شهود على جريمة حرب: غزة في عيون الصحفيين

ديلي صباح
إسطنبول
نشر في 29.11.2023 15:20
آخر تحديث في 29.11.2023 15:29
في هذه الصورة غير المؤرخة، يقوم صحفيون فلسطينيون بتغطية هجوم إسرائيلي على موقع في غزة، فلسطين. صورة أأ في هذه الصورة غير المؤرخة، يقوم صحفيون فلسطينيون بتغطية هجوم إسرائيلي على موقع في غزة، فلسطين. (صورة أأ)

لا يزال الصحفيان قاسم الآغا وأحمد أبو عزيز، اللذان يعملان في غزة، مصممين على فضح الفظائع وتسليط الضوء على الظروف الصعبة التي يواجهها الفلسطينيون، حتى بعد فقدان أقربائهم وأكثر من 66 من زملائهم في الهجمات الإسرائيلية.

أحدثت الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، صدمة في جميع أنحاء العالم مع دعوات لإجراء تحقيقات في جرائم حرب محتملة.

ومن بين الشهداء الذين تجاوز عددهم حاجز الـ 15 ألف شخصاً، معظمهم من النساء والأطفال، 66 صحفياً، بحسب نقابة الصحافيين الفلسطينيين، استشهدوا أثناء أداء واجبهم، وقيامهم بمسؤولياتهم المهنية وسط القصف الإسرائيلي المتواصل على غزة والكارثة الإنسانية المتزايدة.

أثناء تغطيتهما في غزة، سلط الصحفي قاسم الآغا، مراسل قناة "فلسطين اليوم" ومقرها بيروت، وزميله أحمد أبو عزيز، مراسل شبكة قدس الإخبارية، الضوء على التحديات المؤلمة المتمثلة في الشهادة على واحدة من أكثر الهجمات تدميراً على المدنيين الفلسطينيين في الذاكرة الحديثة. .

كصحفيين في خضم الحرب، تحدثا حصرياً لصحيفة "ديلي صباح"، حيث شاركا التفاصيل وقاما بتقييم وحشية إسرائيل اللاإنسانية في الأراضي المحاصرة من خلال عدسة الصحافة.

وقال الآغا إنهم اضطروا إلى مواصلة مسؤولياتهم الصحفية وسط هجمات متواصلة خلقت أجواء من الخوف المستمر، مضيفاً: "نحن نعمل في بيئة مخيفة للغاية. تحت ضغط عقلي وجسدي شديد. نحن في خوف دائم على حياتنا، وكذلك حياة أحبائنا، وخاصة بعد الهجوم على منزل عائلتي في غزة".

وسلط أحمد أبو عزيز الضوء على الصعوبات التي يواجهها السكان المدنيون في غزة ومأساة الشهداء، قائلاً: "إن اللحظات المؤلمة التي يعيشها المدنيون، ومشاهد الموت والدمار والإصابات المأساوية التي نشهدها، هي جزء من المصاعب التي يتحملها جميع الفلسطينيين".

وأضاف: "لكن وجود شهداء من أصدقائك وأقاربك ومعارفك وحتى زملائك يشكل تحدياً كبيراً في القيام بواجباتنا".

ومع ألم فقدان الأحبة، أكد أبو عزيز تصميمهم على فضح الجرائم الإسرائيلية المرتكبة في غزة وغيرها من الأراضي الفلسطينية وجلبها إلى انتباه العالم.

وأردف: "على الرغم من المآسي، فإننا لا نزال ملتزمين بالكشف عن جرائم إسرائيل ونشرها، وفي هذه العملية الصعبة، فإن المضي قدماً دون الخوض في الماضي، وكشف الظلم والحقيقة يمثل مسؤولية كبيرة وكفاحًا للصحفيين".

