كشفت ممثلة منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) نورة أورابح حداد في لبنان، أن وضع الأمن الغذائي في لبنان مقلق، وأنه يواجه تحديات غير مسبوقة على جميع الأصعدة.
ومع تفاقم الصعوبات الغذائية في لبنان، وذلك إثر الأزمة الاقتصادية الحادة المستمرة فيه منذ 3 سنوات، وتداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي والحرب الروسية الأوكرانية صنف "ضمن 20 دولة تعد بؤرا ساخنة للجوع".
وأوضحت المسؤولة الأممية نورة أن "الأمن الغذائي بات من ضمن الأولويات العالمية للحكومات والمنظمات في ظل جائحة كورونا وتداعياتها على الاقتصاد والزراعة، بالإضافة إلى انعكاسات الحرب في أوكرانيا عليه".
وقالت إن "وضع الأمن الغذائي في لبنان مقلق كما هو في بلدان العالم، حيث يواجه هذا البلد تحديات غير مسبوقة على جميع الأصعدة، بما فيها عدم توفر غذاء متنوع وآمن للجميع، نتيجة الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية المتتالية".
ونقلت نورة حداد عن تقرير أصدرته "فاو" وبرنامج الأغذية العالمي في مايو/ أيار 2022، أن "لبنان بات من ضمن 20 دولة تعد بؤرة ساخنة للجوع".
وتوقع التقرير حدوث العديد من الأزمات الغذائية التي تلوح في الأفق بسبب الآثار المتتالية للحرب في أوكرانيا، التي أدت إلى الارتفاع السريع في أسعار الأغذية والوقود في جميع أنحاء العالم.
وأشارت حداد إلى أنه "في ظل هذا الوضع لم يعد بإمكان المواطن اللبناني تحمّل تكاليف النظم الغذائية، كما لم يعد بإمكان صغار المزارعين تحقيق أرباح لائقة".
وأردفت أن "الأزمة الاقتصادية في لبنان تهدد بدفع مزيد من الناس إلى الفقر وانعدام الأمن الغذائي، بالأخص إذا استمرت أسعار المواد الغذائية بالارتفاع، مدفوعة بانخفاض قيمة العملة المحلية وارتفاع أسعار القمح والوقود".
وتقول حداد إن "النظام الغذائي في لبنان قد يواجه العديد من التحديات نتيجة عوامل عدة"، مشيرة إلى أن "الأراضي المزروعة في لبنان تغطي أقل من 25% من مساحة البلاد.
ونوهت المتحدثة إلى وجود "170 ألف رخصة زراعية رسمية، إلا أن 25% منها يستخدم من إنتاجها بشكل أساسي للاكتفاء الذاتي، كما أن ملكية الأراضي تعاني بدرجة كبيرة من انعدام المساواة والتجزئة".
وأوضحت أن "80% من أصحاب الأراضي يسيطرون على حوالي ثلث المساحة الإجمالية للأراضي الزراعية، في حين يسيطر 10% منهم على حوالي ثلثي تلك الأراضي، كما أن نسبة كبيرة من العمال في قطاع الأغذية يعمل بشكل غير نظامي".
ويعد قطاع الزراعة والغابات وصيد الأسماك في لبنان الأقل مساهمة في الناتج المحلي الإجمالي، إذ تبلغ نسبته 4% فقط، بينما تعتمد البلاد إلى حد كبير على واردات الغذاء والوقود من الخارج.
وقالت المسؤولة الأممية إنه في أعقاب أزمة 2019 الاقتصادية، "أصبح ثلث السكان عاطلين من العمل، وثلثا الأسر اللبنانية اضطرت إلى التعامل مع انخفاض الدخل".
وأكدت أن "انخفاض القوة الشرائية للمستهلكين سبّب عواقب وخيمة على الأمن الغذائي، حيث اتجهت الأسر اللبنانية إلى أغذية أرخص وأقل تنوعا، ما أدى إلى ارتفاع نسبة سوء التغذية".
وأدت الأزمة الاقتصادية في لبنان إلى ارتفاع قياسي بمعدلات الفقر، فضلا عن هبوط غير مسبوق بقيمة العملة المحلية مقابل الدولار، وتراجع احتياطي العملات الأجنبية وعدم وفرة النقد الأجنبي المخصص للاستيراد.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، حذر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من أن انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في لبنان بشكل حاد، بسبب الأزمة المالية وأزمة اللاجئين السوريين، واعتماد بلاده الشديد على القمح والأسمدة الأوكرانية والروسية.
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في لبنان 1.8 مليون، نحو 880 ألفا منهم مسجّلون لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، كما يوجد في البلاد حوالي 200 ألف لاجئ فلسطيني، بحسب التقديرات اللبنانية.
ويحتفل العالم بيوم الأغذية العالمي في 16 أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام، بمناسبة ذكرى تأسيس منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو".
واعتبرت المتحدثة نورة أن "إحياء المناسبة هذا العام يأتي فيما نشهد تحديات عالمية عدة تؤثر على الأمن الغذائي العالمي، بما فيها الصراعات والتغييرات المناخية وارتفاع أسعار الغذاء والتوترات الدولية".
ومنذ عام 2019، يشهد لبنان أزمة اقتصادية صنفها البنك الدولي إحدى أسوأ 3 أزمات في العالم منذ أواسط القرن التاسع عشر، حيث أدت إلى انهيار مالي وشح في الوقود والطاقة وسلع أساسية أخرى.