لم يكن الزلزال المدمر الذي ضرب جنوبي تركيا وشمالي سوريا مجرد حادثة أثرت بشكل جزئي على عائلة الغانم السورية، بل كان كارثة بمعنى الكلمة، إذ فقدت 61 شخصاً من أبنائها.
وتقطن عائلة "الغانم" في عزمارين بمحافظة إدلب، وهي بلدة واقعة تحت سيطرة المعارضة السورية شمال غربي البلاد، إذ تحتضن حوالي 1300 منزلا، تدمر المئات منها في الزلزال.
** موت جماعي
التقت وكالة الأناضول عددا من أفراد العائلة، للوقوف على تفاصيل هذه الحالة الإنسانية الاستثنائية، أحدهم "حازم الغنام"، وهو من الناجين الذين جرى إنقاذهم بمساعدة أهالي المنطقة من تحت الأنقاض.
حازم البالغ من العمر 48 عاما، قال إن منازلهم تضررت من الهزات العنيفة ما دفع أسرته للانتقال إلى الخيام، لافتا إلى أن ناجين من أسرته لقوا مصرعهم في إحدى الخيام إثر نشوب حريق فيها.
وعن تأثير ما رآه خلال الزلزال على نفسه، أوضح حازم: "لقد كانت صدمة قوية جدا بالنسبة لعائلتنا، فعلى مر العصور لم يسبق لها أن تعرضت لموت جماعي بهذه الصورة".
وتابع أن "معظم البلدة أصبحت مدمرة، ومعظم أبنيتها باتت غير قابلة للسكن بفعل الزلزال، لذا فإن كثيرا من الأسر تقطن حاليا في خيام نصبت ضمن نطاق البلدة".
معطيات فريق "منسقو الاستجابة سورية" المعني برصد بيانات الهجرة، أظهرت إن الزلزال تسبب في تضرر مئات المنازل وبأحجام متفاوتة في بلدة عزمارين، فيما دمر أكثر من 300 منزل وباتت غير صالحة للسكن.
** تأزم نفسي
من المواقف التي تركت في نفس "حازم" أثرا، أن "عمال الإنقاذ نجحوا في انتشال ابن عمه من تحت أنقاض مبنى مدمر، ولدى شروعهم في مغادرة المكان، سمعوا من تحت الأنقاض أصوات أطفال، ما كان له أعظم الأثر عليهم".
وأوضح أنه "بعد جهود إضافية، تمكن الفريق من إخراج أم وطفليها، من نفس الأسرة، من تحت ركام ذلك المبنى، وهم بحالة جيدة الآن، فكانت لهذه الحادثة أثرا واسى مصابهم العظيم".
وأشار حازم إلى أنه بعد دفن 61 شخصا من أسرته، مرّ بفترة تأزم نفسي على وقع هذه الخسائر، خاصة بعدما رأى جثمان أحد أقاربه مشوها بفعل تهدم جدران المنزل عليه.
جثامين ضحايا "الغنام"، وهي إحدى العائلات السورية البارزة بالمنطقة، دفنت جنبا إلى جنب في مقبرة واحدة في عزمارين، البلدة الأكثر تضررا في الشمال السوري من الزلزال المزدوج.
** تحت الأنقاض
الطفل محمد الغنام، أحد الناجين من تحت الركام، قال إنه "لم ينجُ من أسرته البالغة عدد أفرادها 6 إلا هو وشقيقه، موضحا أنه قضى 8 ساعات عصيبة تحت الأنقاض ينتظر النجدة".
وأضاف محمد (12 عاما): "أختي مكثت 5 ساعات تحت الأنقاض، وأنا مكثت 8 ساعات"، مشيرا إلى أنه "يقطن حاليا مع عمه، بعد أن فقد والده، واثنين من أشقائه".
وبنبرة ملؤها الحزن والألم، أكد الطفل أنه "يواظب على زيارة قبري أبيه وأمه، ويدعو لهما بالرحمة".
وأدى الدمار الكبير في بلدة عزمارين، إلى مصرع 251 شخصا، بينهم أطفال ونساء، وإصابة 284 آخرين بجروح، ما يشير إلى هول المأساة الإنسانية التي حلت بهذه البلدة.