"لنا الله"
"نتوكل على الله أولاً، ثم نتخذ إجراءات وقائية مثل ارتداء الخوذات والأدوات الواقية من الرصاص التي تحمل كلمة "صحافة". ومع ذلك، فإن هذه التدابير غالباً ما تثبت عدم فعاليتها في مواجهة الهجمات الإسرائيلية المتعمدة على الصحفيين، وتدمير المؤسسات الإعلامية، فضلاً عن الاستهداف المتعمد للمدارس وملاجئ اللاجئين التابعة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان لشؤون اللاجئين (الأونروا)"، أضاف الآغا.

قاسم الآغا - مراسل قناة ʺفلسطين اليومʺ

وشدد أبو عزيز على عدم كفاية ونقص معدات السلامة وسط الظروف الصعبة على الأرض، قائلاً: "في غزة، نواجه بعض التحديات الكبيرة لضمان السلامة الشخصية أثناء العمل. ولتأمين سلامتي، يتعين عليك أحياناً استعارة سترات وخوذات مضادة للرصاص من زملائك الصحفيين بسبب عدم توفرها، إلى جانب الصعوبات الأخرى من انقطاع التيار الكهربائي".

وقال: "بعد أن شهدت الجرائم اللاإنسانية (في غزة)، تأثرت بالصمت وعدم رد الفعل من قبل المجتمع الدولي، وكذلك العربي والإسلامي. صمتهم وعدم استجابتهم تسبب في خيبة الأمل والحزن لدى الناس هنا".

تبلدت المشاعر
"قبل الهجمات الإسرائيلية، كان لدي فوبيا من صور الدم والعمليات الجراحية، لكن بعد نقل الأحداث وتغطية قصص المشيعين والشهداء والجثث المشوهة، اعتدت على هذه الصور المروعة، والآن أصبحت هذه الحوادث: "أمر عادي بالنسبة لي، ومشاعري أصبحت متبلدة"، كما قال أبو عزيز.

وفي خضم هذه الأحداث المؤلمة، واصل البث المباشر وكشف الاعتداءات الإسرائيلية الوحشية.

وفي معرض حديثه عن إحدى أكثر الحوادث المؤلمة التي تعرض لها أثناء أداء الواجب، قال: "خلال البث المباشر في المستشفى في الأيام الأولى للحرب، علمت أن ابنة عمي وزوجها وأطفالهما الأربعة كانوا من بين الشهداء". فيما أصيب 25 فرداً آخر من أفراد عائلتهم في الهجوم على منزلهم".

أحمد أبو عزيز - مراسل شبكة القدس الإخبارية بقطاع غزة

وأضاف: "كان تأثير هذا الهجوم المتعمد هائلاً علي. وعلى الرغم من هذا الوضع الصعب، واصلت نقل أخبار ورسالة هذا الحادث من خلال أداء وظيفتي بموضوعية وموثوقية، وفضح الجرائم التي يرتكبها المحتلون وإدانة الهجمات على غزة".

وأكد الآغا أن الأحداث الدامية تركت أثراً سلبياً عميقاً على الصحفيين، إلا أنهم لا يستطيعون التخلي عن واجبهم، مضيفاً: "بالطبع الأحداث الدامية لها تأثير سلبي عميق علينا وعلى روحنا ولكننا لا نملك ترف التراجع. لأن لدينا قضية وطن وهي القضية الأكثر عدالة".

وأردف: الاحتلال الإسرائيلي له تاريخ دموي في قتل المدنيين، خاصة الأطفال والنساء والشيوخ، واستشهد بالإجراءات الإسرائيلية ضد النشطاء الأتراك على متن سفينة "مرمرة"، فإن أولئك الذين يتضامنون من أجل كسر الحصار عن غزة يُقتلون أيضاً.

كما أعرب أبو عزيز عن حزنه العميق لفقدان أربعة من زملاءه وأكثر من 60 صديقاً صحفياً، مؤكداً إصرارهم على مواصلة المهمة المهنية والإنسانية والوطنية لرفاقهم الراحلين رغم الألم الذي يعيشونه. وختم حديثه لـ "ديلي صباح" بقوله: "حزننا هائل، لكننا ملتزمون بمواصلة إرثهم. لقد كرسوا حياتهم لهذه القضية، وسنسير على خطاهم".