مسؤول بحركة "فتح": لن نذهب إلى غزة دون الاتفاق مع "حماس" وقبل انسحاب إسرائيل

محمد الحسين
إسطنبول
نشر في 13.12.2023 15:34
آخر تحديث في 14.12.2023 13:07
أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح الفلسطينية جبريل الرجوب في حوار مع ديلي صباح، إسطنبول، 12-12-2023. صورة: ديلي صباح أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" الفلسطينية جبريل الرجوب في حوار مع "ديلي صباح"، إسطنبول، 12-12-2023. (صورة: ديلي صباح)

أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" الفلسطينية جبريل الرجوب في حوار مع "ديلي صباح": ذهاب الحكومة الفلسطينية أو حركة فتح إلى غزة يجب أن يكون محصناً بقرار من مجلس الأمن واتفاق ما بين كل الفصائل - أمريكا شريكة في الحرب وأطراف إقليمية ودولية لا زالت تأخذ "موقف المتفرج" - نشكر تركيا على موقفها الثابت "ثلاثي الأبعاد" تجاه فلسطين

قال جبريل الرجوب، أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" الفلسطينية، إنهم "لن يذهبوا إلى قطاع غزة دون الاتفاق مع فصائل العمل الوطني وعلى رأسهم حركة حماس، وقبل انسحاب إسرائيل منها".

وشدد الرجوب، في حوار أجرته معه صحيفة "ديلي صباح"، الثلاثاء، في إسطنبول، على أن "ذهاب الحكومة الفلسطينية أو حركة فتح إلى غزة يجب أن يكون محصناً بقرار من مجلس الأمن، واتفاق ما بين كل الفصائل على مهمة الحكومة وعلى السقف الزمني لها ومرجعيتها، وعلى تحديد موعد لإجراء إنتخابات عامة".

وأكد أن "موقف الحركة هذا، تناقشه في اتصالاتها مع كل الأطراف والدول، وتناقشه كأساس للمرحلة القادمة أيضاً".

ورداً على سؤال حول تصريحات نتنياهو بأن "الرئيس الفلسطيني محمود عباس لن يحكم غزة خلال فترة ولايته"، قال الرجوب: "نتنياهو واليمين الفاشي الإسرائيلي نقيضه الاستراتيجي فلسطين وكل الفلسطينيين، هو لا يريد لا فتح ولا حماس، وحربه على كل الشعب الفلسطيني، وعلى كل ما هو فلسطيني وعلى الوطنية الفلسطينية".

وأردف: "الآن نحن في حركة فتح وفي السلطة الوطنية الفلسطينية، موقفنا بالمستقبل يرتكز أولاًعلى وحدة الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وثانياً على الاتفاق بين كل فصائل العمل الوطني، بما فيها حماس، لتشكيل حكومة وحدة وطنية بمهام محددة، وبسقف زمني، وتكون مسؤولياتها لإغاثة وإعادة الإعمار وبالبعد الخدماتي، و تكون مسؤولة على كل الأراضي الفلسطينية، يضاف إلى ذلك تهيئة الشعب الفلسطيني لإجراء انتخابات، وهي الخطوة الأولى باتجاه بناء الشراكة".

وعن إمكانية حل الخلافات بين حركتي "فتح" و"حماس" الفترة القريبة القادمة، قال أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح: "في تقديرينا، إن هذه الحرب يفترض أن تكون نجحت في دفن الانقسام. والآن، تهيئة الظروف والتأسيس إلى المستقبل فيه وطن واحد وقيادة واحدة وقرار واحد، برأيي أن ذلك مرتبط ببناء مقاربات سياسية نضالية تنظيمية، توفر شبكة أمان لحماية المنجزات التي بين أيدينا، وهناك إقرار اليوم بأن الدولة الفلسطينية المستقلة، عنصر واجب الوجود في معادلة الصراع، وكذلك وحدة الأراضي الفلسطينية، ومنظمة التحرير والسلطة، وأن يكون القرار فلسطينياً، بالتأكيد هذه مهمة الجميع".

وأضاف: "نحن في حركة فتح لا نزال نعتبر أن حماس كانت وما زالت وستبقى جزءاً أصيلاً من الشعب الفلسطيني، ويجب بناء صيغة توافقية للمستقبل على هذه الأسس، التي أعتقد أنها يجب أن تكون خيارنا الاستراتيجي كحركتين، واتفاقنا وتفاهمنا هو ضمان لحماية مشروعنا في هذا الوطن".

