في ساعات الصباح على وجه الخصوص، يُقبل الأتراك أفراداً أو مع عائلاتهم وأصدقائهم لتناول كأساً من الـ "بوزا" العثمانية المعروفة بطعمها الشهير واحتوائها على قيمة غذائية عالية.
وفي حي "وفا" التاريخي بإسطنبول، يُعَد محل "بوزا وفا" أو بالتركية "وفا بوزاجيسِي"، قبلة عشاق "البوزا" في تركيا.
"نور الدين جَالشير"، صاحب محل "البوزا" الأقدم في تركيا الذي تم افتتاحه عام 1876، يقول "منذ أكثر من خمسين عاماً لم يغلق هذا المحل بابه يوماً ولم يتوقف عن تقديم الشراب اللذيذ لطالبيه الأتراك، أو السياح والزائرين".
وتدخل في صناعة المشروب العثماني التقليدي حبوب الذرة والدخن والأرز والقمح والبرغل، ويتميز بفوائده المذهلة وقدرته على معالجة العديد من الأمراض.
إلا أن بعض الزبائن وخاصة الأتراك، يضعون الحمص المحمّص بالكؤوس فتغدو وجبة غذائية كاملة، تحوي النشويات والسكريات والبروتين النباتي.
وتحتوي كل كأس من مشروب "البوزا" على 240 سعرًا حرارية، وكونها ساخنة ولزجة وتحوي خمائر عالية، فإنها تفيد في معالجة أمراض الشتاء من رشح وزُكام وسعال، وتدر حليب المرأة المرضعة لما تحتويه من نشويات، بحسب تقارير.
وينصح المحل بالاحتفاظ بالـ"بوزا" في مكان بارد وعدم الإبقاء عليه لأكثر من عشرة أيام، فرغم أنه لا يحتوي على كحول، إلّا أنه إذا ترك لهذه المدة يتخمر بفعل الخمائر الذاتية الموجودة فيه.
وعلى أحد الجدران بمحل "بوزا وفا" يظهر كأس معلقة، يقول "جالشير" إن مؤسس الجمهورية التركية "مصطفى كمال أتاتورك" (1881- 1938) شرب فيه "البوزا"، وما زال المحل يحتفظ بكأسه إلى هذا اليوم، حيث كان يحضر للمكان كبار المسؤولين العثمانيين.
ويُقال إن تاريخ "البوزا" في تركيا يعود لعام 1876، عندما جاء به شاب من البلقان، وبدأ يبيع المشروب جائلاً قبل أن يفتتح هذا المحل الذي ظل يملكه حتى اشتراه منه "إسماعيل بيه" منذ أكثر من مئة وعشرين عاماً، ولم يغير معالمه وفاء للشاب البلقاني.
واشتق محل "البوزا" اسمه من حي "وفا" الشهير بمنطقة الفاتح بإسطنبول، والذي تعود تسميته إلى المتصوّف "وفا أفندي" الذي أتى في القرن الخامس عشر من مدينة قونية وسط تركيا، وأصبح من علماء السلطان محمد الفاتح ومن بعده بيازيد الثاني.