انطلقت في العاصمة القطرية الدوحة، السبت، أعمال المؤتمر الدولي لجامعة جورجتاون، تحت عنوان "التاريخ والممارسات العالمية للإسلاموفوبيا"، في دعوة لتكاتف الأيدي في المواجهة العالمية ضد ظاهرة "الإسلاموفوبيا"وضد كل ممارسات وصور التمييز والتعصب والكراهية والعنصرية أياً كانت أسبابها ودوافعها.
ويقام هذا المؤتمر، الذي يشارك فيها باحثين من عدة دول، لدراسة الظاهرة وتحديد أسبابها وجذورها والتعرف على أسباب انتشار خطابها على الصعيد السياسي والاجتماعي والتعليمي وغيرها من السياقات في وقت يتضاعف فيه قلق العالم من تزايد انتشار هذه الظاهرة، وتصاعد خطاب الكراهية والتحيز ضد المسلمين وما يسفر عنه من حوادث وجرائم.
وفي كلمته في افتتاح المؤتمر، قال السفير إبراهيم رسول من جنوب إفريقيا، مُؤسِّس مُؤسَّسة "العالم للجميع": إن "المخاوف تتزايد من كل اختلاف سلواء في التوجهات أو المذاهب، ونلبسه ثوب القلق من المجهول، ونفرض حالة الطوارئ، ونشدد العقوبات في كل مناسبة، ونعقد سياسات الهجرة كما لو أنها قوانين طبيعية يجب علينا تنفيذها. لقد تحول كل ذلك إلى ما يجدر بنا وصفه بالتطرف السائد".
وأضاف رسول: "عندما نصف التطرف أو العداء بالفوبيا أو الرهاب أو الخوف، فإننا نلقي بالعبء على الضحية. إننا نواجه عبئًا مزدوجًا: علينا أن ننجو من التمييز والعنصرية، ونثبت أنهم ليسوا مخيفين إلى هذا الحد".
وفي معرض حديثه عن الوضع المعاصر، قال السفير إبراهيم رسول: يحظى "الآخر المسلم" في عالم اليوم بمعاملة خاصة، فهناك شريحة تعادل 10% من السكان في كل دولة غربية تتكون من "الآخر". ما يحدث ليس ظاهرة أحادية الثقافة في الغرب؛ فتقريباً ربع المسلمين من المجتمع الدولي على مستوى العالم يجدون أنفسهم في وضع الأقلية."
وأردف: "لم تعد ظاهرة الإسلاموفوبيا قاصرة على العالم الغربي. فقد ترسخت بين الأقليات المسلمة في الهند والصين وميانمار وغيرها من الدول. وسواء في الغرب أو في الشرق، يواجه المسلمون كل نزعات الشعبوية والتعصب والتطرف واسع النطاق".
واستخلص السفير إبراهيم رسول الدروس من نضال جنوب إفريقيا ضد الفصل العنصري وتحدث عن الحاجة إلى التضامن في الكفاح ضد جميع أشكال التعصب، وهو التضامن الذي يتجاوز الدين والعرق والإثنية وتلمس قضية مشتركة".
ورداً على سؤال حول دور الدبلوماسية والرياضة في مواجهة الإسلاموفوبيا، أكد رسول أن الدبلوماسية الشعبية التي تجلت في استضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 كان لها دور جوهري في التصدي لمشاعر العداء للإسلام والحد منها.
وفي كلمته الترحيبية، قال الدكتور عبد الله العريان، أستاذ التاريخ المشارك في جامعة جورجتاون في قطر وأحد منظمي المؤتمر: "تسفر ظاهرة الإسلاموفوبيا عن ممارسات مزعجة في بعض الأحيان ومدمرة في أحيان أخرى، وهي ممارسات ذات طابع دولي بمعنى أنها أصبحت شائعة على الصعيد العالمي وفي الوقت نفسه بدأت تترسخ في المعتقدات والممارسات المحلية الناشئة عن تجارب معينة نابعة من سياق تاريخي أو من الظروف الحياتية".
وأضاف العريان: :يسعى هذا المؤتمر ضمن جملة أهدافه وغاياته إلى تفكيك هذه الممارسات التي تبدو متناقضة ظاهريًا لظاهرة الإسلاموفوبيا، ودراسة تأثيرات هذه الممارسات على السكان حول العالم، وتقييم السبل والتدابير التي يمكن اتخاذها لمواجهة الإسلاموفوبيا في مختلف المجالات".
وتستمر جلسات المؤتمر يوم الأحد 1 أكتوبر/ تشرين الأول، حيث يناقش كبار الأساتذة والعلماء والباحثين الآليات التي تعزز ممارسات الإسلاموفوبيا المعاصرة والصلات المشتركة بينها على مستوى العالم، وإلى جانب الجلسات النقاشية الرسمية، ستتناول ورش الجمهور والمنتدى الذي يديره طلاب جامعة جورجتاون في قطر سبل المواجهة التي تساعد في الحد من انتشار الإسلاموفوبيا على مستوى الجامعات.
وتجمع سلسلة مؤتمرات "حوارات" بجامعة جورجتاون في قطر بين الباحثين والخبراء والجمهور لاستكشاف التحديات العالمية المشتركة بهدف استشراف مستقبل أفضل من خلال الحوار والمناقشة.
ويوفر كل مؤتمر من هذه السلسلة مساحة شاملة تشجع على المشاركة المجتمعية وخلق المعرفة والبحث عن حلول مبتكرة للتحديات الحالية والمستقبلية.
يذكر أن جامعة جورجتاون قد تأسست في واشنطن العاصمة عام 1789، وهي واحدة من المؤسسات الأكاديمية والبحثية الرائدة في العالم، وتسعى جامعة جورجتاون في قطر، ومقرها المدينة التعليمية بالدوحة، التي تأسست في عام 2005 بالشراكة مع مؤسسة قطر، إلى البناء على السمعة العالمية للجامعة من خلال التعليم والأبحاث والخدمة المجتمعية، بحسب الجامعة.