يسود استياء كبير في أوساط المنظمات الإنسانية المحلية وسكان مناطق شمال غربي سوريا، الخاضعة لسيطرة المعارضة، من ربط دخول مساعدات الأمم المتحدة الإنسانية بموافقة النظام السوري، محذرين من أن هذا الوضع يمنح الأخير ورقة جديدة يستخدمها للابتزاز.
وفي 9 يوليو/ تموز الماضي، فشل مجلس الأمن الدولي في تجديد آلية المساعدات الأممية إلى سوريا بسبب استخدام روسيا (حليفة النظام) الفيتو، ليتوقف دخول المساعدات من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، في حين استمر الاستثناء الخاص بدخول المساعدات عبر معبري باب السلامة والراعي مع تركيا حتى 13 أغسطس/ آب الجاري، قبل تمديده 3 أشهر.
وكان النظام السوري وافق على دخول مساعدات أممية عبر هذين المعبرين بعد 10 أيام من زلزال مدمر ضرب جنوب تركيا وشمال تركيا في 6 فبراير/ فبراير شباط الماضي.
وفي 8 أغسطس، أعلنت الأمم المتحدة أن النظام وافق على تمديد دخول المساعدات عبر معبري باب السلامة والراعي 3 أشهر حتى 13 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وبذلك أصبح دخول المساعدات عبر جميع المعابر مرهونا بموافقة النظام.
خذلان للسوريين
ووفقاً لمنظمة الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، عبر بيان في 10 أغسطس، فإن "الأمم المتحدة تجاهلت مطالب السوريين ومناشداتهم، وسمحت لنظام الأسد بالتحكم بالملف الإنساني والمساعدات عبر الحدود إلى شمال غرب سوريا، رغم وجود مستند قانوني يمكّنها من إدخال المساعدات دون موافقة الدولة المعنية أو مجلس الأمن".
ووصفت الخوذ البيضاء "الرضوخ الأممي للنظام، وهو الذي قتل وهجر السوريين واستخدم الأسلحة الكيميائية ولديه تاريخ حافل باستغلال المساعدات وتسييس توزيعها والتلاعب بها"، بأنه "إهانة وخذلان للسوريين ولتضحياتهم".
واعتبرت المنظمة أن "المجتمع الدولي أخفق في تحييد الملف الإنساني عن الابتزاز، مثلما أخفق على مدى 12 عاما في حماية أرواح المدنيين، ومحاسبة نظام الأسد على جرائمه، حيث أصبحت أرواح المدنيين الأبرياء والمساعدات المنقذة للحياة رهينة الابتزاز السياسي".
ورافضةً "وضع مصير المساعدات المنقذة لأرواح ملايين الأبرياء بيد من قتلهم وهجرهم وسلبهم حقوقهم"، دعت "الخوذ البيضاء" المجتمع الدولي إلى "وضع آلية واضحة تضمن استمرار إدخال المساعدات عبر الحدود في سبيل توفير مزيد من الموارد المستدامة إلى 4.8 ملايين شخص في شمال غرب سوريا".
بدورها، اتهمت منظمة "منسقو استجابة سوريا"، في بيان يوم 10 أغسطس، الأمم المتحدة بـ"قبول شروط النظام سرا"، رغم إعلانها عدم قبول تلك الشروط،، معتبرة أن الاتفاق بين الأمم المتحدة والنظام "غير قانوني ولا يستند إلى أي مرجعية لدى الأمم المتحدة أو مجلس الأمن".
وتابعت المنظمة: "ستظهر الآثار السلبية لاتفاق النظام السوري مع الأمم المتحدة خلال الفترة القادمة على كافة الصعد، أبرزها كمية المساعدات والشروط اللازمة للعمل والحصول على التمويل من وكالات الأمم المتحدة".
"الضحية والجلاد"
من جانبه، قال الصحفي في الريف الشمالي لمحافظة إدلب محمد العبدالله، إن سكان المنطقة وخاصة النازحين وسكان المخيمات يشعرون بامتعاض وغضب شديدين من ربط مصير المساعدات الأممية بموافقة نظام الأسد الذي كان سببا بتهجيرهم من بيوتهم وتحويلهم إلى محتاجين للمساعدات.
وشبه العبدالله، في حديثه لوكالة الأناضول، ما يحدث بـ "ربط مصير الضحية بقرار من الجلاد"، مؤكداً أن ذلك غير "إنساني وغير أخلاقي بالإضافة إلى كونه غير قانوني".
وتابع: "الوضع الاقتصادي شمال سوريا سيء للغاية والناس يعيشون في فقر مدقع، وهناك مئات الآلاف يعتمدون بشكل كلي على المساعدات الإنسانية لذلك فالأمر لا يحتمل أي نوع من الابتزاز السياسي أو التأخير".
ودعا العبدالله الأمم المتحدة إلى فرض دخول المساعدات بشكل دائم وعبر آليات ملزمة ودون الحاجة لتجديدها.
ولفت الصحفي السوري إلى أن "الأمم المتحدة لديها المستندات القانونية لذلك، وقادرة على تجاوز الفيتو الروسي وابتزاز النظام في حال كان هناك إرادة دولية حقيقية لإيصال المساعدات".
وفي مارس/ آذار 2011 اندلعت في سوريا احتجاجات شعبية مناهضة لحكم الأسد، الذي يحكم منذ 2000 خلفا لوالده، طالبت بتداول سلمي للسلطة، لكنه أقدم على قمعها عسكريا، ما زج بالبلاد في حرب أهلية مدمرة.