومع ذلك، فإن العديد من هذه البيئات يقع حالياً تحت التهديد بالرغم من أن هذه المناطق الخصبة قد تأثرت بشدة بعوامل مثل تغير المناخ. ووفقاً للباحث، فإن الخطر الرئيسي يأتي من النشاط البشري: "لقد تم تجفيف مستنقعات معظم الأراضي الرطبة، إما بسبب الاستحواذ على أراضيها أو للوقاية من الذباب. كما تتعرض معظم الأراضي الرطبة لخطر جسيم من جراء حرائق الغابات. وقد تحولت بعضها في أجزاء أخرى من العالم، إلى مدافن للنفايات السامة". مضيفاً أن مثل هذه الحوادث تمثل خطراً على النظام البيئي بأكمله.
وقال "غوك أوغلو" إن التوسع الحضري يمثل خطراً إضافياً على الأراضي الرطبة، حيث يتم تدمير فروع القصب والمروج بواسطة المركبات البرية. وفي الوقت نفسه، يتم تدمير الأراضي الرطبة في المناطق الساحلية بسبب بناء الفنادق والمنازل الصيفية. وأضاف أن الصيد والتآكل الطبيعي الناجمين عن تدهور المناطق البرية بالقرب من الأراضي الرطبة أثّرا أيضاً على النظم الإيكولوجية.
وخلص "غوك أوغلو" إلى أن تطبيق المعاهدة الدولية المتعلقة بحماية المناطق الرطبة هو الحل الأمثل لمكافحة التدهور الحالي للأراضي الرطبة على الكوكب، مضيفًا: "يجب ألا يكون هناك أي تجفيف لمياه المستنقعات ولا تشييد للبنيان، ويجب التوقف عن أي نوع من الصيد حتى لا يكون هناك أية تغييرات في المناطق المحيطة بها". وأضاف الأستاذ أيضاً أن هذه المناطق يجب حمايتها من مخاطر الحريق، حيث أن الأراضي الرطبة معرضة لهذا الخطر بقدر تعرضها للتلوث.
وتجدر الاشارة إلى أن ما يقرب من 5000 نوع من الكائنات التي تعتمد على الأراضي الرطبة مهدد بالانقراض، كما تراجع عدد مناطق التخزين الطبيعية مما يعني فيضانات أكثر شدة في العديد من أنحاء العالم. بالإضافة إلى أن تجفيف الأراضي الرطبة من شأنه أن يؤدي إلى إطلاق كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون الناتج عن غازات الاحتراق، وهو سبب رئيسي في تغير المناخ.