"موقف المتفرج"

وأوضح الرجوب أن العنف والإرهاب الذي يحصل في غزة حالياً غير مسبوق في تاريخ البشرية، وهدفه القتل لتحقيق كسر إرادة الإنسان، بما في ذلك فرض حصار خانق وحرمان القطاع من كل مقومات الحياة.

وأضاف: "لكن للأسف، ما زال هناك أطراف إقليمية ودولية تأخذ موقف المتفرج والمتابع وتخلت عن مسؤولياتها لتوفير الحماية لشعبنا الفلسطيني"، وفي قناعتنا "أن ما يدور في غزة ليست حرباً بل هو عدوان وإبادة جماعية، استخدمت فيها إسرائيل كل الأسلحة ضد مدنيين عزل، بما فيها الأسلحة المحظور استخدامها في الحروب بين الجيوش".

مسؤوليتنا في 3 عناصر

وتابع المسؤول في حركة "فتح": في السياق الإستراتيجي، ومسؤوليتنا كفلسطينين، يجب أن يكون سلوكنا اليوم محكوماً بثلاثة عناصر، العنصر الأول "تعرية هذا العدوان وتوظيف كل العناصر الضاغطة لوقفه"، والثاني "تجنيد كل القوى الحرة في العالم لتوفير الدعم الإغاثي والمأوى لأهلنا في قطاع غزة، الذين يواجهون عمليات قتل وترحيل وتهجير وتدمير بيوتهم وتدمير كل المنشآت والبنى التحتية الخدماتية، وهذا يقتضي بأن يكون الجانب الإغاثي أولوية من جانب المجتمع الدولي"، والثالث "أن يتلو وقف هذا العدوان وهذا القتل الجماعي، أفق سياسي لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية كاستحقاق للاستقرار الإقليمي والسلم العالمي".

وزاد: "وهذا أيضاً يحتم علينا كفلسطينيين أن نعمل بحيث تكون خطواتنا في المرحلة القادمة، تقوم على أساس وحدة الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ووحدة القيادة والقرار الفلسطيني، وأن يكون هناك مقاربة بين فصائل العمل الوطني، بما في ذلك الإسلام السياسي، لحماية منجزات شعبنا ولتحقيق سيادة واستقلال شعبنا على أرضنا".

وأضاف الرجوب أن "الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، بما فيها ما يجري من محاولة تهويد للقدس وخنق للفلسطينيين في الضفة الغربية لدفعهم باتجاه الهجرة والترحيل، يحتم علينا ذلك، ونأمل، بعدما أصبح هذا الاحتلال غارقاً في مستنقع الإرهاب والجرائم الإنسانية، أن يكون هناك فعل وجهد إقليمي ودولي، لوقف هذا العدوان، والبدء في إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية".

وفي إجابته على سؤالنا حول "ماذا تعوّل عليه الحكومة الفلسطينية حالياً للضغط على إسرائيل؟، بعد فشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع قرار لوقف إطلاق النار في غزة"، قال الرجوب: "غزة أصبحت اليوم قضية إقليمية ودولية، والجهد ينصب أولاً على وقف العدوان، وثانياً على الإغاثة وتوفير كافة عناصر الحياة بعد أكثر من شهرين على العدوان الإسرائيلي، وتدميره كل البنى التحتية، وجهدنا سيتواصل على كل الجبهات، من الحراك في مجلس الأمن وفي الجمعية العمومية ومع الاتحاد الأوروبي، ولجنة القمة العربية والإسلامية الأخيرة والاتحاد الإفريقي، وفي كل المحافل الدولية".

موقف تركيا الثابت تجاه فلسطين

وفي هذا السياق، شكر الرجوب الحكومة التركية ورئيسها أردوغان والشعب التركي على موقفهم مما يحصل في غزة، وجهودها الدبلوماسية لإنهاء الحرب.

وقال: "حقيقة، تميزت تركيا بموقف واضح وصريح وثابت من اللحظة الأولى، عبر عنه الرئيس أردوغان ووزير الخارجية (فيدان)، والشعب التركي في المسيرة المليونية، والمواقف التركية في كل المحافل الدولية، بالإضافة إلى بناء جسر مساعدات لإغاثة شعبنا، بما في ذلك استضافة جرحى من غزة في تركيا".

