لليوم الثاني على التوالي، تشهد محافظة السويداء التي يسيطر عليها النظام في جنوب سوريا، حراكاً احتجاجياً بسبب تردّي الأوضاع المعيشية.
وتأتي هذه الاحتجاجات النادرة في المحافظة غداة تظاهرات وإضراب عام احتجاجاً على رفع الدعم عن الوقود الأسبوع الماضي ما أثّر سلبًا على معيشة السكّان الذين يعانون من تدهور الاقتصاد السوري بعد 12 عامًا من النزاع.
وقال ناشط في السويداء لفرانس برس طالباً عدم كشف هويته لأسباب أمنية "كفى، اختنق الشعب السوري"، مشيراً الى أنّ مئات تجمّعوا للاحتجاج في المدينة من دون أن يتعرّضوا لأيّ عملية قمع.
وأضاف الناشط "أملي الوحيد أن ينتقل هذا الحراك إلى باقي المحافظات ويوصل صوتنا".
ونشرت منصّة السويداء24 الإخبارية مقاطع فيديو ظهر فيها مئات المحتجّين وهم يردّدون شعارات مناهضة للنظام، منها "الحرية" و"يسقط بشّار الأسد"، و"عاشت سوريا".
وتأتي هذه التظاهرات غداة اضراب عام شهدته محافظة السويداء معقل الأقلية الدرزية في سوريا وبقيت في شكل عام في منأى مما شهدته سوريا من دمار وقمع.
وفي كانون الأول/ديسمبر 2022، قُتل متظاهر وشرطي عندما تدخّلت قوات الأمن لقمع تظاهرة في مدينة السويداء.
وتابع الناشط أنّ "أحد عناصر الأمن تمنّى لو يستطيع أن يقف معنا معترفاً بأنّه يخجل من أن ينظر بوجه زوجتهلعجزه عن تأمين الحاجيات" لمنزله.
وأظهرت مقاطع مصورّة أخرى متظاهرين يحملون رجال دين دروزاً على أكتافهم، علما بأنّ شيخ عقل الطائفة في السويداء حكمت سلمان الهجري سبق أن أدلى بتصريحات أيّد فيها مطالب المتظاهرين، معبّراً "عن قلقه العميق إزاء الأوضاع الحالية وداعياً إلى التحرّك من أجل تحقيق التغيير والعدالة".
كما انتدلعت احتجاجات السبت في محافظة درعا المجاورة، مهد الثورة السورية.
وقال المرصد إنّ عشرات السوريين تظاهروا في درعا ورفع بعضهم علم المعارضة السورية وطالبوا برحيل بشار الأسد.
واستعاد النظام السيطرة على محافظة درعا، عام 2018 ضمن اتفاق لوقف إطلاق النار توسّطت فيه روسيا.
وجاء رفع الدعم عن الوقود الأسبوع الماضي في وقت خسرت فيه العملة المحلية أكثر من 99 في المئة من قيمتها ويعيش فيه غالبية السوريين تحت خط الفقر، بينما يعاني أكثر من 12 مليون مواطن من انعدام الأمن الغذائي، وفق الأمم المتحدة.
وطالت النقمة الشعبية على الأوضاع المعيشية ضواحي دمشق، حيث احتجّ سكان مدينة جرمانا في الأيام الأخيرة على انقطاع التيار الكهربائي بشكلٍ متكرّر، بحسب ما أفاد شاهد وكالة فرانس برس.
وقال مدير موقع "ذي سيريا ريبورت" الاقتصادي جهاد يازجي إنّ رفع أسعار الوقود جاء بعد أعوام من التضخّم والبطالة و"إرهاق عام أصاب السكان".
وأضاف يازجي لفرانس برس أنّ "النظام الذي بات أشبه بمافيا عاجز عن اقتراح حلول بعيدة المدى".
وإذا كان يصعب توقّع مآل هذا الحراك الاجتماعي، اعتبر أنّ "المفتاح يكمن في رصد ما سيحصل في المناطق الموالية للنظام وفي دمشق".