ماذا وراء تصعيد الغارات الإسرائيلية على سوريا وتداعياته محلياً وإقليمياً؟

وكالة اسوشيتد برس
إسطنبول
نشر في 05.04.2023 15:33
تشييع المقاتلين الإيرانيين اللذين قتلا في سوريا. طهران. 4 أبريل 2023 الفرنسية تشييع المقاتلين الإيرانيين اللذين قتلا في سوريا. طهران. 4 أبريل 2023 (الفرنسية)

أسفرت غارات جوية "إسرائيلية" على سوريا في الأسابيع الأخيرة عن مقتل اثنين من المستشارين العسكريين الإيرانيين على الأقل، وإخراج أكبر مطارين في البلاد من الخدمة.

ورغم أن إسرائيل تخوض حرب ظل ضد إيران في سوريا منذ سنوات، إلا أنها صعدت في الآونة الأخيرة، من غاراتها الجوية بشكل شبه يومي.

يأتي تصعيد الهجمات بعد ما يبدو أنه تسلل نادر لمسلح من لبنان إلى إسرائيل وتصالح إيران مع خصمها الإقليمي السعودية الشهر الماضي. كما يأتي على خلفية أزمة داخلية كبيرة في إسرائيل بسبب خطة حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإجراء تغييرات قضائية.

شنت إسرائيل، التي توعدت بوقف ترسيخ إيران موطئ قدم لها في سوريا، مئات الضربات على أهداف داخل مناطق خاضعة لسيطرة النظام السوري في السنوات الأخيرة، لكنها نادرا ما تعترف بها. ومنذ بداية العام نسب مسؤولون سوريون 10 غارات على الأراضي السورية إلى إسرائيل، منها أربع في غضون خمسة أيام حتى يوم الثلاثاء.

كانت آخر مواجهة للولايات المتحدة، الحليف الأقرب لإسرائيل، ضد القوات الإيرانية في سوريا في أواخر مارس / آذار. وفيها ردت القوات الأمريكية بضربات جوية على مواقع في سوريا تستخدمها جماعات تابعة للحرس الثوري الإيراني في أعقاب هجوم بطائرة بدون طيار يشتبه في أنه مرتبط بإيران أسفر عن مقتل متعاقد أمريكي وإصابة ستة أمريكيين آخرين في شمال شرق سوريا. وقال مسؤول بجماعة مدعومة من إيران في العراق إن الضربات الأمريكية أسفرت عن مقتل سبعة إيرانيين.

منذ السنوات الأولى للصراع السوري المستمر منذ 12 عاما (بعد انطلاق الثورة سنة 2011) نشرت إيران في أجزاء مختلفة من سوريا مئات المستشارين العسكريين وآلاف المقاتلين المدعومين من دول كالعراق ولبنان، ساعدوا في قلب ميزان القوى لصالح بشار الأسد.

ولطالما اعتبرت إسرائيل إيران أكبر عدو لها، مستشهدة بدعوات طهران لتدمير إسرائيل، ودعمها لجماعات مسلحة معادية لإسرائيل، مثل حزب الله، وببرنامجها النووي، الذي تقول إسرائيل ودول غربية إن إيران تسعى من خلاله إلى تطوير أسلحة نووية، وهو ما تنفيه طهران.

وألقت إيران باللوم على إسرائيل في شن هجمات على أراضيها أسفرت عن مقتل بعض علمائها النوويين وإلحاق أضرار بمنشآت نووية.

تظهر الضربات الجوية في سوريا مخاوف إسرائيل من انتشار مقاتلين قرب حدودها الشمالية، ومخاوف من محاولة إيران نقل أسلحة متطورة إلى حزب الله، الذي تعتبره إسرائيل تهديدا كبيرا لها، إذ يعتقد أنه يمتلك أكثر من 130 ألف صاروخ.

وذكر الخبير العسكري اللبناني والعميد الركن السابق بالجيش هشام جابر أن لإيران ما يقرب من 1800 مستشار عسكري في سوريا معظمهم منتشرون مع قوات جيش النظام السوري.

بدأ تصعيد الضربات على سوريا مستهل العام الجاري، بعد أيام من تولي الحكومة الأكثر يمينية السلطة في إسرائيل، بدءا من ضربة في 2 يناير كانون أول أدت إلى توقف مطار دمشق مؤقتا عن الخدمة.