وأضاف: ونحن كفلسطينيين سعداء جداً بهذا الموقف، ونأمل أن يحفز هذا الموقف دولاً عربية وإسلامية، فتركيا تأخذ موقفاً "ثلاثي الأبعاد"، موقف سياسي، وموقف مواجه للعدوان الإسرائيلي، إلى جانب العمل على توفير كل أسباب القوة والقدرة للشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية للصمود والبقاء، مردفاً: "كل التحية لتركيا ورئيسها والحكومة والبرلمان، ولكل مكونات الشعب التركي العظيم".

"أمريكا شريكة في الحرب"

وحول تصريحات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، بأن "إسرائيل هي من تملك قرار وقف إطلاق النار"، بعد استخدام بلاده "الفيتو" لمنع اعتماد مجلس الأمن قرار وقف إطلاق النار، أكد الرجوب أن "أمريكا هي شريكة في هذه الحرب، وتتحمل مسؤولية العدوان واستمراره، وجرائم الاحتلال، إن كان بإعطاءه غطاءً، أو بتزويده بالأسلحة، أو بإفشال أي قرار في مجلس الأمن لوقف العدوان".

وأضاف: "أمريكا هي القادرة على رفع الكرت الأحمر، وهذه إحدى التحديات أمامنا وأمام المجتمع الدولي، فموقف الأمين العام للأمم المتحدة الذي حاول أن يترجمه في قرار مجلس الأمن، أوقفته أمريكا بالفيتو". ومن هنا نعتبرأن "أمريكا شريكة في هذا العدوان وتتحمل المسؤولية، ويجب عليها أن تعي بأن استمرار دعمها يتناقض مع مصالحها ومع أمنها القومي، ومع القيم الني تتحدث عنها، ولكن بات واضحاً أن هذه الإدارة رهينة عند اليمين الفاشي".

الأسرى فرصة للمجتمع الدولي
وحول الأنباء التي تحدثت عن أن "إسرائيل مستعدة لاستئناف الاتصالات مع الوسطاء من أجل إطلاق سراح الأسرى"، ومدى "إمكانية تغير شروط تبادل الأسرى فيما لو حدثت هدنة ثانية"، أجاب الرجوب: أنه "من يتطلع إلى إنهاء هذا الصراع يجب أن يوافق على ثلاث قضايا، الأولى "إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، كاملة السيادة وعاصمتها القدس"، والثانية "حل مشكلة اللاجئين وفق قرارات الشرعية الدولية"، والثالثة "الإفراج عن كل المعتقلين الفلسطينيين".

واعتبر أن "الأسرى الإسرائيليين عند حماس هم فرصة للمجتمع الدولي، بدلاً من أن يضغط على حماس، يجب أن يضغط على إسرائيل لعقد صفقة الكل مقابل الكل"، مضيفاً: إن "المعتقلين الفلسطينيين لدى إسرائيل، بعضهم من ثمانينيات القرن الماضي، جرح سيبقى نازفاً، وأحد عناصر الاستقرار في مستقبل الحل السياسي وإقامة الدولة الفلسطينية".

"التهجير إلى سيناء"؟

وفي رده على سؤالنا عن"صحة الأنباء والتقارير التي تتحدث عن صفقة مع مصر لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، رغم معارضة الرئيس المصري وتصريحه بذلك علناً"، أعرب الرجوب عن ثقته في سياسة مصر، قائلاً: "أنا كفلسطيني أثق في الدولة المصرية وسياستها، بما في ذلك رفضهم المطلق للهجرة القسرية للفلسطينيين من قطاع غزة، أو من الضفة، ونحن مطمئنون لهذا الموقف، وهذا تم التصريح به علناً وهو عنصر ثابت في السياسة الوطنية المصرية".

وختم جبريل الرجوب حواره مع "ديلي صباح"، بدعوة العالم العربي والإسلامي لأن "يهبوا لنصرة الفلسطينيين وحمايتهم، بحسب إمكانياتهم، سواء في الإغاثة أوالعلاج، مضيفاً: "إن تأمين المأوى في غزة اليوم ضرورة واحتياج إنساني، ولكن تحقيق الأمل بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، أيضاً هي مسؤولية إنسانية، بالمعنى القومي والديني والقيمي، والشعب الفلسطيني بكل هذه التضحيات يستحق أن يكون خارج أجندات وتجاذبات الأطراف الإقليمية والدولية"، ومردفاً: "نتمنى أن يكون لدى الحكومات، وتحديداً حكوماتنا العربية والإسلامية، وعمقنا الآسيوي والإفريقي، صحوة لإنقاذ مشروعنا، وهو مشروع الإنسانية، لإنهاء معاناتنا التي نعيشها منذ 75 عاماً".