أعلنت الأمم المتحدة التوصل إلى تفاهم مع النظام السوري بما يتيح إدخال المساعدات من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا لمدة ستة أشهر.
وطوال السنوات الماضية، كان باب الهوى المعبر الرئيسي لدخول المساعدات الإنسانية العابرة للحدود من دون موافقة دمشق بموجب قرار صادر من مجلس الأمن الدولي (2672).
وخلال الأسابيع الماضية، نبهت منظمات إنسانية عدة الى مخاطر مترتبة على السماح لدمشق بالتحكم في إدخال المساعدات خشية تسييسها وحرمان المحتاجين منها.
وأعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ليل الثلاثاء أن الأخير "يرحب بالتفاهم الذي تم التوصل إليه (..) بين الأمم المتحدة والحكومة السورية حول استمرار استخدام معبر باب الهوى خلال الأشهر الستة المقبلة لايصال المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة إلى ملايين الأشخاص" في شمال غرب سوريا.
وكان مجلس الأمن الدولي فشل في تموز/يوليو في الاتّفاق على تمديد الآلية الرئيسية بإدخال المساعدات عبر باب الهوى في ظل استخدام موسكو أبرز داعمي نظام دمشق، حق النقض (الفيتو)، وإصرار الأمم المتحدة وغالبية أعضاء المجلس على ضرورة تمديد الآلية سنة واحدة على الأقلّ.
وعلى وقع انقسامات مجلس الأمن، أعلنت دمشق التي طالما اعتبرت إدخال المساعدات من دون موافقتها خرقاً لسيادتها، أنها ستسمح بعبور المساعدات الأممية لمدة ستة أشهر عبر باب الهوى.
واشترطت دمشق في حينها عدم تواصل الأمم المتحدة مع كيانات "إرهابيّة"، على أن تشرف اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري على توزيع المساعدات. وأبدت الأمم المتحدة في حينها قلقها حيال "شروط غير مقبولة".
وأوضح بيان الأمم المتحدة ليل الثلاثاء أن التفاهم الجديد مع النظام السوري هدفه السماح لها وشركائها "مواصلة تقديم المساعدة الإنسانية عبر الحدود، بالحجم اللازم وبطريقة مبدئية تسمح بالانخراط مع جميع الأطراف لأغراض السعي إلى وصول المساعدات الإنسانية، بطريقة تحمي الاستقلال التشغيلي للأمم المتحدة".
- "تجاهل واخفاق" -
وأتى التفاهم جراء مباحثات بين وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث والنظام السوري.
وأضاف البيان أن "الموافقة، التي أعادت سوريا التأكيد عليها في الأيام الأخيرة، توفر أساساً للأمم المتحدة وشركائها لإجراء عمليات إنسانية عبر الحدود بشكل قانوني عبر معبر باب الهوى".
وأعربت منظمات دولية عن خشيتها السماح لدمشق بالتحكم بإدخال المساعدات إلى مناطق خارج سيطرتها، ما قد يعرقل العمل بالقرار الدولي الذي أتاح طوال السنوات الماضية استقلالية ايصال الدعم.
وأعربت منظمة الإغاثة الدولية في بيان الأربعاء عن "قلقها من إزالة الاستقرار والأمان الذي كان يضمنهما قرار مجلس الأمن الدولي وتأثيره على قدرة المنظمات الإنسانية على العمل بفعالية".
وشددت على أن قرار مجلس الأمن كان "يُشكل الضمان الوحيد الذي طمأن مجتمعات شمال غرب (سوريا) بإمكانية الوصول إلى دعم حيوي بدعم وحماية المجتمع الدولي".
وقالت باحثة في الشأن السوري في هيومن رايتس ووتش هبة زيادين "لا أرى كيف يمكن لاتفاق كهذا مبرم مع الحكومة نفسها التي لطالما عرقلت المساعدات واستعملتها كسلاح، أن يضمن وصول المساعدات الانسانية إلى شمال غرب" البلاد.
واعتبرت أن الاتفاق لا يمكن أن يعدّ "بديلاً مقبولاً" عن قرار مجلس الامن، ودعت الأمم المتحدة إلى "مواصلة البحث عن بدائل" تضمن وصول المساعدات.
وفي شمال غرب سوريا، اعتبرت منظمة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني) أن الأمم المتحدة "تجاهلت (...) مطالب السوريين ومناشداتهم، وسمحت لنظام الأسد بالتحكم بالملف الإنساني".
ورأت أن "المجتمع الدولي أخفق في تحييد الملف الإنساني عن الابتزاز".
وأضافت "لا يمكن القبول بوضع مصير المساعدات (...) بيد من قتلهم وهجرهم وسلبهم حقوقهم"، داعية المجتمع الدولي إلى "وضع آلية واضحة تضمن استمرار إدخال المساعدات عبر الحدود" ومنع استخدامها كـ"أحد أدوات الحرب" و"نزع الصبغة السياسية عن العمل الإنساني".
ويقطن نحو ثلاثة ملايين شخص، غالبيتهم من النازحين في محافظة إدلب وشمال حلب. ويحتاج سكان تلك المناطق المكتظة بمخيمات النازحين مساعدات ملحة.