"لن نسمح للإيرانيين وحزب الله بإلحاق الأذى بنا"، هكذا صرح غالانت هذا الأسبوع، مضيفا "لم نسمح بذلك في الماضي، ولن نسمح به الآن، أو في أي وقت في المستقبل. عند الضرورة ، سوف ندفعهم خارج سوريا إلى حيث ينتمون".

استهدفت الضربات المنسوبة إلى إسرائيل في سوريا في الأسابيع الأخيرة شخصيات مرتبطة بإيران وبنيتها التحتية، فاستهدف مطارا دمشق وحلب، في خطوة يبدو أنها كانت تهدف إلى منع تدفق شحنات الأسلحة إلى سوريا، إلا أنها عرقلت أيضا وصول شحنات المساعدات بعد الزلزال الدامي الذي ضرب سوريا وتركيا في 6 فبراير/شباط.

في 19 فبراير/شباط استهدفت ضربات إسرائيلية مناطق سكنية في العاصمة دمشق، أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل وإصابة 15 آخرين. وقال نشطاء المعارضة إن الضربة استهدفت ميليشيات مدعومة من إيران.

ومنتصف مارس/آذار قال الجيش الإسرائيلي إن جنوده قتلوا مسلحا يشتبه في دخوله البلاد من لبنان وتفجيره سيارة، ما أدى إلى إصابة إسرائيلي واحد. ويشتبه مسؤولون إسرائيليون في أن الرجل تسلل من لبنان وربما أرسله حزب الله أو إيران.

بعد أيام قليلة من التسلل المزعوم قتل قائد في حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية المسلحة بالرصاص خارج مسكنه بالقرب من دمشق فيما وصفته الجماعة بأنه عملية اغتيال قام بها عملاء إسرائيليون.

ويوم الثلاثاء الماضي قال نتنياهو إن وكالة الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) ساعدت اليونان في منع تنفيذ مخطط هجوم إرهابي ضد موقع يهودي واحد على الأقل في أثينا. وصرحت السلطات اليونانية بأن رجلين، قالت إنهما من أصل باكستاني، اعتقلا بزعم التخطيط لشن هجوم على مركز يهودي.

ويوم الجمعة أسفرت غارة اسرائيلية على ضاحية جنوب دمشق عن مقتل اثنين من مستشاري الحرس الثوري الايراني. وبعدها بساعات أسقطت القوات الجوية الإسرائيلية طائرة بدون طيار دخلت إسرائيل من سوريا، وسادت مزاعم بأن إيران تقف وراء إطلاقها

يقول يوئيل غوزانسكي، الخبير في الشأن الإيراني والزميل البارز في معهد دراسات الأمن القومي، وهو مركز أبحاث في تل أبيب، إن تصعيد الضربات الإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة قد يكون ردا على التسلل المزعوم مؤخرا من لبنان.

وأشار غوزانسكي إلى أن إيران نادرا ما تعترف بمقتل ضباطها ومستشاريها بالسرعة التي اعترفت بها بعد هجوم الجمعة، مضيفا أنها "علامة سيئة".

واستطرد قائلا "أعتقد أنها تشير إلى إن إيران ستنتقم أو ترد على الهجمات الإسرائيلية ". كما أعرب عن مخاوفه من أن تكون الأهداف السهلة، مثل السفارات الإسرائيلية أو السياح الإسرائيليين في الخارج، عرضة للخطر، خاصة خلال عطلة عيد الفصح اليهودي التي تبدأ هذا الأسبوع.

وقال مسؤول في جماعة مدعومة من إيران في المنطقة، تحدث شريطة تكتم هويته لأنه غير مخول بمناقشة القضية مع وسائل الإعلام، إن الإسرائيليين يبدو أنهم يصعدون ضرباتهم في سوريا ردا على مزاعم تسلل مسلح من لبنان، وإنه إذا استمرت إسرائيل في توجيه ضرباتها فإن طهران وحلفاءها سيردون.

ونقلت وكالة أنباء تسنيم الإيرانية شبه الرسمية عن الحرس الثوري قوله إن مقتل مستشارين إيرانيين "بالتأكيد لن يمر دون انتقام".